جلسة ساخنة في البرلمان الأردني حول الاستثمار في البتراء... تنتهي بإقراره

محاولات حكومية لتبديد المخاوف من تهريب أراض إلى مستثمرين إسرائيليين

لقطة أرشيفية لسياح يمرون أمام موقع الخزان القديم في مدينة البتراء الأثرية (أ.ف.ب)
لقطة أرشيفية لسياح يمرون أمام موقع الخزان القديم في مدينة البتراء الأثرية (أ.ف.ب)
TT

جلسة ساخنة في البرلمان الأردني حول الاستثمار في البتراء... تنتهي بإقراره

لقطة أرشيفية لسياح يمرون أمام موقع الخزان القديم في مدينة البتراء الأثرية (أ.ف.ب)
لقطة أرشيفية لسياح يمرون أمام موقع الخزان القديم في مدينة البتراء الأثرية (أ.ف.ب)

عادت قضية طرح قانون أردني للسماح بالاستثمار في منطقة البتراء السياحية جنوب البلاد إلى الواجهة مجددا، وسط إطلاق حملة معارضة نيابية ضده مقابل محاولات حكومية لتبديد مخاوف الأردنيين من تهريب أراضي تلك المنطقة إلى مستثمرين خارجيين، خاصة من الإسرائيليين، غير أن النقاش الحاد انتهى بإقرار القانون.
وشهد يوم أمس، الثلاثاء، صخبا خلال جلسة رقابة عقدها البرلمان الأردني، جدد فيها نواب رفضهم مشروع القانون الحكومي، ما دفع بوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى الإدلاء بمداخلة سياسية للرد على هذه الانتقادات، فيما غاب رئيس الوزراء عمر الرزاز عنها لأسباب صحية. وأعرب نواب عن مخاوفهم من تسرب الأراضي المتاخمة لمحمية البتراء، إلى يد يهود وإسرائيليين تحت غطاء اقتصادي، محذرين من أن تقع المدينة التي تعدّ إحدى عجائب الدنيا السبع، فريسة أطماع «بسبب معتقدات دينية توراتية».
وبرغم تبريرات ساقها مسؤولون محليون يديرون إقليم البتراء، حول غاية التشريع والشروط المفروضة حكومياً ومن بعدها اللجنة النيابية المختصة بتهذيب القانون، فإن هذا الأمر لم يمنع نواباً من توجيه اتهامات قاسية، وصفها نواب آخرون يؤيدون القانون بأنها تبلغ مرحلة «التخوين» المرفوضة. وتدخل الوزير الصفدي ليقطع النقاشات النيابية، بتأكيده أن «الأردن ليس من يبيع أرضه أو يتخلى عن هويته، فالبتراء لم تبع ولن تباع، فهي إرث وطني للأردنيين أباً عن جد وستبقى لأجيال وأجيال».
وذكّر النواب بأن ما هو مطروح يهدف إلى العمل على إيجاد آلية تشجع على تحفيز الاستثمار في المنطقة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية التي هي حق للمواطن، من أجل التعامل مع الظروف الاقتصادية الموجودة.
وأكد الوزير أن «كل شيء محكوم بالقانون والممارسات»، ولفت إلى أن الاستثمار وسيلة تتنافس عليها كل الدول من أجل معالجة التحديات الاقتصادية، وتشجيع الاستثمار في الأردن هو من أهم ركائز عملية التحفيز الاقتصادي الذي تسعى الحكومة على تشجيعها وبلورتها، من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والتعامل مع أزماتها وإيجاد فرص العمل.
وأوضح الصفدي أن كل هذا الأمر محكوم بقانون وأسس وعمليات، وبين أن القرار الاقتصادي عندما يكون له أثر يدرس في سياقه الكلي وتؤخذ التبعات الاقتصادية والأبعاد السياسية، وإلى غير ذلك من التبعات. وأضاف، أن الأردن لم يبع أرضه ولم يبع مؤسساته، فالأردن خصخص بعضاً من المؤسسات وهي محكومة بالقانون الأردني، ويتابع عملها وفق القانون الأردني الساري، ويتابع كل القضايا ذات الصلة. ولفت إلى أن الأردن سمح بالاستثمار في عمان والبحر الميت ومأدبا وفي إربد وفي كل مناطق المملكة، وتساءل «هل تغيرت هوية المملكة والمواقع التاريخية الموجودة فيها؟» مضيفا «لم يحدث ذلك، لننظر إلى منطقة البحر الميت كيف كانت قبل 20 عاماً أو أكثر وكيف صارت الآن؟». وحول مخاوف النواب، شدد الصفدي على أن تاريخ المملكة وحده كاف بالرد على أن تشجيع الاستثمار والتعامل معه، يتم في إطاره الاقتصادي، لكن أي تبعات سياسية يتم التعامل معها كما تعاملت المملكة سابقاً، وهو أمر تثبته كل السياسات والقرارات التي اتخذتها المملكة الأردنية الهاشمية.
ويسمح القانون الذي أقرّه مجلس النواب، يوم أمس، بتأجير الأموال غير المنقولة خارج حدود المحمية الأثرية في إقليم البتراء أو المواقع الأثرية الأخرى في الإقليم لغير الأردنيين والأشخاص المعنويين وفق المخطط الشمولي لمنطقة السلطة. ويشترط القانون أن يراعى مبدأ المعاملة بالمثل، وفي حال تمتع الشخص الطبيعي أو المعنوي بأكثر من جنسية، يطبق شرط المعاملة بالمثل على الجنسيتين وذلك تحت طائلة البطلان.
كما يسمح للأشخاص المعنويين وفق وثائق تسجيلهم في المملكة تملك الأموال غير المنقولة خارج حدود المحمية الأثرية والمواقع الأثرية الأخرى، وفق المخطط الشمولي في الإقليم بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب المجلس وموافقة وزارة الداخلية، شريطة أن تكون نسبة تملك الشركاء الأردنيين في الشخص المعنوي أكثر من 51 في المائة من الحصص.
ويشترط مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل لجميع الشركاء غير الأردنيين، وفي حال تمتع الشريك بأكثر من جنسية يُطبق شرط المعاملة بالمثل على الجنسيتين، وذلك تحت طائلة البطلان.
وأقر مجلس النواب الأردني بألا يسري شرط المعاملة بالمثل المنصوص عليه سابقاً، على غير الأردني الذي يحمل جنسية أي دولة عربية، كما يتم تنظيم جميع الشؤون المتعلقة بالتأجير والتملك المنصوص عليهما سابقاً بمقتضى نظام يصدر لهذه الغاية. وسمح بإقامة أي نشاط صناعي خفيف، رافضاً أن تترك كلمة (صناعي) على عواهنها كما جاء في مشروع القانون الآتي من الحكومة.
يذكر أن العام الماضي شهد سجالا واسعا في الشارع الأردني، بعد قيام مجموعة من السياح الإسرائيليين المتدينين بممارسة طقوس تلمودية في شهر أغسطس (آب) 2019 في مسجد يتبع مقام النبي هارون في منطقة وادي موسى قرب البتراء جنوب البلاد.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.