سيدة نجفية تتهم مقتدى الصدر بـ«قتل» ولدها الوحيد

أحد أنصار مقتدى الصدر يدخن النارجيلة تحت صورة كبيرة له في ساحة التحرير أول من أمس (أ.ب)
أحد أنصار مقتدى الصدر يدخن النارجيلة تحت صورة كبيرة له في ساحة التحرير أول من أمس (أ.ب)
TT

سيدة نجفية تتهم مقتدى الصدر بـ«قتل» ولدها الوحيد

أحد أنصار مقتدى الصدر يدخن النارجيلة تحت صورة كبيرة له في ساحة التحرير أول من أمس (أ.ب)
أحد أنصار مقتدى الصدر يدخن النارجيلة تحت صورة كبيرة له في ساحة التحرير أول من أمس (أ.ب)

اتهمت سيدة نجفية زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، بالتورط في مقتل ابنها الوحيد في ساحة الصدريين بمحافظة النجف مطلع فبراير (شباط) الماضي، بعد أن قامت مجاميع مسلحة يعتقد بانتمائهم لـ«التيار الصدري» بمهاجمة الساحة وأسفر الهجوم حينها عن مقتل 9 متظاهرين، ضمنهم مهند القيسي، ابن السيدة النجفية، وإصابة العشرات.
وجاء اتهام السيدة للصدر في سياق كلمة «مؤثرة» ألقتها في ساحة التحرير وسط بغداد أول من أمس، في إطار مشاركتها في المظاهرات التي أقيمت دعماً للحراك الاحتجاجي بمناسبة «يوم المرأة العالمي». وقالت السيدة خلال كلمتها: «الطرف الثالث في بغداد مجهول، وكذلك في الناصرية، لكنه انكشف في النجف، نعم مقتدى قاتل؛ وانكشف، وقد قال قبل أيام بلسانه إنه (جر أذن) المتظاهرين»، في إشارة إلى عبارة وردت في مقابلة تلفزيونية مع الصدر قال فيها إن ما فعله مع المتظاهرين كان عبارة عن «جرة أذن»، ما عدّته السيد النجفية اعترافاً صريحاً من الصدر بالمسؤولية عن الأحداث التي تورط فيها أتباعه في النجف وبغداد قبل أسابيع. وذكرت السيدة في كلمتها: «نحن من عائلة مستقلة لا نتبع أي جهة سياسية. مهند حبيبي؛ ولدي الوحيد، مهند حولني من مرحلة الصبا إلى الأمومة، تربى معي، أنا أم يتيمة. لقد أخذوه مني، وأطلب من الله أن ينتقم منهم. مهند خرج يريد وطناً فيه كرامة مثل بقية الشباب. كان وحيداً مدللاً ولم يحتج إلى شيء سوى وطن كريم». وفي لحظة انفعال واضحة أضافت السيدة خلال خطبتها قائلة: «دعوني أتكلم ليعلم العالم، أين المنظمات الدولية من هذا؟ أين حقوق الإنسان؟ أين القانون والدولة؟».
وكانت السيدة النجفية وجهت خطاباً عبر «فيديو» مسجل للصدر قبل نحو أسبوعين، تساءلت فيه عن الذنب الذي اقترفه ولدها كي يقتل، لكنها لم تتهم الصدر بالقتل مثلما فعلت أول من أمس.
وفي حين لم يرد «تيار الصدر» على اتهامات السيدة النجفية، ذكرت مصادر في النجف لـ«الشرق الأوسط» أن «السيدة النجفية أرادت الوصول إلى قبر المرجع الراحل محمد صادق الصدر، والد مقتدى، لتشتكي إليه، لكن المشرفين عليه منعوها من ذلك».
ويتعرض زعيم «التيار» مقتدى الصدر منذ أسابيع لحملة انتقادات واسعة من ناشطين في الحراك بعد اتهام أتباعه بالتورط في أعمال قتل وجرح عدد غير قليل من المتظاهرين في النجف وبغداد. وتنظر اتجاهات غير قليلة إلى الصدر اليوم، بوصفه أحد أبرز الشخصيات المدافعة عن النظام بعد أن كان ينظر إليه على أنه معارض لفساد النظام والساعي إلى إصلاحه. وترى اتجاهات واسعة في الحراك الاحتجاجي أن تزامن وجود الصدر في إيران مع الأشهر التي انطلقت فيها المظاهرات الاحتجاجية أثّر كثيراً على مواقفه الداعمة للحراك. وجاءت المظاهرات التي دعا إليها نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي ضد الوجود الأميركي في العراق، لتقصم ظهر العلاقة بين الصدر وبقية جماعات الحراك المناهضة للنفوذ الإيراني في العراق.
من جهة أخرى، تشهد ساحة الخلاني في بغداد تصعيداً خطيراً هذه الأيام بين المتظاهرين وقوات الأمن غالباً ما يتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين صفوف المتظاهرين وبعض العسكريين، نتيجة الاستخدام المفرط للقوة الذي تقوم به قوات الأمن التي تستخدم الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي ورصاص بنادق الصيد. وأعلنت مفوضية حقوق الإنسان، أمس، عن مقتل وإصابة 47 شخصاً خلال أحداث ساحة الخلاني مساء أول من أمس.
وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي في بيان إن «ثلاثة أشخاص استشهدوا وأصيب 44 آخرون خلال المصادمات التي جرت (أول من) أمس الأحد في ساحة الخلاني وسط بغداد». وفي وقت لاحق أمس، أعلن الغراوي في بيان آخر عن «إصابة 11 عنصراً أمنياً نتيجة رميهم بالحجارة والقناني الزجاجية وقنابل المولوتوف من عدد من الأشخاص غير السلميين في ساحة الخلاني».
وتعليقاً على أحداث الخلاني، أبدى رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، أمس، استغرابه من عدم شعور السلطات بمسؤوليتها حيال حماية المواطنين. وقال علاوي في تغريدة عبر «تويتر»: «من المستغرب جداً ألا تشعر السلطة وأجهزتها الأمنية المسؤولة عن حماية المواطنين بالخجل من استمرار عمليات القتل والاغتيال والخطف والاعتداء على المتظاهرين وتواصل سقوط الشهداء والجرحى بشكل يومي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».