سوريون يودّعون بفرح «حاجز الرعب» في ريف دمشق

TT

سوريون يودّعون بفرح «حاجز الرعب» في ريف دمشق

بعد أيام قليلة على وقوع الحادث المروري على الطريق السريعة دمشق - حمص الذي قضى فيه أكثر من 30 شخصاً؛ معظمهم زوار عراقيون، قامت دمشق بإزالة حاجز «القطيفة» التابع لـ«الفرقة الثالثة» والذي وقع الحادث قريباً منه عند بلدة القطيفة (40 كيلومتراً شمال دمشق)، فيما تم الإبقاء على حاجز «الثنايا» عند «جسر بغداد» التابع لـ«الفرقة الرابعة» والذي تسبب وجوده في كثير من الحوادث المروعة.
وصرح رئيس فرع مرور ريف دمشق العقيد عبد الجواد العوض لإذاعة محلية بأنه تمت «إزالة حاجز القطيفة ذهاباً وإياباً من على الأوتوستراد الدولي دمشق - حمص صباح الأربعاء» وذلك «لتفادي تكرار الحوادث من جهة؛ ولفسح المجال أمام السيارات السياحية والصغيرة لسهولة العبور من جهة أخرى». ولفت إلى أنه تم تخصيص تحويلة للشاحنات الكبيرة، فضلاً عن إزالة المطبات ووضع شاخصات مناسبة لتنبيه السائقين.
وشهدت الطريق السريعة دمشق - حمص عند حاجز «جسر بغداد» المعروف باسم «حاجز الثنايا»، حادثاً مروعاً في 7 مارس (آذار) الحالي قيل إن سببه فقدان سائق سيارة صهريج السيطرة على سيارته بسبب عطل في المكابح، واصطدامه بحافلتي ركاب عراقيين و15 سيارة كانت على طريق السفر، فكانت حصيلة الحادث 32 حالة وفاة و77 إصابة.
وعبّرت مصادر أهلية في دمشق عن ترحيبها بإزالة حاجز «القطيفة» الذي أطلق عليه السوريون «حاجز الرعب» الذي يخاف منه الجميع، لكن المصادر أشارت إلى وجود مفارقة في إزالة حاجز «القطيفة» الذي كان موقعه مدروساً أكثر فيما يخص حركة السير لأنه يقع على مرتفع؛ إذ تخف سرعة السيارات الآتية تلقائياً لتتوقف عند الحاجز، أما حاجز «الثنايا» عند «جسر بغداد» فيقع بمنطقة منخفضة تزيد فيها سرعة السيارات، «وهناك سائقون مستهترون يمكن أن يفلتوا السيارة لتنزل بسرعة، أو تكون هناك أعطال بالمكابح فتفقد السيطرة على السيارة، خصوصاً سيارات الشحن والصهاريج، متسببة في الاصطدام برتل السيارات المتوقف عند الحاجز، وقد تكرر وقوع هذه الحوادث، وكان الأفضل إزالة هذا الحاجز أيضاً إضافة إلى فتح مسارب نجاة على جانبي الطريق في هذه المنطقة لتجنب الاصطدام بالسيارات على الطريق الرئيسية».
ومع أن حاجز «الثنايا» تابع لـ«الفرقة الرابعة» التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس، فإنه لم يكتسب صيتاً مرعباً كحاجز «القطيفة» بوصفه أحد أكبر وأخطر الحواجز العسكرية في ريف دمشق، والذي يرهب الجميع المرور عبره، وذلك لاشتراك العديد من الجهات الأمنية فيه؛ إذ يبلغ عدد عناصره نحو 300 عنصر، «ويتم فيه توقيف المشتبه بهم من المعارضين بتهم الإرهاب ووهن عزم نفسية الأمة، وأيضاً توقيف المطلوبين للخدمة العسكرية». وموقعه على عقدة الربط بين شمال سوريا وجنوبها وعبور جميع القادمين إلى دمشق من المحافظات الأخرى، جعله بمثابة فلتر (مصفاة)، بحسب التعبير الشعبي، لجميع المطلوبين بين الآتين إلى دمشق أو الخارجين منها، وهو الحاجز الذي اعتقل عنده المئات من السوريين خلال السنوات التسع الماضية، بينهم العشرات الذين اعتقلوا لتشابه بالأسماء.
كما عدّ هذا الحاجز مع حواجز أصغر نشرت على طريق دمشق ـ حمص، متراس الحماية الأهم لمدينة دمشق من هجمات المعارضة المسلحة في ريف دمشق خلال سنوات الحرب قبل استعادة النظام سيطرته الكاملة على الغوطة الشرقية وسلسلتي القلمون الشرقية والغربية اللتين تحاذيانه من الجانبين، عام 2018.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.