ديون شركات النفط الصخري «كعب أخيل» الأسواق المالية

هل الأزمة الحالية تشبه «السوبرايم» في 2008؟

ديون شركات النفط الصخري  «كعب أخيل» الأسواق المالية
TT

ديون شركات النفط الصخري «كعب أخيل» الأسواق المالية

ديون شركات النفط الصخري  «كعب أخيل» الأسواق المالية

يرى بعض خبراء أسواق المال، أن هبوط البورصات العالمية بفعل «الهلع» من انتشار فيروس كورونا ونزول أسعار النفط، يشكل تصحيحاً للمؤشرات بعد فترة من الصعود المتواصل، ولا يضع ذلك الهبوط، برأيهم، الاقتصاد العالمي على حافة الخطر.
فرغم أن الاثنين الماضي أعاد إلى أذهان المستثمرين كوابيس الأزمة المالية في 2008، التي اندلعت مع انفجار فقاعة الرهون العقارية الأميركية، فإن الحديث عن «انهيار متواصل» لا يلقى تأييداً شاملاً بين المحللين الذين يؤكدون أن التصحيح الحاد حالياً يأتي مع قيمة تداولات متدنية، أي أن عروض البيع ليست واسعة النطاق، لأن ليس كل المستثمرين يتهافتون هذه الأيام لعرض أسهمهم بالحد الأدنى. فكثير من المستثمرين يرفض التخلص مما بحوزته من أصول مالية بأي سعر كما حصل في بداية أزمة 2008، كما أكد مدير إدارة أصول في شركة «آليانز جي آي».
يربط محلل في «غولدمان ساكس» بين الهبوط الكبير الذي سجله سعر النفط وهبوط الأسواق. ويقول: «جاء نزول النفط بقوة في وقت تعيش الأسواق أجواء متوترة بسبب أزمة كورونا العالمية. وكانت شرارة تقهقر الأسواق الأميركية اندلعت في أسهم الجهات المقرضة لشركات النفط الصخري أو الجهات الحاملة لسندات دينها. فالائتمان لتلك الشركات يمثل حالياً نسبة 11 في المائة من إجمالي القروض المرتفعة العوائد. فشركات النفط الصخري مقترضة بقوة وتكلفة إنتاج بعضها تتراوح بين 30 و35 دولاراً للبرميل، أي أنها باتت خاسرة حالياً مع نزول مستويات الأسعار إلى تلك المستويات أو ما دونها».
أضاف أن بعض هذه الشركات «سيواجه الإفلاس لا محالة إذا لم ترتفع الأسعار، وتشكل تلك الديون إذا تعثر سدادها (كعب أخيل) الأسواق الأميركية حالياً، أي نقطة الضعف التي يشبهها البعض بالضعف الذي اعترى الأسواق أيام أزمة (السوبرايم)». ويضيف: «ترافق ذلك مع أنباء آتية من إيطاليا تتناول فرض حجر شامل على منطقة صناعية شركاتها مقترضة من الأسواق المالية الدولية أيضاً، لذا رأينا كيف أن أسعار أسهم البنوك الأوروبية والأميركية كانت بين أكبر الخاسرين الاثنين الماضي».
في المقابل يرى محلل في «كومرتس بنك» أن الأسواق ستواصل الهبوط خصوصاً الأميركية لأنها بدأت عام 2020 بمستويات أسعار مبالغ فيها. وكان المحللون والمستثمرون يتوقعون تصحيحاً ما للمؤشرات خلال فترة معينة من العام بحجة مثل الحرب التجارية أو تداعيات «بريكست»، وفي نهاية الأمر أتى كورونا ليشكل حجة للتصحيح. ويؤكد محلل «كومرتز بنك» أن مكررات الربحية في الأسواق الأميركية بلغت مستوى 31، ما يعني أن أسعار الأسهم مبالغ فيها قياساً بأرباح الشركات وما يمكن أن توزعه من أرباح. فمستوى 18 أو 20 فقط هو المقبول لمكررات ربحية كثير من القطاعات، وما فوق ذلك يعد ضمن مخاطر الاستثمار المرتفعة. فمستوى 31 أعاد إلى أذهان المحللين مراحل سابقة مثل 1929 و2000 و2008.
وإذا هبط ذلك المستوى إلى 24 فإن الأسواق الأميركية ستهبط أيضاً بين 15 و20 في المائة. مع فارق جوهري بين 2008 و2020 هو أن الأزمة الحالية بنظر بعض المحللين المتفائلين هي مرحلية موسمية وليست بنيوية عميقة شاملة كما كان الحال في أزمة 2008، مقابل محللين متشائمين أعينهم مسمرة على قطاع النفط الصخري الأميركي المرشح للتداعي في أي لحظة مع استمرار هبوط أسعار النفط.
أما إذا هبطت الأسواق الأميركية أكثر فهل سيشكل ذلك كرة ثلج تتدحرج في بقية الأسواق، فإن المحللين يربطون ذلك بآليات البيع والتسييل. فإذا عمد المستثمرون إلى ربط التخلص من حيازاتهم بمستويات معينة للأسعار وذلك ببرامج حواسيب تتصرف آلياً، فإن الهبوط سيتضاعف أثره ليشكل كرة ثلج في عموم الأسواق الأخرى. كما أن لدى مديري الأصول قواعد عمل داخلية تحكمها العوائد التي يحققونها من إدارة الاستثمارات والثروات، وهذا أيضاً عاملاً يؤخذ في الحسبان لا سيما عند التذبذب الشديد. فالمستثمرون يتفقون عادة مع مديري الأصول على قبول مستوى معين من التذبذب، وإذا تفاقم ذلك وزاد على حده المتفق على قبوله فإن موجات البيع تتكثف، وتتحول إلى ما يشبه عاصفة بيع بأي ثمن هرباً من المخاطر أو وضع حد للخسائر المقبولة في المحافظ الاستثمارية.
إلى ذلك، فهناك اتجاه جديد لدى بعض كبار المستثمرين يساوي بين مخاطر الأسهم والسندات في أوزان المحافظ الاستثمارية. وفي الظروف الحالية فإن استراتيجيات كهذه تعني المزيد من هبوط الأسهم لأن عوائد السندات نزلت إلى قاع تاريخي.
أما عن السيولة، فيؤكد المحللون أن المقارنة مع 2008 قد تكون صالحة هذه الأيام. فالأزمات تندلع وتكبر عندما تنشف السيولة. ويذكر في هذا المجال التوترات الحاصلة في السوق النقدية الأميركية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى التدخل وضخ السيولة وخفض الفائدة. والمشكلة قائمة نسبياً حالياً لكن لدى الاحتياطي الفيدرالي متسع من هوامش التدخل الإضافي الممكن. لكن حاملي سندات ديون شركات النفط الصخري يجدون صعوبة بالغة الآن في بيع حيازاتهم من تلك الأوراق المالية، لا سيما سندات الشركات غير المغطاة بتقارير وكالات التصنيف الائتماني، أو تلك التي تصنيفاتها متدنية.



وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

TT

وزير المالية: ميزانية السعودية 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)
وزير المالية السعودي محمد الجدعان (الشرق الأوسط)

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن ميزانية العام 2025 تستهدف مواصلة التوسع في الإنفاق الإستراتيجي على المشاريع التنموية وفق الإستراتيجيات القطاعية وبرامج "رؤية 2030"، واستمرار تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المستدام، وتطوير بيئة الأعمال لتعزيز جاذبيتها، والمساهمة في تحسين الميزان التجاري للمملكة، وزيادة حجم ونوع الاستثمارات المحلية والأجنبية.

وقال أن الحكومة من خلال هذه الميزانية وما سبقها من ميزانيات مستمرة في الاهتمام بالمواطن واحتياجاته الأساسية، إذ يستمر الإنفاق على قطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، وتواصل جهود تعزيز جودة الخدمات والمرافق الحكومية وتطوير البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، مما يسهم في رفع مستوى جودة الحياة فيها، مع التركيز الدائم على تحسين منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية وزيادة فعاليتها.

وبحسب الجدعان العجز يأتي ضمن التخطيط المالي للميزانية، والمملكة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية بهدف تغطية العجز المتوقع في ميزانية 2025، وسداد أصل الدين المستحق خلال العام القادم وعلى المدى المتوسط، واغتنام الفرص المتاحة حسب ظروف الأسواق المالية لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل الإنفاق الموجّه على الإستراتيجيات والمشاريع الكبرى وبرامج "رؤية 2030".

وتوقع أن يبلــغ رصيد الديـــن العـــام نحو 1,300 مليار ريال (ما يعادل 29.9% من الناتج المحلي الإجمالي) للعام 2025 مقارنــة بـحوالي 1,199 مليار ريال في العام 2024 (ما يعادل 29.3% من الناتج المحلي الإجمالي).

وطبقًا للجدعان، ميزانية 2025 تهدف إلى المحافظة على المركز المالي للمملكة وتحقيق الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على مستويات مستدامة من الدين العام واحتياطيات حكومية معتبرة؛ لتعزيز قدرة البلاد على التعامل مع الصدمات الخارجية، إذ يتوقع أن استمرار الحفاظ على رصيد الاحتياطيات الحكومية لدى البنك المركزي السعودي (ساما) بنهاية العام المقبل عند المستوى نفسه للعام الجاري، إذ سيبلغ حوالي 390 مليار ريال.

وأضاف الجدعان، أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي شهدها الاقتصاد السعودي نتج عنها تحسن في المؤشرات، وقطع مرحلة مهمة في مسيرة التنويع الاقتصادي والاستقرار المالي، و التقديرات الأولية في العام الحالي، تشير إلى استمرار دور الأنشطة غير النفطية في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي؛ نتيجة استمرار المبادرات والإصلاحات الهادفة لرفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي وتمكينه ليصبح المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.

وتابع وزير المالية، أن جهود الحكومة المتواصلة لتطوير سوق العمل أسهمت في تراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى أدنى مستوى تاريخي له، إذ وصل إلى 7.1 في المائة بنهاية الربع الثاني من 2024.

كما بلغ معدل مشاركة المرأة في سوق العمل 35.4 في المائة، متجاوزًا بذلك مستهدف الرؤية عند 30 في المائة، وفق الجدعان.

وأشار إلى أن هذه الأرقام الإيجابية تأتي نتيجة إنجازات تنويع الاقتصاد من خلال تعزيز القطاعات الواعدة وتمكين القطاع الخاص وتنفيذ المشاريع التنموية ضمن رؤية المملكة 2030، وتمكين المزيد من فئات المجتمع لدخول سوق العمل من خلال أنماط العمل الجديدة.

وقال الوزير السعودي، إن الاقتصاد العالمي يشهد تحسنًا على الرغم من استمرار الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة التي يمكن أن تخلق تحديات جديدة على المدى القريب، ومع ذلك حافظت المملكة على مركزها المالي القوي، واستمرت في تنفيذ مشاريعها وخططها التنموية، ولم تتأثر بشكل كبير؛ نظرًا للسياسات المالية الفعّالة التي وضعتها الحكومة لتضمن جاهزيتها لجميع التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.