حمدوك ينجو من تفجير سيارة مفخخة في الخرطوم ويتعهد بإكمال «مسيرة التغيير»

الحكومة السودانية: محاولة اغتيال رئيس الوزراء عملية إرهابية تستهدف الثورة

موقع الانفجار الذي استهدف رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
موقع الانفجار الذي استهدف رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

حمدوك ينجو من تفجير سيارة مفخخة في الخرطوم ويتعهد بإكمال «مسيرة التغيير»

موقع الانفجار الذي استهدف رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
موقع الانفجار الذي استهدف رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

نجا رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، أمس، من محاولة اغتيال استهدفته بسيارة مفخخة في العاصمة الخرطوم، في اعتداء عدّته الحكومة عملاً إرهابياً يستهدف الثورة. ولقي التفجير موجة إدانات واسعة، فيما تعهد حمدوك بأن استهدافه لن يوقف «مسيرة التغيير».
وشهدت الخرطوم، صباح أمس، دوي انفجار هائل ارتجت له جدران المنازل في حي الواحة الراقي والأحياء المجاورة، وجدران سجن «كوبر» المركزي القريب من مكان الانفجار، حيث يقبع رئيس النظام المعزول عمر البشير. وسرعان ما تبيّن أن الانفجار نجم عن سيارة مفخخة استهدفت موكب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، المكون من 3 سيارات، وهو في طريقه من منزله إلى مكتبه، عند التاسعة صباحاً.
وشهد القصر الرئاسي اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن والدفاع، المكوّن من عسكريين ومدنيين، لبحث محاولة الاغتيال. وقال وزير الداخلية، الطريفي إدريس، في تصريحات عقب الاجتماع، إن المجلس أكد اصطفاف مؤسسات الدولة كافة بمواجهة مثل هذه العمليات التي تستهدف استقرار السودان وسلامته، وتسعى إلى إجهاض إرادة الشعب، ممثلة في قيادات الفترة الانتقالية المناط بها تحقيق أهداف الثورة، وتهيئة البلاد للانتقال للممارسة الديمقراطية.
واستنكر الاجتماع العملية الإجرامية، واعتبرها تمثل مخاطر جمة على أوضاع البلاد، محلياً ودولياً. وقرر الاجتماع تحديد المسؤوليات الأمنية عن الحادثة، والقيام بتحقيق فوري، والاستعانة فيه بالأصدقاء، لتسهيل كشف المتورطين في الجريمة. كما قرر اتخاذ إجراءات عاجلة لتعزيز التأمين، ووضع الخطط الكفيلة بضمان أمن وسلامة قيادات الدولة والمواقع الاستراتيجية، وإجراء مراجعة عاجلة للتشريعات والقوانين الوطنية كافة ذات الصلة بجرائم الإرهاب، في مدة أقصاها أسبوعان.
وينتظر أن يعقد صباح اليوم (الثلاثاء) اجتماع ثلاثي بين المجلس السيادي ومجلس الوزراء و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، وينتظر أن تكون أجندته الرئيسية هي إعادة هيكلة القوات النظامية. وقال مصدر إن جهاز المخابرات العامة لا يقوم بدوره، وذلك ربما لتقليص صلاحياته الواسعة، بعد أن تم تحويله إلى جهاز لجمع المعلومات وتحليلها، وحل «هيئة العمليات»، وهي القوة الضاربة التابعة لجهاز المخابرات.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السيارة المفخخة من طراز «هيونداي آكسنت»، وكانت متوقفة على جانب الطريق، وانفجرت لحظة مرور موكب رئيس الوزراء، ما أدى إلى إصابة السيارة التي كانت في مقدمة الموكب، واصطدام السيارة الثانية بها. ولم يصب حمدوك بأذى، أو أي من مرافقيه، عدا رجل مرور، إثر انقلاب دراجته البخارية، وإصابته بكسر في مفصل الكتف.
وتعد هذه المحاولة الأولى من نوعها باستهداف رئيس وزراء سوداني بعملية إرهابية بعربة مفخخة.
ووصفت الحكومة السودانية محاولة اغتيال حمدوك بأنها عملية إرهابية، تضمنت تنفيذ تفجير وإطلاق رصاص في الوقت نفسه. وقال فيصل محمد صالح، وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، لـ«الشرق الأوسط» إن موكب رئيس الوزراء تعرض لعملية إرهابية أسفل كبري كوبر، وإن رئيس الوزراء نقل على الفور إلى مكان آمن، ثم عاد لمكتبه في مجلس الوزراء، و«هو الآن يمارس مهامه، ويرأس اجتماعاً لمجلس الوزراء، بشكل عادي».
وأضاف: «تقول المعلومات الأولية إن هناك عملية تفجير وإطلاق رصاص في الوقت نفسه»، وتابع: «لم يصب رئيس الوزراء بأذى، ولا أي من حراسه، فيما عدا سائق الدارجة البخارية المرافقة الذي أصيب بإصابات طفيفة في كتفه، جراء انقلاب دراجته، لكنه تعافى».
