ما السبب وراء التعاطف مع إريك داير رغم اعتدائه على أحد المشجعين؟

فعلة لاعب توتنهام تثبت أننا في عصر لا تقتصر فيه الإساءات من مجهولي الهوية على المشاهير فقط

داير لاعب توتنهام يقتحم المدرجات للعراك مع أحد المشجعين
داير لاعب توتنهام يقتحم المدرجات للعراك مع أحد المشجعين
TT

ما السبب وراء التعاطف مع إريك داير رغم اعتدائه على أحد المشجعين؟

داير لاعب توتنهام يقتحم المدرجات للعراك مع أحد المشجعين
داير لاعب توتنهام يقتحم المدرجات للعراك مع أحد المشجعين

في الخامس والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) من عام 1995، اعتدى لاعب مانشستر يونايتد السابق، إريك كانتونا، على أحد مشجعي كريستال بالاس على طريقة «كونغ فو» الشهيرة، وتعرض بعدها للطرد من المباراة والإيقاف لفترة طويلة. وفي تعليقه على المباراة للإذاعة، انتقد معلق المباراة الشاب جوناثان بيرس ما قام به اللاعب الفرنسي، قائلاً: «هل يوجد مكان في هذه اللعبة لشخص يمتلك هذه الموهبة الفذة؛ لكنه يمتلك هذا السلوك السيئ؟ يا إلهي، لقد ركل المشجع بكل قوة! لقد قفز إريك كانتونا ووجه ركلة على طريقة الكونغ فو لمشجع كريستال بالاس. أنا لم أرَ مثل هذا الحادث المشين خلال كل السنوات التي قضيتها في عالم كرة القدم. يجب استبعاد كانتونا من هذه اللعبة، بغض النظر عن الموهبة الكبيرة التي يمتلكها».
لكننا لم نر هذا الشعور بالغضب الشديد عندما قام لاعب خط وسط توتنهام هوتسبير، إريك داير، بالقفز من فوق السياج المحيط بالملعب، خلال مباراة فريقه أمام نوريتش سيتي في الدور الخامس من كأس الاتحاد الإنجليزي، وذهب إلى المدرجات ودخل في شجار مع أحد المشجعين. ولم يعتد داير على أي شخص ولم يرتكب أي شيء خاطئ في حقيقة الأمر، بخلاف إعطائه شعوراً بالتهديد خلال القفز ببطء من فوق المقاعد في المدرجات.
لكن العامل المشترك بين داير وكانتونا هو أن كلاً منهما قد تخطى ملعب المباراة، وذهب للمدرجات للدخول في شجار مع المشجعين، وهو الأمر الذي ترفضه الرياضة الإنجليزية بشكل تام.
إن الجريمة التي ارتكبها داير تتمثل في خروجه من الملعب للهجوم على مشجع دفع أموالاً من أجل مشاهدة المباراة والاستمتاع بها، والقيام بعمل قد يؤدي إلى اضطراب على نطاق أوسع، وقد يعرض الموجودين للخطر.
وهناك شيئان واضحان للغاية في هذا المشهد: الأول هو أنه من غير المعتاد بعد مرور 25 عاماً على ما قام به كانتونا على ملعب «سيلهرست بارك» أن نرى حوادث من هذه النوعية في كرة القدم الحديثة. لكن المشكلة الأساسية تتمثل في «إخفاء هوية» الشخص الذي توجه بالسباب لداير وشقيقه.
وعلاوة على ذلك، كان رد الفعل على ما قام به داير مختلفاً تماماً عن رد الفعل على ما قام به كانتونا، لدرجة أنه كانت هناك موجة من التعاطف والدعم والتصفيق لداير، مع الإشارة إلى أنه قد ذهب إلى المدرجات لحماية شقيقه الذي كان موجوداً هناك. لقد تعاطف معه الجميع وقالوا إنه كان يقفز من فوق المقاعد البلاستيكية للمدرجات بشكل جيد، وكانت تبدو عليه علامات الحزن والأسى وهو ذاهب لتوجيه الدعم لشقيقه!
