انهالت الانتقادات من كل حدب وصوب على نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن مع بدء العد العكسي لانتزاع ترشيح الحزب الرسمي.
وفي تعاون نادر وغير منسق، تكاتف منافسه السيناتور برني ساندرز، والرئيس الأميركي دونالد ترمب لمهاجمة بايدن، كل على طريقته. فركّز ساندرز على تاريخ بايدن السياسي، فيما هاجم ترمب قدرات نائب الرئيس الأميركي السابق العقلية.
فساندرز يعلم أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لمستقبله السياسي مع استمرار الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، وقرب المناظرة الأخيرة يوم الأحد المقبل. وبالتزامن مع الانتخابات التمهيدية في ولايات ميشيغين وواشنطن وميزوري وميسيسيبي وأيداهو ونورث داكوتا، وتقدم بايدن في استطلاعات الرأي، اتهم سيناتور فرمونت بايدن بالتسبب بخسارة سكان ميشيغين لأعمالهم من خلال دعمه لمعاهدات تجارية مع بلدان أجنبية، كما جدد هجومه على نائب الرئيس الأميركي السابق لدعمه حرب العراق عبر التصويت لصالحها في مجلس الشيوخ. وهاجم ساندرز بايدن بسبب دعمه السابق لتجميد الإنفاق على الضمان الاجتماعي وبرامج الرعاية الصحية للمسنين، في محاولة منه للحد من دعم كبار السن لبايدن.
كما استهدف ساندرز سجل بايدن في دعم مشروعات قوانين أدت إلى سجن الأميركيين من أصول أفريقية، بحسب قول ساندرز، وذلك بهدف تقليص دعم هذه المجموعة لنائب الرئيس الأميركي السابق. لكن إذا صحت استطلاعات الرأي، فإن هجمات ساندرز لن تؤثر على رأي الناخب الديمقراطي الذي يدعم بايدن. خاصّة مع تزايد الدعم له من قبل منافسيه السابقين، آخرهم كان السيناتور كوري بوكر، والسيناتورة كامالا هاريس، وكلاهما من أصول أفريقية، وهي فئة يتمتع فيها بايدن بدعم كبير أدى إلى فوزه الساحق في انتخابات الثلاثاء الكبير. لكن على الرغم من هجمات ساندرز المكثفة، فإنه حرص على وصف بايدن بالصديق قبل توجيه أي انتقاد له. وهذه استراتيجية مدروسة بعناية للحفاظ على علاقة الرجلين الطيبة في حال فشل ساندرز في الحصول على دعم الناخبين اللازم لانتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي. ويقول هاورد غتمان، وهو مسؤول سابق في إدارة أوباما ومن داعمي بايدن: «أعتقد أن برني يعلم أننا اقتربنا من نهاية اللعبة، هو مستمر بحملته الانتخابية، لكنه سيبدأ بالتراجع عن انتقاداته تدريجياً بعد نتيجة الانتخابات التمهيدية».
