غوتيريش يرشح رمطان لعمامرة مبعوثاً أممياً إلى ليبيا

معارك وشيكة في سرت... وأميركا تدعو لاستئناف المحادثات

وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان العمامرة (رويترز)
وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان العمامرة (رويترز)
TT

غوتيريش يرشح رمطان لعمامرة مبعوثاً أممياً إلى ليبيا

وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان العمامرة (رويترز)
وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان العمامرة (رويترز)

كشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة، أمس، أن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش اختار وزير الخارجية الجزائري السابق، رمطان لعمامرة، رئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، ومبعوثاً خاصاً له إلى هذا البلد العربي - الأفريقي، خلفاً للوزير اللبناني السابق غسان سلامة، الذي استقال من منصبه الأسبوع الماضي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الصلة بعملية الاختيار أن انتقاء لعمامرة جاء «بعد مداولات على أرفع المستويات» بشأن خلافة سلامة، إذ إن «الأمين العام للأمم المتحدة تلقى اتصالات من مسؤولين كبار في جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي حيال الشخصية، التي ستقوم بمهمة تحريك العملية السياسية، لا سيما بعدما جرى التوصل إلى خريطة طريق خلال مؤتمر برلين بحضور دولي رفيع».
وتسعى الأمم المتحدة إلى معاودة الحوار بين الليبيين في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية، في ظل تردي الأوضاع على الأرض بسبب الصدامات العسكرية بين قوات «حكومة الوفاق الوطني»، بقيادة فايز السراج، و«الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر.
وأكد دبلوماسي أوروبي، طلب عدم نشر اسمه، أن «الأمانة العامة تشاورت مع لعمامرة قبل اختياره».
وقبل ترشيح لعمامرة جرى التداول في أسماء عدة، أبرزها وزير الخارجية التونسي السابق خميس الجهيناوي. غير أن «الرئيس التونسي قيس سعيد فضّل أن تبقى بلاده بمنأى عن القضايا المعقدة لدى جارتها ليبيا». واقترح آخرون ترشيح نائبة غسان سلامة الأميركية ستيفاني ويليامز لهذه المهمة، بيد أنها استبعدت في مرحلة مبكرة. كما اقترح البعض تسمية السوداني الموظف الدولي يعقوب الحلو «استجابة لمطالبة الاتحاد الأفريقي بتعيين مبعوث من دول القارة للتعامل مع الأزمة الليبية». كما ركز الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على ضرورة اختيار مبعوث عربي الهوية في ليبيا، وقدم اسم مرشح آخر من موريتانيا.
وأكد مسؤول رفيع في الأمم المتحدة أن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا)، لم تعط بعد موقفاً نهائياً من اختيار لعمامرة، علما بأنه «لا توجد تحفظات من الدول العشر المنتخبة»، التي عقدت اجتماعاً أول من أمس، وهي جنوب أفريقيا وإندونيسيا وألمانيا وجمهورية الدومينيكان، وبلجيكا وفيتنام وتونس، وسانت فنسنت وغرانادين والنيجر وإستونيا. ولم يعرف موقف المغرب من اختيار سياسي من الجزائر لهذه المهمة في بلد مجاور.
وشغل وزير الخارجية الجزائري السابق رمطان لعمامرة، مناصب عدة في الأمم المتحدة، ويوصف بأنه «يقف على مسافة واحدة» من أطراف النزاع في ليبيا.
واشتغل لعمامرة سابقاً بمنصب الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، ومبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيريا بين عامي 2003 و2007. كما عمل في المجال الدبلوماسي سفيرا للجزائر لدى الأمم المتحدة بين عامي 1993 و1996. وانخرط في العديد من الوساطات لحل بعض النزاعات في أفريقيا، حتى تم تعيينه وزيراً للخارجية عام 2013، وشغل أيضاً منصب الأمين العام لوزارة الخارجية.
وكان سيريل رامافوزا، رئيس جنوب أفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، قد أعلن عقب اجتماعه مع رئيس حكومة «الوفاق» الليبية فائز السراج في بريتوريا، تفضيله اختيار شخصية أفريقية في هذا المنصب. ونقل السراج في بيان وزعه مكتبه مساء أول من أمس، عن سيريل، قوله إنه يحبذ أن يكون المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا من أفريقيا، واعتبر أن مصلحة ليبيا تكمن في السلام ووقف الهجوم على طرابلس، وأن إغلاق المواقع النفطية يضر بمصلحة الشعب الليبي. كما تعهد بأن تقوم بلاده بما وصفه بدور فعال ومحايد لتحقيق السلام على أرضية الاتفاق السياسي.
ومن جهته، قال السراج إنه يعول على جنوب أفريقيا في قيادة الاتحاد الأفريقي خلال هذه الفترة الصعبة ليولي اهتماما أكبر بالأزمة الليبية، مشيدا بعمل اللجنة رفيعة المستوى حول ليبيا، التي يترأسها رئيس الكونغو برازفيل.
وتبدأ اليوم أعمال اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي حول ليبيا في مدينة أويو الكونغولية. ويأتي هذا الاجتماع لتنسيق المواقف الدولية من أجل استئناف المسار السلمي التفاوضي بين أطراف الأزمة الليبية، بعيدا عن التدخلات العسكرية الأجنبية، وبما يضمن وحدة وسيادة الدولة الليبية.
من جانبه، أكد السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند، أهمية استئناف المحادثات، التي تقودها ليبيا في ضوء القلق العميق إزاء الهدنة الهشة حول طرابلس، كما أكد مجددا خلال اجتماعه أمس مع السراج، هو الرابع من نوعه منذ توليه مهام منصبه في أغسطس (آب) الماضي، دعم بلاده المستمر للحل السياسي، الذي يسمح للشعب الليبي بأن يحقق رغبته في حكم ديمقراطي لا يقصي أحدا.
وقال نورلاند في بيان للسفارة الأميركية، أمس، إنه ناقش مع السراج في بريتوريا «الجهود الدولية لدعم الحل السياسي للصراع في ليبيا»، وإنه شكر حكومة السراج على ما وصفه بمشاركتها الجادة في الحوارات الاقتصادية والأمنية والسياسية، التي قادتها الأمم المتحدة.
وبعدما شدد السفير الأميركي على «رؤية الولايات المتحدة لليبيا ذات سيادة، خالية من التدخل الأجنبي»، حذر من أن «الصراع الحالي يخاطر بتورط أجزاء أخرى من أفريقيا وكذلك منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط»، وتعهد بأن تواصل بلاده دعم الحل السياسي، الذي يسمح للشعب الليبي بتحقيق رغبته في حكم ديمقراطي شامل.
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن قياديين في قواتها، أنها استهدفت أمس مواقع للجيش الوطني في منطقة قصر بن غشير، وأكدا استعدادها لشن المزيد من العمليات ضد قواته.
ونفى المكتب الإعلامي لغرفة عمليات سرت الكبرى، تحقيق الميليشيات الموالية لحكومة السراج أي تقدمات مؤخرا، لافتا في بيان مقتضب أن الأوضاع «عادية ولا صحة لما يتداول إعلاميا». ومع ذلك، تخطط الميليشيات الموالية لحكومة السراج لشن هجوم ضد قوات الجيش الوطني في مدينة سرت الساحلية الاستراتيجية، التي تخضع لسيطرته منذ السادس من شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد تقدم خاطف سبقته ضربات جوية.



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».