والآن، ربما يدرك المشجaع الذي وجه السباب لداير وشقيقه، أن توجيه الإساءة للناس من خلف الأسوار قد تؤدي إلى عواقب كبيرة في الحياة الحقيقية لأشخاص آخرين. ومثلما قال رجل حكيم ذات مرة: «لا تقم بتهديدات لا يمكنك القيام بها»، أما داير، فمن المؤكد أنه سيتعرض للعقوبة؛ لكن من المتوقع أن تكون هذه العقوبة بسيطة ومخففة. وعندما يعتزل داير كرة القدم وينظر إلى الخلف ويتذكر ما قام به، فإنه لن يندم على ما قام به!
لكنني أظن أن هناك مزيداً من الأسباب التي تجعل كثيرين يتعاطفون مع داير في هذه الواقعة. في البداية، يجب التأكيد على أنه لا يتعين عليك أن تكون من المشاهير في عالم الرياضة اليوم لكي تشعر بمرارة الإساءات التي تتعرض لها بطريقة عشوائية؛ لأن ذلك الأمر بات معتاداً للجميع، بعد ظهور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبالتالي، كان هناك شكل من أشكال التعاطف مع الشخص الذي وقف للرد على مثل هذه الإساءات التي نتعرض لها يومياً على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال حسابات مجهولة وتحمل أسماء وهمية لا نعرف عنها شيئاً؛ حيث لا يمكنك أن تعرف الأسماء الحقيقية ولا أن ترى الوجوه الحقيقية للأشخاص الذين يكيلون لك السباب والاتهامات، وهو الأمر الذي يجعلك تقف عاجزاً عن الرد على مثل هذه الأمور.
في الحقيقة، أشعر بضيق شديد عندما أسمع بعض الأشخاص يقولون إن المشجعين يدفعون الأموال من أجل مشاهدة المباريات والاستمتاع بها، ولذلك يحق لهم أن يقولوا ما يريدون، وهذا أمر غير صحيح وغير مقبول بالمرة.
ويجب التأكيد على أن الأشخاص الذين يوجهون السباب والألفاظ غير اللائقة من المدرجات يتسببون في حقيقة الأمر في انتشار العنصرية والكراهية، ويخرجون عن الإطار المسموح به، وهو تشجيع الفريق كما يحلو لهم؛ لكن من دون الإساءة لأحد.
لقد أصبح العالم مكاناً مليئاً بالكراهية والقمع، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى مزيد من العنصرية والكراهية؛ لأننا في حقيقة الأمر أصبحنا قريبين للغاية من الهاوية! ويتعين علينا أن نفطن إلى حقيقة أن الغضب يغذي نفسه بنفسه. لقد سمع داير كثيراً من الهتافات المسيئة، ووصل إلى حالة من الانهيار يوم الأربعاء، وشعر بأنه يتعين عليه أن يرد على تلك الإساءات؛ لأنه لم يعد يحتمل المزيد. ربما يكون هذا هو السبب الذي جعل كثيرين يتعاطفون معه؛ لأنهم يرون أنه بشر في نهاية المطاف، وأن لكل فعل رد فعل، وأنه لا يمكن لأي شخص أن يتعرض لكمية هائلة من الضغوط والإساءات من دون أن يرد. لقد أصبحت كرة القدم مكاناً مليئاً بالغضب والإساءات، شئنا أم أبينا؛ لكن يتعين علينا أن نقاوم تلك الأمور بكل ما أوتينا من قوة.