أما ترمب فيبدو أنه هو أيضاً مقتنع بأن السباق الديمقراطي أصبح شبه محسوم لصالح بايدن، لهذا فقد صعّد من حملته التي تستهدف صحّة بايدن العقلية. ورّوج هاشتاغ: «إدراك بايدن المتدهور». فترمب معروف بحبه لتوجيه انتقادات شخصية للمرشحين، وهذا ما فعله في سباقه ضد وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، حين وصفها بعديمة الطاقة، وتحدث عن أنها لا تتمتع بالقوة الكافية لتكون رئيساً. كما روّج داعموه حينها شائعات عن إصابتها بمرض الباركينسون، وعن فقدانها لجزء من ذاكرتها نتيجة إصابتها في الرأس لدى وقوعها، وغيرها من هجمات دفعت بالناخبين إلى التشكيك بالفعل بقدرة كلينتون. وهذا ما يحذر منه مستشارو حملتها السابقون، أبرزهم فيليب رينز، الذي دعا بايدن إلى الرد على انتقادات ترمب بحسم، فقال: «هو لا يرد على التهديد بالقوة الكافية. هذه مشكلة الآن، وستكون مشكلة في المستقبل. يجب أن تدافع عن نفسك، لأن هذه الاتهامات ستعلق في ذهن الناخب». ما يتحدث عنه رينز هو تركيز ترمب وداعميه على هفوات بايدن الكلامية. وهو أمر عرف به نائب الرئيس الأميركي السابق، وقد نشرت حملات داعمة لترمب سلسلة من التسجيلات التي تركز على هذه الهفوات، آخرها مقطع يظهر ارتباك بايدن لدى تقديم زوجته وأخته في أحد التجمعات الانتخابية. وكرّس ترمب هجماته على «تويتر»؛ حيث يغرد بشكل يومي لانتقاد بايدن ويصفه بـ«جو النعسان»، فطوّر من هجماته ليتحدث عن أن بايدن لا يعلم أين هو أو ماذا يفعل، وقال: «إذا ما انتخب بايدن، فسوف يتم وضعه في مأوى للعجزة، وسوف يستلم أشخاص آخرون الرئاسة». أما داعمو ترمب فقد تدافعوا لتكريس هذه الانتقادات، فقال محامي ترمب الخاص رودي جولياني إن بايدن يظهر علامات خرف واضحة، وتحدث عدد من مذيعي شبكة «فوكس نيوز» عن أن بايدن لا يفهم ما يجري، وأنه يفقد ذاكرته.
استراتيجية النقد التي برع فيها ترمب واستعملها ضد خصومه هذه مدروسة بعناية، ويشرح مايك كابوتو أحد مساعدي ترمب السابقين هذه الاستراتيجية، ويقول: «مع تذكير ترمب بشكل متكرر بهذه الهفوات، لن يتمكن الناخبون من تجاهل هفوات بايدن، وسوف يتزايد القلق المحيط بصحته العقلية».
وتحاول حملة بايدن الانتخابية الرد على هجمات ترمب وفريقه، وتستعملها للتأكيد على أن نائب الرئيس السابق متقدم في السباق. ويقول أندرو بايتس مدير حملة بايدن: «من غير المفاجئ أن نرى حملة ترمب الانتخابية تنشر أكاذيب بحق نائب الرئيس. إن ترمب خائف للغاية من منافسة بايدن، لدرجة أنه خاطر بإمكانية عزله لدفعه خارج السباق. إن بايدن سوف يفوز بولايات حاسمة، وسوف يكون المرشح الأفضل». تأتي هذه الهجمات المكثفة في وقت شهدت فيه ولايات أميركية 6 انتخابات تمهيدية للحزب الديمقراطي. وقد ركز المرشحان الأساسيان للحزب ساندرز وبايدن على ولاية ميشيغين التي تقدّم 125 مندوباً من أصل 352 مندوباً في كل هذه الولايات. ويعوّل ساندرز على الفوز بميشيغين كما فعل لدى منافسته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في العام 2016.
وفي حال تمكن المرشح التقدمي من انتزاع الفوز في عدد من الولايات المذكورة، فستكون حظوظه للاستمرار في السباق حتى النهاية أكبر بكثير. أما في حال خسارته كما جرى في الثلاثاء الكبير، فسيكون من الصعب عليه إقناع داعميه بوجوب الاستمرار. وقد حاول ساندرز إقناع مناصريه بالتوجه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات الثلاثاء، قائلاً: «الأخبار السيئة هي أن نسبة تصويت الشباب أقل من نسبة تصويت الكبار، أنا أتمنى أن يصوت الكبار، وهذا رائع، لكني أريد من الشباب أن يصوتوا بالنسبة نفسها، لأننا سنفوز بأصواتهم».
أرقام انتخابية
المرشح الفائز بحاجة إلى 1991 مندوباً.
عدد المندوبين حتى الساعة:
بايدن: 670
ساندرز: 574
انتخابات الثلاثاء 10 مارس (آذار):
ميشيغين: 125 مندوباً
واشنطن: 89
ميزوري: 68
ميسيسيبي: 36
أيداهو: 20
نورث داكوتا: 14
المناظرة الأخيرة:
15 مارس - بايدن مقابل ساندرز