المغرب: تقارب بين أكبر حزبين محافظين استعداداً للانتخابات المقبلة

TT

المغرب: تقارب بين أكبر حزبين محافظين استعداداً للانتخابات المقبلة

في تقارب أملته الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أعلن حزبا «الاستقلال» (معارضة)، و«العدالة والتنمية» (غالبية)، المغربيين دعمهما مواصلة مسار الإصلاح السياسي وتسريع وتيرته.
جاء ذلك خلال لقاء تواصلي عقدته قيادتا الحزبين، مساء أول من أمس، بالرباط، بمبادرة من نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، وسعد الدين العثماني الأمين العام لـ«حزب العدالة والتنمية»، متزعم الائتلاف الحكومي، وهما من أكبر الأحزاب السياسية المغربية المحافظة.
وكان حزب الاستقلال قد مرّ بمرحلة صاخبة عندما تولى حميد شباط منصب الأمين العام، ودخل بعدها في صراع مع عبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق لـ«حزب العدالة والتنمية»، ورئيس الحكومة الأسبق، ما أدى إلى سحب الحزب لخمسة من وزرائه، وتسبب في إرباك كبير لحكومة عبد الإله ابن كيران الأولى. واستمرَّت المناوشات السياسية بين زعيمي الحزبين طوال الولاية الحكومية السابقة. لكن بعد تصدّر «العدالة والتنمية» من جديد الانتخابات التشريعية لعام 2016 طوى الحزبان مرحلة الخلاف، وتلقى شباط آنذاك وعداً بالمشاركة في حكومة ابن كيران الثانية، التي لم ترَ النور بعد أن تقرر إعفاؤه من تشكيلها، وتكليف الدكتور سعد الدين العثماني بذلك. واعتبرت قيادتا «الاستقلال» و«العدالة والتنمية»، في بيان مشترك، صدر عقب اللقاء الذي قد يؤسس لتحالف جديد بينهما، أن مواصلة مسار الإصلاح السياسي من شأنه أن «يوطد دولة الحق والقانون والمؤسسات، ويعزز مصداقية المؤسسات المنتخبة، ترصيداً للمكتسبات الديمقراطية والسياسية والتنموية، التي راكمها المغرب، وتحصيناً للنموذج المجتمعي المغربي الدينامي والمتطور في انسجام مع الثوابت الدستورية الجامعة ككل غير قابل للتجزيء».
وحسب البيان ذاته، فقد تطرق الحزبان إلى تطورات الوضع السياسي بالبلاد، والتحديات المعقدة المطروحة اليوم أمام الفاعل الحزبي للنهوض بأدواره التأطيرية والتوجيهية والاقتراحية، في أفق طفرة نوعية تستجيب لحاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين، بما يعيد الثقة للمواطن للمشاركة في الحياة العامة، والمساهمة في تفعيل المواطنة النشيطة، والانخراط الإيجابي في البناء المشترك.
وثمّنت قيادتا الحزبين انطلاق ورش المشاورات مع رئيس الحكومة حول الإصلاحات السياسية والانتخابية، في إطار الحوار والتشاور، لا سيما الإصلاحات الرامية إلى مراجعة المنظومة الانتخابية وتقوية المشاركة السياسية، وإلى تخليق الانتدابات التمثيلية، واحترام إرادة المواطنات والمواطنين في اتخاذ القرار السياسي، والتنموي على الصعيدين الوطني والترابي.
كما أكد الحزبان أن اللقاء «مر في أجواء أخوية وإيجابية»، وأنه تقرر مواصلة الطرفين للقاءاتهما المشتركة: «بما يسهم في تحقيق التعبئة الوطنية المأمولة لإنجاح كل الاستحقاقات الوطنية، التي تستشرفها المملكة».
في السياق ذاته، شدد المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية المعارض على «ضرورة أن تتوفر للاستحقاقات المقبلة أجواء سياسية ملائمة، كفيلة بأن تعيد للعمل السياسي والمؤسساتي قيمته». وأفاد في بيان أنه «من شأن هذه الأجواء أن تتيح مناخ التعبئة اللازمة لتحقيق الطموحات التنموية والديمقراطية للمغرب، وخلق دينامية جديدة بالفضاء الوطني العام». ودعا الحزب إلى «ضرورة قيام المملكة بخطوات ومبادرات وإصلاحات تروم تجاوز ضبابية الأوضاع، وتراجع منسوب الثقة».
في سياق ذلك، شدد الحزب على مواصلة مساعيه نحو «تقوية الصف الوطني الديمقراطي، وتفعيل حركة مجتمعية مواطنة، بالموازاة مع مجهودات تمتين الأداة الحزبية». وتطرق الحزب إلى التداعيات المحتملة للقرار المتعلق بدخول المغرب في مرحلة ثانية من سياسة تحرير سعر صرف الدرهم، وأكد على «ضرورة أن تتخذ السلطات العمومية المكلفة بضبط وتقنين القطاع المالي الوطني كافة الاحتياطات، والتدابير الكفيلة بضمان نجاح هذا الانتقال، وتأمين حسن سير سوق الصرف».
على صعيد آخر، طالب المكتب السياسي الحكومة «بممارسة واجبها من خلال اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير القانونية والتنظيمية الاقتصادية، التي تمكن على المدى القريب والمتوسط والبعيد، من عقلنة وحكامة وشفافية التجارة والمنافسة في قطاع المحروقات، ومحاربة كل أشكال الممارسات غير المشروعة فيه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».