السلطة تقيد الحركة داخل بيت لحم... والمرجعيات الدينية تدخل على الخط

شاب مصاب يودع والدته ببدلة وقائية

مصنع «سوبر تكس» في الخليل يبدأ في إنتاج ملابس واقية من الفيروسات (وفا)
مصنع «سوبر تكس» في الخليل يبدأ في إنتاج ملابس واقية من الفيروسات (وفا)
TT

السلطة تقيد الحركة داخل بيت لحم... والمرجعيات الدينية تدخل على الخط

مصنع «سوبر تكس» في الخليل يبدأ في إنتاج ملابس واقية من الفيروسات (وفا)
مصنع «سوبر تكس» في الخليل يبدأ في إنتاج ملابس واقية من الفيروسات (وفا)

قيدت أجهزة الأمن الفلسطينية حركة المواطنين داخل مدن محافظة بيت لحم الثلاث: بيت لحم، وبيت ساحور، وبيت جالا، للحد من انتشار فيروس «كورونا» المستجد.
وأصدر محافظ بيت لحم، رئيس اللجنة العليا للطوارئ، كامل حميد، تعليمات باتخاذ إجراءات صارمة ومشددة، من أجل تقييد الحركة بين المدن، وكذلك بحق كل من يخرق الحجر الصحي. وقال حميد إنه سيتم اتخاذ إجراءات صارمة تجاه أي شخص يخضع للإجراء الصحي، ولا يلتزم بالتعليمات.
وعاشت بيت لحم واحدة من التجارب المحزنة أمس، بعد وفاة والدة أحد المحجورين في فندق «أنجل» في بيت جالا. وبخلاف المعروف، تم نقل جثمان الوالدة خديجة اللحام (في نهاية الستينات) إلى فندق «أنجل»، ليتمكن نجلها المحجور عليه بفيروس «كورونا» المستجد، من رؤيتها، وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها. وتوفيت اللحام جراء تعرضها لسكتة قلبية. وقال حميد: «حرصنا على وداع الابن لأمه، ضمن إجراءات طبية مشددة». وأكد مدير الصحة في بيت لحم، عماد شحادة، أن الوداع تم وفق إجراءات وقائية، بعدما تم إلباس الشاب بدلة وقائية خاصة.
واضطر الابن لتوديع والدته داخل سيارة نقل الموتى بعد تعقيمها، ثم تم تعقيم السيارة والجثمان مرة أخرى.
وتحاول السلطة السيطرة على الفيروس المستجد بإجراءات مشددة.
ودخلت المرجعيات الدينية على الخط، بعدما دعا الشيخ الدكتور عكرمة سعيد صبري، إمام وخطيب المسجد الأقصى المبارك، جميع الفلسطينيين، في ظل تفشي وباء «كورونا» وإعلان حالة الطوارئ وفرض الحجر الصحي، إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات الصادرة عن الجهات الرسمية، وذلك لمنع اتساع رقعة تفشي الوباء. وأضاف: «من لا يلتزم بالتعليمات الوقائية وتطبيق الحجر الصحي فهو آثم شرعاً، وهذا ما أميل إليه وأفتي به».
وسجلت حتى مساء أمس 30 إصابة مستقرة في الأراضي الفلسطينية: 20 ذكراً، و10 إناث. أما عدد الذين يخضعون للحجر المنزلي فيبلغ 3639، بينهم 2950 في مدينة بيت لحم، و500 في مدينة الخليل، والباقون في مدن رام الله، ونابلس، وطولكرم، وقلقيلية.
وأكد مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في فلسطين، جيرالد روكنشواب، أن الحكومة الفلسطينية اتخذت إجراءات متقدمة لمكافحة انتشار فيروس «كورونا»؛ حيث تقوم الحكومة ووزارة الصحة بإجراءات تفوق ما هو موصى به دولياً. وأضاف روكنشواب - خلال اجتماع مع وزيرة الصحة مي الكيلة في مكتبها بمدينة رام الله، أمس - أن وزارة الصحة ملتزمة بمعايير منظمة الصحة العالمية. وأكد استمرار المنظمة في تقديم كل الدعم الممكن للقطاع الصحي الفلسطيني، لمواجهة هذا الفيروس والحد من انتشاره.
وقال مدير مكتب منظمة الصحة في فلسطين: «أعتقد أنها خطوة ممتازة، أن يأخذ مكتب رئيس الوزراء القيادة في إدارة هذه الأزمة، وأخذ الأمر بهذا الشكل الجدي من أعلى مستوى سياسي». وأضاف: «نحن في منظمة الصحة العالمية، كمنظمة فنية، نقدم كل التوصيات على المستوى الفني لوزارة الصحة، ليكونوا ضمن المعايير الدولية».
وعلى صعيد التنسيق مع إسرائيل، نقلت تل أبيب إلى السلطة 20 طناً من المطهرات، من المصانع الإسرائيلية إلى المصانع الفلسطينية، بما في ذلك الكلور وأكسيد الهيدروجين، المستخدم لأغراض مختلفة، بما في ذلك التطهير والتعقيم والنظافة. كما تستخدم هذه المطهرات لتنظيف المساحات في الأماكن المفتوحة، وكذلك تساعد على تنظيف المساحات في الأماكن المغلقة، بما في ذلك المساجد والكنائس.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».