مذكراً بأحداث «الاثنين الأسود»، حين انهارت الأسواق العالمية في عدة ساعات يوم الاثنين 29 سبتمبر (أيلول) من عام 2008 نتيجة انفجار الفقاعة العقارية، تم تعليق التداول في بورصة «وول ستريت» في نيويورك بشكل مؤقت صباح الاثنين جرّاء الخسائر الكبيرة الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتصاعد المخاوف من فيروس كورونا المستجد. وجاء قرار تعليق التداول بعدما بلغت خسائر «إس آند بي 500» سبعة في المائة، هابطا إلى أدنى مستوى منذ يونيو (حزيران) 2019.
ولحظة التعليق، كان مؤشر «داو جونز» قد سجل انخفاضاً بنسبة 7.29 في المائة، ومؤشر «ناسداك» بنسبة 6.68 في المائة. وأطلقت خسارة «إس أند بي 500» نسبة 7 في المائة تلقائياً آلية تعليق مؤقت للتداولات، وهي الآلية التي جرى استحداثها بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 و2009... ما أتاح للسوق والمستثمرين التقاط أنفاسهم. وإذا خسر المؤشر نسبة 13 في المائة، يجري تعليق التداولات مرة ثانية لمدة 15 دقيقة.
ومع بدء التداولات الساعة 13:49 بتوقيت غرينتش، سجل «داو جونز» خسارة بنسبة 7.29 في المائة انخفاضا إلى 23979.79 نقطة، أما «ناسداك» فخسر 7.10 في المائة ليبلغ 7966.94 نقطة، وفقد مؤشر «إس أند بي 500» نسبة 5.55 في المائة من قيمته ليبلغ 2807.43 نقطة.
وتراجعت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية وخسر المؤشر داو جونز الصناعي ألفي نقطة مع تفاقم المخاوف من ركود عالمي وسط نزول بنسبة 22 في المائة في أسعار النفط والانتشار الفائق السرعة لفيروس كورونا.
وبالإضافة إلى تأثير المخاوف المرتبطة بفيروس كورونا المستجد على بورصة نيويورك، تضررت وول ستريت وبورصات أوروبا الكبرى الاثنين أيضاً من انهيار أسعار النفط بأكثر من 20 في المائة. وكانت شركات النفط العالمية من بين أبرز الخاسرين، حيث فتحت أسهم توتال منخفضة 12.6 في المائة بعد انهيار أسعار النفط، فيما شهدت أسهم شركات الطاقة الروسية نزيفاً حاداً مع افتتاح تعاملات الأسبوع في أوّل اختبار للأسواق بعد قرار موسكو بوقف التعاون مع تحالف «أوبك+».
وبينما كانت بورصة موسكو والأسواق المحلّية في عطلة أمس بسبب الاحتفال بيوم المرأة، فإن أسهم روسنفت المتداولة في قطاع الشركات الدولية ببورصة لندن شهدت هبوطاً بالغاً بنسبة 22.57 في المائة في الساعة 12:31 بتوقيت غرينتش، مع اتّجاه لمزيد من الهبوط تزامناً مع الخسائر الحادّة في أسواق النفط العالمية. أمّا أسهم شركة «غازبروم» فقد انسحقت بفقدان نحو 25 في المائة في بداية التعاملات أمس، قبل أن تلملم شتاتها وتحسّن وضعها قليلاً، لتستقرّ خسائرها حول مستوى 16.52 في المائة في وقت لاحق ظهر أمس.
وفي أميركا اللاتينية، علق التداول 30 دقيقة في بورصة ساو باولو بعد تدهور مؤشر «إيبوفيسبا» بنسبة 10 في المائة، أيضاً على خلفية آثار كورونا المستجد على الاقتصاد والهلع من انخفاض أسعار النفط.
وأشار آرت هوغان من مؤسسة «ناشيونال» للاستشارات المالية إلى أن «انخفاض أسعار النفط أمر سيء للدول المنتجة للبترول وللأعمال في قطاع الطاقة». من جانبها، سجلت شركة «بتروبراس» العامة البرازيلية للبترول خسارة بنسبة 24 في المائة قبل تعليق التداولات في بورصة ساو باولو. وأضاف هوغان: «لكن المقلق أكثر، هو أن الانخفاض يوفر صورة قاتمة للمستثمرين بالنسبة إلى النمو الاقتصادي العالمي».
