مختارات تتداخل فيها الأزمنة

النحاس يجمع كتاباته منذ السبعينات حتى الآن

«طلل وشرر» - المؤلف: رغيد النحاس
«طلل وشرر» - المؤلف: رغيد النحاس
TT

مختارات تتداخل فيها الأزمنة

«طلل وشرر» - المؤلف: رغيد النحاس
«طلل وشرر» - المؤلف: رغيد النحاس

في كتابه الجديد «طلل وشرر»، الصادر حديثا في سيدني، يقدم لنا الدكتور رغيد النحاس على مدى 323 صفحة من القطع المتوسط مختارات تم اختيارها بعناية من كتابات متفرقة له، دونها خلال فترات زمنية مختلفة توقفت عند أواخر العام المنصرم، وكان أقدمها ما كتبه تحت عنوان «الجار البعيد» عام 1973، وأهداه إلى «جده الشيخ أحمد عارف الزين، الذي خلع قنبازه الجديد ليقدمه لسائل طرق بابه يوم العيد». وضمت المختارات موضوعات مختلفة، انتقادية، واجتماعية، وسياسية، وعاطفية، وتصويرية وشخصية، وإنسانية.
وإزاء هذا نجد النحاس يعترف بأن كل موضوع تناوله يغلب عليه أن يكون حمّال أوجه لتلك الجوانب معا مهما تفاوتت نسبها، ومع أنه يرى أنه من غير المألوف أن يضم كتاب واحد هذا الخليط، نجده يفسر ذلك بكونه يحب دائما أن يتناول الوضع الإنساني في شموليته، لأنه واثق من تلازم هذه الجوانب ضمن الكل الواحد، وهو يقول إن هذا هو أحد الأسباب التي جعلت هذا الكتاب يضم النص والقصة والمقالة في آن.
وإذ تتداخل الأزمنة في الكتاب، نجد أن المؤلف يعود أحيانا إلى أيام الطفولة بما تحمله من براءة وصفاء، وهكذا نجده يهدي كتابه إلى عمته «درية» التي كانت تضمخ مساءات طفولته قبل النوم، بسرد شيء من قصص الأنبياء. وليس بعيدا عن ذلك، يذكرنا بفضل زميل تيسر له ولزملائه الآخرين في الدراسة الابتدائية، ساعده على مواصلة الإبحار مع القصص، إذ عُيّن ذلك الزميل «عريفا»، أي أنه كان يضبط الصف في غياب معلم لحصة كاملة، وكان يبهرهم خلال فترة الحصة بحكاياه التي كان يحفظ بعضها ويرتجل البعض الآخر، عن علاء الدين وفانوسه السحري، والسندباد البحري والبري، وغيرها.
يأخذنا الأسلوب الشائق للمؤلف إلى متابعة القراءة بلهفة، وعندما ننتهي من طي الصفحة الأخيرة من الكتاب نجد أن بعض ما تناوله من قصص وأحداث كان واقعيا تماما، وأن البعض الآخر رافقته خيوط من نسيج الخيال، الذي لم يكن خيالا محضا، بل كان هو الآخر مستنبطا أيضا من واقع تجربته الإنسانية، ومستندا إلى معطيات واقعية، سواء من حيث الشخصيات، أو الأحداث، أو الأماكن، ويهدف إلى عرض فكرة، أو تصوير واقع عام.
ومع أن المؤلف يعترف بأن مقالاته التحليلية قد تبدو «سياسية» من خلال إيحاءات عناوينها، فإنه يوضح على صعيد آخر أن ما يهمه فيها هو إسقاطاتها الإنسانية والاجتماعية، وأنه لولا ذلك ما همه كتابتها. وهو يقول في هذا الصدد إن «السياسة عملية نمارسها في كل مجالات الحياة، بما في ذلك الحب، ولا عيب فيها سوى إساءات بعض السياسيين المحترفين. ليست لدي مشكلة إذا ما اعتبر القارئ أن كتابتي أشبه بالسيرة الذاتية، لكني أراها مقتطفات موجزة من (سيرتي الفكرية)».
لقد عرفنا الدكتور رغيد النحاس مترجما بارعا من العربية إلى الإنجليزية وبالعكس، إلا أن كتابه الجديد «طلل وشرر» جاء خاليا من أي مادة مترجمة. ولكن مع ذلك نجد أنه لم ينس شواغل وهموم المترجم الكامنة داخله، إذ تطرق إلى الترجمة في مادة احتلت تسع صفحات من صفحات الكتاب، جاءت تحت عنوان «في يد جبران»، وكانت هذه المادة في الحقيقة هي الكلمة التي ألقاها في حفل تسلمه جائزة جبران خليل جبران العالمية التي منحته إياها رابطة إحياء التراث العربي في أستراليا، وقد تطرق فيها أيضا إلى تجربته المقدامة في إصدار مجلة «كلمات» الدورية العالمية للكتابة الخلاقة بالإنجليزية والعربية التي صدر 26 عددا منها باللغتين بين عامي 2000 و2006 بجهود شخصية، ومن دون وجود أي دعم عربي أو أسترالي، مما أدى إلى توقفها نهائيا، بعد أن تحمل الدكتور النحاس الكثير من الخسائر المادية وأنفق الكثير والكثير من المال والجهد.
وفي هذه الكلمة يعتبر الدكتور النحاس أن الترجمة الأدبية هي عملية تشويه في أفضل حالاتها، ويقول «قد يتفاجأ البعض إن قلت إنني لا أتهافت عليها، بل أفضل صرف الوقت في الكتابة. لكنها بلا شك ضرورية لنقل الأفكار والتواصل، لأنها في بعض الحالات الوسيلة الوحيدة للقيام بذلك. ومن هنا كانت المسؤولية الواقعة على المترجم مسؤولية كبرى».
وبالربط بين الجائزة وجبران وتجربة مجلة «كلمات» والترجمة نجده يقول «حين انطلقت (كلمات) كان الهم الأكبر، بالإضافة إلى الاحتفاء بجمال الكلمة وروعة الإبداع الفكري، هو اختراق الثقافة الغربية في عقر دارها، بمعنى الولوج في موكبها، والسير معها كرديف يحمل إرث حضارة خالدة يمكنها أن تسهم في إغناء فكر أستراليا، والوطن الجديد الذي اخترناه، والذي يتيح لنا في الوقت نفسه الاستفادة من الثقافات المتعددة المحيطة بنا، مما يزكي عملية التواصل بطريقة تصان فيها كل ثقافة في حد ذاتها على الرغم من تمازجها بالثقافات الأخرى».
وهو يوضح أن التمازج الذي ذكره هو ليس تمازجا كيميائيا بالضرورة، بل هو أقرب إلى التمازج الفيزيائي الذي يخلط بين العناصر المختلفة في بوتقة واحدة، من دون أن يفقد أحدها خواصه المميزة. ولعل في هذا النوع من الاتحاد فضائل تطغى على أي مزايا للوحدة الكاملة التي ستقضي حتما على الخواص المميزة للأطراف المتواصلة، وفي أغلب الأحيان ربما تجعل خواص طرف معين هي الخواص الرابحة على حساب الأخرى.
وفي هذا الإطار نجده يفسر حرصه على الفصل بين إصداراته الإنجليزية والعربية، مؤكدا أنه على الرغم من إيمانه بأهمية التواصل، فإنه كان ولا يزال حريصا على صيانة خصوصية كل لغة، وعلى أمانة الترجمة، وعلى أن تنتقل إلى اللغة الأخرى كما قصدها كاتبها فكرا وتوجها، ولكن بلبوس اللغة الجديدة.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».