مقالات ذات صلة

مدرب الغرافة: لن نراقب رونالدو

رياضة عربية بيدرو مارتينيز وناني خلال المؤتمر الصحافي (الشرق الأوسط)

مدرب الغرافة: لن نراقب رونالدو

أكد بيدرو مارتينيز مدرب نادي الغرافة القطري أن فريقه لن يفرض رقابة فردية على البرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم نادي النصر السعودي.

سعد السبيعي (الدوحة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني (رويترز)

سيميوني يقاوم دموعه رداً على إمكانية رحيله عن أتلتيكو مدريد

بدا دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد متأثراً للغاية عند سؤاله عن الشكوك التي تحيط بمستقبله مع الفريق، وذلك بعد الفوز بصعوبة على ديبورتيفو آلافيس بنتيجة 2 - 1.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية هانز فليك (أ.ف.ب)

فليك: برشلونة محظوظ بالتعادل مع سيلتا فيغو

قال هانز فليك مدرب برشلونة إن لاعبيه المخطئين يجب ألا يلوموا سوى أنفسهم، بعد التعادل 2 - 2 مع مضيفه سيلتا فيغو، السبت، في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (فيغو (إسبانيا))
رياضة عالمية روبن أموريم (أ.ف.ب)

أموريم مدرب يونايتد: سأكون صارماً عندما يتطلب الأمر

يُعرف روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد الجديد بقدرته على التواصل مع اللاعبين وهو أمر يقول كثيرون إن سلفه إريك تن هاغ كان يفتقده.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية لاعبو راسينغ كلوب خلال التتويج باللقب (أ.ف.ب)

راسينغ الأرجنتيني بطلاً لأميركا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخه

توج فريق راسينغ كلوب الأرجنتيني بلقب كوبا سود أمريكانا لأول مرة في تاريخه بعد الفوز على كروزيرو البرازيلي بنتيجة 3 / 1 في المباراة النهائية مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (أسينسيون )

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
TT

«بوندسليغا»: ليفركوزن وشتوتغارت يستعيدان نغمة الفوز

رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)
رفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس (أ.ف.ب)

استعاد باير ليفركوزن حامل اللقب نغمة الانتصارات بفوزه الكاسح على مضيفه هوفنهايم 4 - 1، السبت، ضمن المرحلة الثالثة للدوري الألماني لكرة القدم.

وكان «فيركسليف» تعرّض لخسارته الأولى هذا الموسم على يد لايبزيغ في المرحلة الثانية 2 - 3، وهي الأولى أيضاً في الدوري منذ 463 يوماً، وتحديداً منذ سقوطه أمام بوخوم 0 - 3 في مايو (أيار) 2023.

وسجّل لليفركوزن الفرنسي مارتين تيرييه (17) والنيجيري فيكتور بونيفاس (30 و75) وتيمو فيرتس (71 من ركلة جزاء)، فيما سجّل لهوفنهايم ميرغيم بيريشا (37).

ورفع ليفركوزن رصيده إلى 6 نقاط في المركز الخامس، فيما تجمّد رصيد هوفنهايم عند 3 نقاط في المركز الـ12.

وحصد شتوتغارت وصيف البطل الموسم الماضي فوزه الأول هذا الموسم بعد انطلاقة متعثرة بتخطيه مضيفه بوروسيا مونشنغلادباخ 3 - 1.

وسجّل لشتوتغارت دينيز أونداف (21) والبوسني إرميدين ديميروفيتش (58 و61)، في حين سجّل لمونشنغلادباخ الفرنسي الحسن بليا (27).

واستهل شتوتغارت الموسم بشكل سيئ، فخسر مباراته الأولى أمام فرايبورغ 1 - 3، ثمّ تعادل أمام ماينتس 3 - 3.

وفشل لايبزيغ في تحقيق فوزه الثالث من 3 مباريات بعد أن اكتفى بالتعادل أمام أونيون برلين من دون أهداف.

وكانت الفرصة سانحة أمام لايبزيغ لاعتلاء الصدارة بالعلامة الكاملة، لكنه فشل في هزّ شباك فريق العاصمة.

وفي النتائج الأخرى، فاز فرايبورغ على بوخوم 2 - 1.

ويدين فرايبورغ بفوزه إلى النمساوي تشوكوبويكي أدامو (58 و61)، بعدما كان الهولندي ميرون بوادو منح بوخوم التقدم (45).

ورفع فرايبورغ رصيده إلى 6 نقاط من 3 مباريات، فيما بقي بوخوم من دون أي فوز وأي نقطة في المركز الأخير.

كما تغلب أينتراخت فرانكفورت على مضيفه فولفسبورغ 2 - 1.

وتألق المصري عمر مرموش بتسجيله هدفي الفوز لفرانكفورت (30 و82 من ركلة جزاء)، في حين سجّل ريدل باكو هدف فولفسبورغ الوحيد (76).

ويلتقي بايرن ميونيخ مع مضيفه هولشتاين كيل الصاعد حديثاً في وقت لاحق، حيث يسعى العملاق البافاري إلى مواصلة انطلاقته القوية وتحقيق فوزه الثالث بالعلامة الكاملة.

وتُستكمل المرحلة، الأحد، فيلتقي أوغسبورغ مع ضيفه سانت باولي، فيما يلعب ماينتس مع فيردر بريمن.