وتواصل حصيلة الإصابات والوفيات بفيروس كورونا المستجد بالارتفاع في الولايات المتحدة التي سجلت 21 حالة وفاة و500 إصابة حتى الآن.
وفي مواجهة الهلع الذي يسود الأسواق، أعلن الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الاثنين، أنه سيرفع المبالغ التي يضخها يومياً في السوق النقدية، لتبلغ 150 مليار دولار على الأقل يومياً.
من جهته، دعا كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي إلى «استجابة دولية منسقة» للتخفيف من أثر وباء كورونا المستجد على الاقتصاد. وفي مؤشر آخر إلى حذر المستثمرين الشديد، انخفضت أسعار الفائدة لعشر سنوات على سندات الخزانة الأميركية. وبلغت 0.4502 في المائة بعدما سجلت أدنى مستوى لها بنسبة 0.3137 في المائة ليل الأحد الاثنين.
وخسرت أسواق المال في أنحاء العالم الاثنين مليارات الدولارات، فيما أغلقت مناطق واسعة في شمال إيطاليا في وقت تجهد السلطات لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد الذي سبب اضطرابات اقتصادية واجتماعية في أنحاء العالم كافة.
وتراجعت الأسواق الأوروبية بشكل كبير مع انخفاض مؤشر فوتسي في لندن أكثر من 6.5 في المائة بعد ظهر الاثنين، ومؤشر داكس في فرانكفورت بنحو 7 في المائة، في أعقاب خسارات كبيرة في الأسواق الآسيوية.
وتراجعت أسواق الأسهم أكثر من 5 في المائة في طوكيو و7 في المائة في سيدني، ملحقة خسائر بمئات مليارات الدولارات من قيمة شركات بعد أسابيع من الخسائر.
وترسم بعض التقديرات صورة قاتمة للاقتصاد العالمي، فقد حذر تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة حول التجارة والاستثمار والتنمية من أن انتشار الفيروس يمكن أن يضر باستثمارات خارجية مباشرة في أنحاء العالم بما يصل إلى 15 في المائة.
وتدخلت العديد من البنوك المركزية لدعم الاقتصادات المتهاوية وهناك دعوات متزايدة للحكومات للتدخل عبر حوافز مالية كبيرة.
وهوى الدولار مقابل اليورو والين الاثنين، فيما تضافر هبوط أسعار النفط ومخاوف فيروس كورونا لتهبط عائدات سندات الخزانة الأميركية لمستويات متدنية لم تخطر على بال.
وسارع المستثمرون المذعورون للسندات بحثاً عن الأمان ونزل عائد السندات الأميركية لأجل 30 عاما عن واحد في المائة ولأجل عشر سنوات عن 0.5 في المائة ليبدد ما كان مصدر الجذب الرئيسي للدولار في وقت ما.
ووسط تعاملات محمومة، نزل الدولار 0.3 في المائة مقابل العملة اليابانية إلى 101.58 ين وهو أقل مستوى في ثلاثة أعوام، خاصة بعد تعليق التداول في وول ستريت. وفي أحدث تعاملات، زاد اليورو واحدا في المائة إلى 1.1408 دولار بينما تراجع الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي ما يقرب من اثنين في المائة مقابل نظيرهما الأميركي.
وخلال التعاملات، نزل الدولار الأسترالي ستة في المائة لأقل مستوى في 11 عاماً مقابل الين بينما نزل نظيره النيوزيلندي أكثر من سبعة في المائة. وفي أحدث تعاملات، سجل الدولار الأسترالي 0.6540 دولار أميركي متعافياً من انخفاض إلى 0.6311 دولار بينما قبع الدولار الأميركي عند أقل مستوى في 17 شهراً مقابل سلة من العملات.
كابوس «الاثنين الأسود» يعود لغزو أسواق العالم
داو جونز فقد 2000 نقطة وتعليق للتداول وخسائر عالمية بالمليارات
كابوس «الاثنين الأسود» يعود لغزو أسواق العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة