«فرق الموت» تغتال فناناً ومحامياً جنوب العراق

«فرق الموت» تغتال فناناً ومحامياً جنوب العراق
TT

«فرق الموت» تغتال فناناً ومحامياً جنوب العراق

«فرق الموت» تغتال فناناً ومحامياً جنوب العراق

عاودت «فرق الموت» في العراق، مساء (الثلاثاء)، أعمالها المعتادة باغتيال الناشطين، والتي بدأت بعد أيام من انطلاق المظاهرات الاحتجاجية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومنذ ذلك التاريخ وهذه الفرق «المجهولة» تمارس أعمالها بحرية كافية من دون أن تواجه أي ملاحقات أو اعتقالات من قبل السلطات الحكومية. وفي آخر سلسلة الحوادث المتكررة، قام مسلحون من «فرق الموت» باغتيال ناشطين بارزين في الحراك الشعبي بمحافظة ميسان الجنوبية (350 كيلومتراً جنوباً)، أحدهما فنان، والآخر محامٍ. ولم يصدر عن السلطات المحلية أو الاتحادية أي بيان حول الحادث.
لكن الأنباء الواردة من مدينة العمارة مركز محافظة ميسان تفيد بأن «مسلحين مجهولين اغتالوا الفنان والناشط في الحراك الشعبي عبد القدّوس قاسم الحلفي، والمحامي كرار عادل، في منطقة الحي الصناعي وسط مدينة العمارة». وتضيف أن مسلحين من عناصر فرق الموت كانوا يستقلون دراجة هوائية قاموا بملاحقة الضحيتين في منطقة الحي الصناعي، وفتحوا نيران أسلحتهم عليهما، وقد فارقا الحياة على الفور.
وتحدث بعض الناشطين في العمارة عن أن «عملية الاغتيال تمت بطريقة الإعدام؛ حيث أُمر الشابان أن يجثوا على الأرض ثم فُتحت النيران عليهما».
وأثار حادث اغتيال الناشطين موجة غضب واستنكار شديدين من قبل جماعات الحراك، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات التنديد والأسف على فقدان الحراك أبرز قادته في العمارة. وكانت لافتةً المحادثة التي تداولها ناشطون بين المغدور الناشط عبد القدوس قاسم، وصديقه الناشط الآخر صفاء السراي، اللذين قتلا بقنبلة دخانية مطلع أكتوبر الماضي في ساحة التحرير ببغداد، وأظهرت المحادثة أن الاثنين كانا يتوقعان موتهما في كل لحظة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها فرق الموت باغتيال ناشطين في مدينة العمارة؛ حيث قامت هذه الجماعات الإجرامية باغتيال الناشط أمجد الدهامات مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بالقرب من ساحة المظاهرات في العمارة. ثم عادت تلك المجاميع وحاولت اغتيال الناشط باسم الزبيدي في شهر ديسمبر (كانون الأول) التالي، الذي نجا من محاولة الاغتيال بأعجوبة.
وفي فبراير (شباط) الماضي، اغتيل الناشط الصدري أبو مقتدى الأزيرجاوي في مدينة العمارة أيضاً، التي تعد أحد المعاقل الرئيسية لأتباع الصدر، ويشغل منصب المحافظ فيها القيادي الصدري علي دواي.
وفضلاً عن حالات الاغتيال في محافظة ميسان، وقعت على امتداد الأشهر الماضية حوادث مماثلة ضد ناشطين في بغداد ومدن ومحافظات وسط وجنوب البلاد التي غطتها المظاهرات الاحتجاجية.
وأبلغ ناشطون في العمارة «الشرق الأوسط» أن «عمليات الاستهداف والتهديد طالت عدداً كبيراً من الناشطين في المدينة منذ انطلاق المظاهرات، اضطر خلالها بعضهم إلى مغادرة المحافظة والسفر إلى تركيا ولبنان خوفاً على حياتهم».
