أي مآلٍ ينتظر المعارضة بعد استقالة 11 نائباً من «قلب تونس»؟

عدم انسجام مواقفها يحول دون التقائها حول أهداف سياسية محددة

TT

أي مآلٍ ينتظر المعارضة بعد استقالة 11 نائباً من «قلب تونس»؟

أرجع حاتم المليكي، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «قلب تونس» الذي يتزعمه نبيل القروي، استقالة 11 نائباً من الحزب الفائز بالمرتبة الثانية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلى «سوء التسيير وغياب الحوكمة داخل الحزب، ووجود اختلافات حول آليات اتخاذ القرار والمواقف السياسية من الحكومة، ومن رئاسة الجمهورية. علاوة على رفضهم توجهات الحزب الحالية».
ومن شأن هذه الانقسامات داخل الحزب الذي حصل على 38 مقعداً برلمانياً خلف «حركة النهضة»؛ (إسلامية)، أن تزيد من تشتت صفوف المعارضة داخل البرلمان التونسي، وهي معارضة تتكون أساساً من حزب «قلب تونس»، و«ائتلاف الكرامة» (21 مقعداً)، و«الحزب الدستوري الحر» (17 مقعداً).
ونتيجة لهذه الانقسامات التي تحدث لأول مرة بشكل علني منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية في تونس، سارع، أمس، نبيل القروي إلى عقد اجتماع مع نواب كتلة الحزب في البرلمان، في محاولة لرأب الصدع مع النواب المستقلين، وقطع الطريق أمام استقالات جديدة.
وتوجّه النواب المستقيلون، ومعظمهم من قيادات الصف الأول في حزب «قلب تونس»، أمثال حاتم المليكي، الذي قاد الحملة الانتخابية في منافسات الرئاسة التي ترشح لها نبيل القروي، ورضا شرف الدين، رجل الأعمال المعروف الذي كان من أهم مؤسسي «حزب النداء»، بطلب تفعيل وإدراج استقالتهم من الكتلة النيابية للحزب خلال أول جلسة عامة برلمانية.
وكانت خلافات جوهرية برزت بين قيادات حزب «قلب تونس» خلال اجتماع «المجلس الوطني»، الذي سبق عملية التصويت على حكومة الحبيب الجملي، بعد أن دعا عدد من النواب الذين أعلنوا استقالتهم إلى ما سموه «التصويت الإيجابي» لفائدة الحكومة. إلا إن هذا الموقف لاقى رفضاً حاداً داخل البرلمان، ليتضح بعد التصويت أن ممثلي حزب «قلب تونس» صوتوا ضد حكومة الجملي، وهو ما أدى إلى فشلها في نيل ثقة البرلمان.
وأثناء التصويت لفائدة حكومة إلياس الفخفاخ، ظهرت مجدداً خلافات عميقة حول الانضمام إلى الائتلاف الحاكم أو الخروج إلى المعارضة. غير أن رفض عدد من الأحزاب السياسية مشاركة حزب «قلب تونس» في الحكم، أدى إلى وجوده في صفوف المعارضة. وقد أكد إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة خلال أول اجتماع يعقده بعد نيل ثقة البرلمان، ضرورة وجود حزب «قلب تونس» في صفوف المعارضة.
وأصبح حزب «قلب تونس» بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قوة سياسية في تونس، وخليفة «حزب النداء» الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، في المشهد السياسي، خصوصاً بعد انضمام عدد من مؤسسي «النداء» إلى تركيبته، ومن بينهم نبيل القروي، الذي ترّشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، لكنه خسر بفارق كبير أمام منافسه قيس سعيد، الذي حصل على نحو 72 في المائة من الأصوات.
ويرى عدد من المراقبين أن تسجيل انقسامات داخل الكتلة البرلمانية لحزب «قلب تونس» من شأنه أن يزيد من ضعف الأحزاب المعارضة الثلاثة، وأن يضاعف حدة التوتر داخلها، خصوصاً أنها تعاني من عدم انسجام في مواقفها، مؤكدين أنها «معارضة لا يمكن أن تلتقي حول أهداف سياسية محددة، على اعتبار أن (قلب تونس)، بزعامة نبيل القروي يسعى إلى التقرب من الائتلاف الحاكم، ولا يمانع في مشاركة (حركة النهضة) الحكم. في حين أن (ائتلاف الكرامة)، الذي يترأسه سيف الدين مخلوف لا يمكن أن يلتقي مع (الحزب الدستوري)، الذي تتزعمه عبير موسي القيادية السابقة في حزب (التجمع) المنحل»، وهذا الائتلاف متهم من قبل «الدستوري الحر» بخدمة أجندات «حركة النهضة» ومساندتها، وهو مما يجعل إمكانية التقائهما صعبة؛ إن لم نقل مستحيلة. كما أن ائتلاف الكرامة بدوره رفض الانضمام إلى الائتلاف الحاكم في حال انضم إليه حزب «قلب تونس»، وذلك نتيجة اتهام رئيسه بتبييض الأموال والتهرب الضريبي، مما أدى إلى سجنه خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».