ماذا يجمع بين اللاجئ الروسي والسوري في فرنسا؟

TT

ماذا يجمع بين اللاجئ الروسي والسوري في فرنسا؟

لم يعد تعرض الشاب الروسي بيوتر بافلنسكي وزوجته الكسندرا دو تاديو للسجن مدة قد تكون قصيرة في فرنسا، أمراً بسيطاً في هذا البلد، رغم حصولهما على اللجوء مسبقا منذ سنوات وبحثهما عن العودة بعدها لروسيا!...
القضية التي حملت اسم «جريفو»، وعلى أساسها نُشر كثير من التقارير الإعلامية والتلفزيونية حولها، قد لا تختلف عن التحقيق والقبض على معارض سوري سبق أن حارب النظام السوري بريف دمشق، حيث قام محمد مصطفى علوش بطلب التمويل والدراسة في جامعة فرنسية، بعد أن حصل على قرار اللجوء. لكن بدأت فرنسا بمراقبته ومعرفة تاريخه، خاصة أنه رفض أن يدخل كعضو في «الائتلاف السوري المعارض».
وكانت المحكمة الفرنسية قد حققت مع الروسي بافلنسكي وزوجته الكسندرا، وكانا متهمين بتورطهما بنشر وتوزيع فيديوهات خاصة بهم، ما أدى إلى استقالة وتخلي المسؤول «بنجامان كريفو» عن إمكانية عمله في بلدية مدينة «باريس».
وحسبما نشرت الصحف الفرنسية، وصل المعارض الروسي المذكور - مع عائلته - إلى فرنسا في شهر يناير (كانون الثاني) 2017. وحصل على قرار اللجوء السياسي بذات العام.
لكن، رغم أن الشاب الروسي البالغ من العمر 35 عاماً (وزوجته الأكبر منه سناً)، أثبت أنه مهدد من القيادة والقوات الروسية، حكم عليه بالسجن بباريس 3 سنوات. سنتان منها كانت لأنه ساهم بإحراق مصرف فرنسي بباريس. والسنة الثالثة للحبس، هي نتيجة مشاكل كثيرة قام بها الشاب بافلنسكي، ومن بينها تحول كل من يرافقه لشخص «عنيف»، رغم أنه رافق مع زوجته لفرنسا ولدين روس صغيرين.
ورغم أن بيوتر بافلنسكي قد يشبه محمد مصطفى علوش كشخص يمكن أن يكون مرسلاً لفرنسا لحمل المصائب والمشاكل، لكن اللاجئين السوريين ليسوا كاللاجئين الروس.
يقول مارك لـ«الشرق الأوسط» معه أن «فرنسا لا تنظر للاجئ السوري كشخص مخيف، بل تقدم المساعدة المادية والصحية للاجئين من سوريا خاصة أن الحرب لم تنته هناك». وأوضح أن فرنسا «كانت تنظر بشأن روسيا على أن حوالي 90 في المائة ممن لجأ من روسيا - تاريخياً - هم من الاتحاد السوفياتي والذي قسم لعدة دول بعدها. كما بدأت روسيا النقاش مع دول أوروبية حول أن روسيا سبق أن أصبحت دولة استقبلت المهاجرين»، مشيرة إلى «وصول منذ سنوات 3.4 مليون مهاجر أوزباكي، و1.7 مليون من طاجكستان، و1.3 مليون أوكراني، وما بين 300 ألف و600 ألف لاجئ من قيرغيزستان وكازاخستان وأذربيجان وكذلك من أرمينيا والمولداف وغيرهم من ذات الاتحاد».
من جهته، يقول الشاب الفرنسي باتريك إن بلاده لا تتوقف بسهولة عن قانون اللجوء، لكنها تحاسب وقد ترحّل أو تسجن من يتسبب بجرائم بأي مدينة في فرنسا، أو أنه قام ببعض جرائم الحرب في سوريا، حاملاً السلاح علما بأن بعض المسؤولين الفرنسيين بدأوا يحسبون الأمور المتعلقة بعدد المسلمين الموجودين في هذا البلد. وتؤكد الإحصاءات أنه أصبح - هذا العام - ما بين 230 ألف عمل بفرنسا، هناك 30 ألف فرصة عمل بدون دخل شهري أو ما يعرف بالسوق السوداء.
وهو يعمل في «ورشة تحليلات اقتصادية وسياسية»، ذلك أنه يرى أن «نسبة البطالة التي وصلت إلى 6 ملايين عاطل عن العمل في فرنسا، ألا تجعل من الأفضل أن نوفر العمل للفرنسيين قبل كل شيء؟ لكن السؤال الأكبر كان حول اعتياد عدد كبير من الفرنسيين على المساعدات الاجتماعية بدل العمل لمدة طويلة في الأسبوع، مهما كانت نوعية العمل، ورغبتهم بالبقاء –بدل العمل - على المساعدات النقدية المقبولة شهرياً».
ودون أي شك، أصبح وضع معظم اللاجئين السوريين بفرنسا أفضل، وخاصة من عمل منهم بعد أن أتمم دراسة اللغة الفرنسية بشكل منتظم، وحاول الحصول على أي عمل سواء بالبناء، أو بافتتاح أي مشروع استثماري كمطعم أو العمل في أي مصنع صغير.
رغم أن معظم اللاجئين السوريين ممن كانوا ضد النظام بدأوا يخافون من رؤية - أو حتى التشارك - مع لاجئ روسي لا يستطيع التكلم أفضل باللغة الفرنسية خاصة أن اللغة الفرنسية لا يتم تعليمها بشكل مناسب في روسيا، والتي تعتبر مع الاتحاد الأوروبي كبلد كبير وفيه 100 ألف نهر.



مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

هيمن كل من الحرب في غزة، وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين، بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر، إذ شاعت نبرة غير متفائلة حيال مستقبل هذين الملفين سواء في عهدة الجمهوري دونالد ترمب، أو منافسته الديمقراطية كامالا هاريس اللذين يصعب توقع الفائز منهما.

وبدا تحفظ رسمي مصري بشأن شخص الرئيس الأميركي المفضل لدى الدولة المصرية، فيما قال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «الرهان على رجل أو سيدة البيت الأبيض المقبل كان من بين أسئلة وجهها برلمانيون مصريون إلى مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، داخل مجلس النواب قبل أيام، إلا أنه لم يرد بشكل حاسم».

ويختار الأميركيون رئيسهم الـ47 بين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترمب، في نهاية حملة ترافقت مع توتر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط، يراه محللون عاملاً مهماً في الترتيبات المستقبلية لحسابات مصر.

ولا يرى دبلوماسيون مصريون، ومن بينهم محمد العرابي رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق «خياراً مفضلاً للمصالح المصرية» بين أي من هاريس أو ترمب.

ويرى العرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «جوانب إيجابية وسلبية لدى كلا المرشحين، بشأن معادلة العلاقات مع مصر وحرب غزة».

فيما لا يكترث المفكر السياسي والدبلوماسي المصري السابق مصطفى الفقي، بالفروق الضئيلة بين حظوظ ترمب وهاريس، ويرى أنهما «وجهان لعملة واحدة في السياسة الأميركية، وهو الدعم المطلق لإسرائيل»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط».

وإلى جانب الاقتناع بالدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، فإن هناك تبايناً آخر في ترجيحات البعض، إذ يعتقد رئيس حزب «الوفد» (ليبرالي) عبد السند يمامة أن «نجاح هاريس بسياساتها المعتدلة يصب في صالح السياسة الخارجية المصرية في ملف غزة».

في المقابل، يرجح رئيس حزب «التجمع» المصري (يسار) سيد عبد العال «اهتمام ترمب الأكبر بسرعة إنهاء الحرب في غزة»، موضحاً أن «مصالح مصر هي ما يحدد العلاقة مع الرئيس الأميركي المقبل».

وبالنسبة لوكيل المخابرات المصرية الأسبق اللواء محمد رشاد، فإن هناك انعكاسات خطيرة لفوز ترمب على «مصالح مصر فيما يخص ملف تهجير الفلسطينيين إلى سيناء».

ويعيد رشاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التذكير «بمشروع المرشح الجمهوري القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء، وهذا ضد مصر»، علماً بأن صهر ترمب وكبير مستشاريه السابق اقترح في مارس (آذار) إجلاء النازحين الفلسطينيين في غزة إلى صحراء النقب جنوب إسرائيل أو إلى مصر.

في المقابل، تبدو نبرة الثقة من برلمانيين مصريين في قدرة الدبلوماسية المصرية على التعامل مع أي مرشح فائز، خصوصاً في ملف حرب غزة.

ويقول وكيل لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري أيمن محسب، لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة ستتعاطى بإيجابية مع أي فائز ينجح في وقف الحرب في غزة والتصعيد في المنطقة».

بينما يلفت عضو مجلس الشيوخ إيهاب الهرميل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «التواصل الدوري من مصر الرسمية مع أطراف في المعسكرين الحاكمين بأميركا، بشأن غزة وجهود الوساطة المصرية - القطرية».

وخلال الشهر الماضي، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في اجتماعين منفصلين وفدين من مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، ضما أعضاء من المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، حيث تمت مناقشة جهود تجنب توسيع دائرة الصراع في المنطقة.

وبشأن نزاع «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، يراهن متابعون على مساندة ترمب لمصر حال فوزه، بعدما أبدى اهتماماً لافتاً بالقضية في ولايته الأولى، واستضاف مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما سبق أن حذّر الإثيوبيين عام 2020 من «تفجير مصر للسد، بعد أن ضاقت بها السبل لإيجاد حل سياسي للمشكلة».

لكنّ رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، يقول: «مصر لا تُعوّل على أحد، تتحرك من منطلق أنها دولة أفريقية مهمة في قارتها، وتحرص على مصالحها»، فيما يُذكّر وكيل الاستخبارات السابق بأن «ترمب لم يُحدث خرقاً في الملف» رغم اهتمامه به.

ومن بين رسائل دبلوماسية متعددة حملها آخر اتصال بين مصر وإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعاد وزير الخارجية بدر عبد العاطي، الأحد الماضي، التأكيد لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على أن «مصر لن تسمح لأي طرف بتهديد أمنها المائي».

سؤال وجّهه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري للمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي

شعبياً، بدا أن المصريين لا يلقون اهتماماً كبيراً بالسباق الأميركي، وهو ما كشفته محدودية الردود على سؤال بشأن توقعات المرشح الأميركي الفائز، ضمن استطلاع أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع للحكومة المصرية.

وبدت تباينات الآراء في الاستطلاع الذي نشر عبر «السوشيال ميديا»، إذ رأى أحد المعلقين أن هاريس الأقرب، في مقابل آخر رجح فوز ترمب. لكن المثير للاهتمام هو توقع أحد المستطلعين «فوز نتنياهو»، أو على حد قول أحد المصريين باللهجة العامية المصرية: «شالوا بايدن وجابوا ترمب أو هاريس... كده كده اتفقوا على حماية إسرائيل».