وبحسب المتحدث باسم الحكومة، شرعت السلطات الأمنية في التحقيق حول الحادث، وفرضت طوقاً على المنطقة التي حدث فيها الانفجار، وبدأ فريق مشترك من الجهات الأمنية كافة (الاستخبارات العسكرية، وجهاز المخابرات العامة والمباحث العامة) في تحقيقات عاجلة لجمع المعلومات لمعرفة هوية مرتكبي الاعتداء.
وتوعد صالح بالتعامل مع الحادث بـ«الحسم اللازم»، قائلاً: «نعتقد أنها مسألة متوقعة، في ظل الظروف الحالية»، وأضاف: «استهداف رئيس الوزراء استهداف للثورة، ولأهدافها وبرامجها، ويستدعي وحدة الصف».
ودعا «قوى الحرية والتغيير»، التي تمثل الحاضن السياسي للحكومة الانتقالية، وكل القوى ذات المصلحة في التغيير، للتوحد، باعتبار وحدتها «هي الضمان لاستمرار الثورة والإرادة الشعبية».
ووصف صالح ما حدث بأنه «رب ضارة نافعة»، باعتباره وقفة تشدد البلاد من خلالها وحدتها، وتجمع صفها الوطني للتمسك بأهداف الثورة. وقال: «الاستهداف الحقيقي هو لأهداف الثورة، وهي أهداف مُهرت بدماء، وقدمت من أجلها تضحيات عظيمة، ولا يمكن التخلي عنها أمام أي ضغوط أو أي عمليات إرهابية».
وقالت الشرطة السودانية، في بيان مقتضب، إن موكب رئيس الوزراء تعرض لعمل إرهابي، تمثل في تفجير في أثناء مرور موكبه، وأسفر التفجير عن إصابة شرطي مرور على الدراجة النارية في مقدمة الموكب، وتضررت مركبات، بينها سيارتان تابعتان لموكب رئيس الوزراء. ووصف بيان الشرطة الحادث بأنه «عمل خطير ودخيل على البلاد، على مر تاريخها الحديث، بما يجعلنا نؤكد ونشدد أنه لن يمر دون كشف أبعاده».
وتابع البيان أن أجهزة الأمن وضعت في حالة استنفار قصوى للقيام بمتابعة دقيقة لكشف المخطط الإرهابي الذي يهدف إلى جر البلاد إلى «واقع خطير ومعقد»، وإن السلطات الأمنية كونت «غرفة أزمة» لمتابعة الأمر.
وناشدت الشرطة المواطنين التحلي بأقصى درجات اليقظة، والتعاون مع الأجهزة المختصة، والإبلاغ عن أي أنشطة تهدد أمن واستقرار البلاد، ووعدت بتمليك أجهزة الإعلام التفاصيل والمعلومات كافة التي تعكف الأجهزة المختصة وفرق مسرح الحادث على جمعها وتحليلها.
وفور خروجه للعلن بعد الحادث، أكد عبد الله حمدوك أن محاولة الاغتيال التي تعرض لها «لن توقف مسيرة التغيير». وفي تدوينة على حسابه الرسمي في «فيسبوك»، قال حمدوك: «أطمئن الشعب السوداني بأنني بخير وصحة تامة، وما حدث لن يوقف مسيرة التغيير، ولن يكون إلا دفقة إضافية في موج الثورة العاتي»، وتابع: «هذه الثورة محمية بسلميتها، وكان مهرها دماء غالية بذلت من أجل غدٍ أفضل وسلامٍ مستدام».
وعقد حمدوك في الصباح ذاته اجتماعات مع قوى إعلان الحرية والتغيير، وهو تحالف واسع قاد الاحتجاجات التي أسقطت نظام البشير، وتبعاً لذلك كوّن السلطة الانتقالية. كما عقد اجتماعاً آخر مع مجلس الوزراء.
وقالت زوجة حمدوك، منى عبد الله، عقب نجاته مباشرة، إنه لم يصب بأذى، وتابعت: «شيء واحد يجب أن يعلمه الجبناء: إذا ذهب حمدوك، سيأتي ألف حمدوك من بعده... هذه الثورة لن تتوقف أبداً».
وتوالت ردود الفعل الدولية والعربية على محاولة اغتيال حمدوك. كما استنكرت أحزاب وقوى اجتماعية سودانية محاولة الاغتيال. واعتبرت «قوى إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، الهجوم الإرهابي امتداداً لما سمته «محاولات قوى الردة للانقضاض على الثورة السودانية وإجهاضها». وأكدت، في بيان، أن الشعب سيجهض أي محاولات للانقضاض على الثورة، ودعت المواطنين إلى الخروج في مواكب، والتوجه لساحة الحرية، لإظهار وحدة قوى الثورة، وحماية السلطة الانتقالية لإكمال مهام الثورة.
أما «تجمع المهنيين السودانيين»، فاتهم قوى النظام المعزول بالوقوف وراء العملية الإجرامية. وقال، في بيان، إن نقل الصراع السياسي إلى التصفية الجسدية والاغتيالات تحول خطير يستهدف إفشال مسار التغيير، وزعزعة البلاد وجرجها للفوضى. ودعا التجمع إلى تصفية ما سماها «الجيوب الأمنية للنظام المعزول»، باعتبارها حاضنة للتطرف والإرهاب، وقال إن «التردد في تصفية مواقعه وإمكاناته جعل مثل هذه الجريمة الانتحارية ممكنة».
وقال رئيس حزب «الأمة» القومي، الصادق المهدي، في بيان، إن الهجوم الغادر على رئيس الوزراء «جريمة نكراء ضد الإنسانية والوطن والدين»، مضيفاً أن ما حصل غريب على الثقافة السودانية التي «ترفض أسلوب الاغتيالات الفردية الآثمة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».