تريليون دولار مهددة بسبب «كوفيد ـ 19»... ومخاوف من «لحظة مينسكي»

توضح دراسة لـ«أونكتاد» أن الصدمة التي تسبب بها «كورونا» ربما تضع الاقتصاد العالمي على عتبة ركود (أ.ب)
توضح دراسة لـ«أونكتاد» أن الصدمة التي تسبب بها «كورونا» ربما تضع الاقتصاد العالمي على عتبة ركود (أ.ب)
TT

تريليون دولار مهددة بسبب «كوفيد ـ 19»... ومخاوف من «لحظة مينسكي»

توضح دراسة لـ«أونكتاد» أن الصدمة التي تسبب بها «كورونا» ربما تضع الاقتصاد العالمي على عتبة ركود (أ.ب)
توضح دراسة لـ«أونكتاد» أن الصدمة التي تسبب بها «كورونا» ربما تضع الاقتصاد العالمي على عتبة ركود (أ.ب)

وجد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في دراسة تحليلية أن الصدمة التي يتسبب بها «كورونا» ستؤدي إلى ركود في بعض الدول، وستخفّض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5 في المائة، وفي أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزا في الدخل العالمي بقيمة 2 تريليون دولار. ودعت الأونكتاد إلى وضع سياسات منسقة لتجنب الانهيار في الاقتصاد العالمي.
وأشارت منظمة الأونكتاد إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2 في المائة لهذا العام قد يكلف نحو تريليون دولار، خلافا لما كان متوقعا في سبتمبر (أيلول) الماضي، أي أن العالم على عتبة ركود في الاقتصاد العالمي.
وفي مؤتمر صحافي عُقد مساء الاثنين في جنيف، قال ريتشارد كوزيل - رايت، رئيس قسم العولمة والاستراتيجيات التنموية بالأونكتاد: «في سبتمبر الماضي كنا نتفحّص أي صدمات محتملة تلوح في الأفق نظرا للهشاشة المالية التي ظلت دون معالجة منذ أزمة عام 2008 واستمرار ضعف الطلب... إلا أن أحدا لم يتوقع ما يحدث الآن - ورغم ذلك فالقصة الأكبر هي وجود عقد من الديون والوهم والانجراف السياسي».
ووجدت الأونكتاد في دراستها التحليلية أن فقدان ثقة المستهلك والمستثمر هي أكثر النتائج المباشرة لانتشار العدوى. إلا أن الدراسة أكدت أن مزيجا من انخفاض أسعار الأصول، وضعف الطلب الكلي، وتزايد أزمة الديون، وتفاقم توزيع الدخل كل ذلك يمكن أن يؤدي إلى دوامة من التراجع تجعل من الوضع أكثر سوءا.
ولم تستبعد الدراسة الإفلاس واسع النطاق، وربما ستتسبب بـ«لحظة مينسكي»، وهي انهيار مفاجئ لقيم الأصول التي تمثل نهاية مرحلة النمو في هذه الدورة. وأضاف كوزيل - رايت أن «انهيار سعر النفط أصبح العامل المساهم للشعور بالذعر وعدم الراحة، ولهذا السبب من الصعب التنبؤ بحركة الأسواق. هذه الحركة تشير إلى عالم شديد القلق، وهذه الدرجة من القلق تتجاوز المخاوف الصحية وهي خطيرة ومثيرة للقلق، ولكن التداعيات الاقتصادية تتسبب بقلق كبير».
وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن مقارنة الأزمة الاقتصادية الآسيوية التي حدثت في أواخر التسعينات مع الوضع الحالي، لكن تلك الأزمة برزت قبل أن تصبح الصين بصمة اقتصادية عالمية؛ كما أن الاقتصادات المتقدمة كانت جيدة نوعا ما. لكن الوضع يختلف اليوم.
ووضعت الأونكتاد سيناريو يوضح تأثير هبوط أولي على الاقتصاد، ووجدت الدراسة أن العجز سيكون بمقدار 2 تريليون دولار في الدخل العالمي، و220 مليار دولار في الدول النامية (باستثناء الصين). وقال كوزيل - رايت: «في أسوأ السيناريوهات حيث ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 0.5 في المائة، نتحدث هذا العام عن ضربة بمقدار 2 تريليون دولار للاقتصاد العالمي».
وفي هذا السيناريو، فإن أكثر الدول تضررا هي الدول المصدّرة للسلع، هذه الدول ستخسر أكثر من 1 في المائة من نموّها، إضافة إلى تلك التي تربطها علاقات اقتصادية قوية مع الدول التي ستتأثر قبل غيرها بالصدمة الاقتصادية.
وبحسب الدراسة، ستشهد دول مثل كندا والمكسيك وأميركا الوسطى، ودول مثل شرق وجنوب آسيا والاتحاد الأوروبي، تباطؤا في النمو بين 0.7 و0.9 في المائة، كما أن الدول التي تربطها علاقات مالية قوية مع الصين ربما ستكون الأقل قدرة على التعافي من تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد.
وفي أميركا اللاتينية، ستعاني الأرجنتين أكثر من غيرها من الآثار المترتبة على هذه الأزمة. ولن تكون الدول النامية التي تعتمد على تصدير المواد الأولية بعيدة عن الأزمة بسبب الديون وضعف العوائد التصديرية بسبب الدولار القوي. وقال كوزيل - رايت إن «احتمال وجود دولار أقوى في الوقت الذي يسعى فيه المستثمرون إلى البحث عن ملاذات آمنة لأموالهم، والارتفاع شبه المؤكد في أسعار السلع مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، كل ذلك يعني أن مصدّري السلع الأساسية معرّضون للخطر بشكل خاص».
وبحسب الأونكتاد، فإن الإيمان بسلامة الأسس الاقتصادية والاقتصاد العالمي الذي يصحح نفسه هما أمران يعرقلان التفكير السياسي في الاقتصادات المتقدمة. وقال كوزيل - رايت: «سيؤدي ذلك إلى إعاقة التدخلات السياسية الأكثر جرأة اللازمة لمنع تهديد أزمة أكثر خطورة ويزيد من فرص أن تتسبب الصدمات المتكررة في أضرار اقتصادية خطيرة في المستقبل».
وأشارت الأونكتاد إلى أنه لا يمكن للبنوك المركزية أن تحل الأزمة وحدها، هناك حاجة إلى سلسلة من الاستجابات السياسية والإصلاحات المؤسساتية لمنع الفزع الصحي المحلي في سوق المواد الغذائية في وسط الصين من التحول إلى انهيار اقتصادي عالمي. ومن أجل تدارك هذه المخاوف، قال كوزيل - رايت: «على الحكومات أن تنفق في هذه المرحلة للحيلولة دون وقوع انهيار قد يُحدث أضرارا أكبر من تلك المتوقعة أن تحدث خلال هذا العام».
ودعا المسؤول في الأونكتاد الولايات المتحدة المشرفة على انتخابات رئاسية أن تتخذ إجراءات تفوق مجرد تخفيض الضرائب ونسبة الفوائد. أما في أوروبا، فقال كوزيل - رايت إن الدول الأوروبية شهدت تراجعا في الاقتصاد في أواخر 2019، فمن المتوقع أن يسود التراجع خلال الأشهر المقبلة، مضيفا أن اقتصاد الألماني شهد هشاشة كما أن الاقتصادات الأخرى تعاني من ضائقة خطيرة.



فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)
مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)
TT

فرص العمل في الولايات المتحدة ترتفع بشكل غير متوقع خلال نوفمبر

مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)
مطعم «تشيبوتلي» يعلن حاجته لتوظيف في كمبردج بماساتشوستس (رويترز)

ارتفعت فرص العمل في الولايات المتحدة بشكل غير متوقع في نوفمبر (تشرين الثاني)، مما يعكس أن الشركات لا تزال تبحث عن عمال رغم تباطؤ سوق العمل بشكل عام.

ووفقاً لوزارة العمل، سجَّلت فرص العمل 8.1 مليون في نوفمبر، مقارنة بـ7.8 مليون في أكتوبر (تشرين الأول)، على الرغم من أنها انخفضت عن 8.9 مليون في العام الماضي وذروة 12.2 مليون في مارس (آذار) 2022، في مرحلة تعافي الاقتصاد بعد جائحة «كوفيد - 19».

ومع ذلك، تظل هذه الأرقام أعلى من مستويات ما قبل الوباء. وكان الاقتصاديون قد توقَّعوا انخفاضاً طفيفاً في فرص العمل في نوفمبر، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

كما ارتفعت عمليات التسريح قليلاً في نوفمبر، بينما تراجع عدد الأشخاص الذين تركوا وظائفهم، مما يشير إلى انخفاض ثقة الأميركيين في قدرتهم على العثور على وظائف أفضل في أماكن أخرى. وقد تباطأت سوق العمل الأميركية من ذروة التوظيف في الفترة 2021 - 2023، حيث أضاف أصحاب العمل 180 ألف وظيفة شهرياً في عام 2024 حتى نوفمبر، وهو معدل أقل من 251 ألف وظيفة في 2023، و377 ألف وظيفة في 2022، و604 آلاف وظيفة قياسية في 2021.

ومن المتوقع أن تظهر بيانات التوظيف لشهر ديسمبر (كانون الأول)، التي ستصدرها وزارة العمل يوم الجمعة، أن الشركات والوكالات الحكومية والمنظمات غير الربحية أضافت نحو 157 ألف وظيفة الشهر الماضي، مع بقاء معدل البطالة عند 4.2 في المائة. ورغم التقلبات التي شهدتها الأرقام خلال الخريف، مثل تأثير الأعاصير والإضراب في شركة «بوينغ» في أكتوبر، فإن البيانات تشير إلى انتعاش في نوفمبر مع إضافة 227 ألف وظيفة بعد انتهاء الإضراب.

ويراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي سوق العمل من كثب بحثاً عن إشارات حول اتجاه التضخم، حيث قد يؤدي التوظيف السريع إلى زيادة الأجور والأسعار، بينما قد يشير الضعف إلى حاجة الاقتصاد إلى مزيد من الدعم من خلال خفض أسعار الفائدة.

وفي مواجهة التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته في 4 عقود في وقت سابق، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. وبفضل انخفاض التضخم من 9.1 في المائة في منتصف 2022 إلى 2.7 في المائة في نوفمبر، بدأ البنك المركزي في تخفيض أسعار الفائدة.

ومع ذلك، توقفت وتيرة التقدم في السيطرة على التضخم في الأشهر الأخيرة، حيث ظلت زيادات الأسعار السنوية أعلى من هدف البنك البالغ 2 في المائة. وفي اجتماعه في ديسمبر، خفَّض «الفيدرالي» سعر الفائدة للمرة الثالثة في 2024، مع توقعات بتخفيضين إضافيَّين في 2025، وهو ما يقل عن الـ4 تخفيضات التي كانت متوقعة في سبتمبر (أيلول).