ورغم عمليات الاغتيال المتكررة وحالات الاختطاف المتواصلة التي طالت هي الأخرى عشرات الناشطين، لم تتخذ السلطات الأمنية العراقية ما يحول دون تكرار عمليات الاغتيال والخطف. ورغم الدعوات والمطالب المتكررة من قبل المنظمات الحقوقية والدولية للسلطات العراقية بالتصدي لفرق الموت والعصابات المنفلتة والكشف عنها وتقديمها للعدالة، فإن السلطات تبدو عاجزة حتى الآن عن إحراز أي تقدم يذكر.
وفي هذا الاتجاه، يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي إن «مجموع محاولات الاغتيال التي طالت ناشطين وصحافيين وداعمين للاحتجاج بلغت 54 حالة، قتل فيها 26 ناشطا، والبقية نجوا من موت محقق». ويرى البياتي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة غير جادة في معالجة هذا الأمر الخطير، برغم اللجان التي تشكلها والبيانات التي تصدرها دون جدوى، كما أنها لم تضطلع بدورها في حماية المتظاهرين وإلقاء القبض على الجهات المخربة داخل المظاهرات وخارجها».
ويضيف أن «عجز الحكومة عن حماية الناس لا يؤدي بأي حال إلى تهدئة الأمور، ومع عدم محاسبة الجناة ستبقى الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات».
أما الخبير في الجماعات والفصائل المسلحة هشام الهاشمي فيرى أن السلطات متهمة بـ«توفير الغطاء اللازم لتلك الجماعات».
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «المؤشرات تدل على أن بعض الفصائل المسلحة هي من يقف وراء هذا الأعمال الشنيعة ضد الناشطين، والمشكلة أنها تعمل بغطاء الحكومة، لكنها في الواقع فوقها وفوق القانون، وبالتالي لا أحد قادراً على محاسبتها».
ويرى الهاشمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الاغتيالات نوعان، الأول عبارة عن عمليات تصفية متبادلة بين الفصائل، والآخر وهو الأخطر الاغتيالات التي تستهدف الناشطين والمعروفين بمواقفهم المناهضة للميليشيات وإيران».
بدورها، استنكرت نقابة المحامين العراقيين ما وصفته بـ«الحادث الآثم الذي تطاولت فيه أيادي الشر والإجرام، على اغتيال المحامي كرار عادل الناشط في مظاهرات محافظة ميسان».
وطالبت النقابة في بيان «رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب العراقي والأجهزة الأمنية، بالتدخل العاجل لحفظ دماء الشعب العراقي، والقيام بواجبهم في ملاحقة الخارجين عن القانون، وبالكشف العاجل والسريع عن الجناة الذين تجرأوا على أن تمتد أياديهم الخبيثة للنيل من أحد رجال العدالة، على خلفية نشاطه السلمي ومطالبته بالحقوق الدستورية المشروعة».
وشددت النقابة على أنها «ستقدم على خطوات تصعيدية في تدويل قضية قتل الشعب العراقي، وستطالب المحاكم الدولية بالتدخل لمحاكمة قتلة المتظاهرين السلميين والمقصرين في مسؤوليتهم تجاه حماية أرواح المواطنين، ما لم يتم اتخاذ الإجراءات الجدية بأسرع وقت، في كشف القتلة المجرمين».
من جهة أخرى، أفادت مصادر أمنية، أمس، بإطلاق سراح القيادي في «الحشد العشائري» ثامر التميمي (أبو عزام)، بعد اعتقال دام أكثر من 4 أشهر. وقالت المصادر إن «التميمي أطلق سراحه اليوم بعد أن تم اعتقاله في 8 أكتوبر 2019 على أيدي جهة أمنية لم يتم الكشف عنها». كانت الجهات التي قامت باعتقال التميمي من منزله في بغداد، نشرت عبر تسجيلات فيديو محضر التحقيق معه في تلك الفترة وهو يعترف بتقديمه الدعم للمتظاهرين وبالتنسيق في السفارة الأميركية، الأمر الذي اعتبر في حينه اعترافات انتزعت بالقوة لتشويه سمعة الحراك الاحتجاجي.



طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.