الشجر والبحر والسماء... مصادر إلهام رسامة فلسطينية لتجسيد الواقع

تستخدم العناصر الطبيعية في لوحاتها (الشرق الأوسط)
تستخدم العناصر الطبيعية في لوحاتها (الشرق الأوسط)
TT

الشجر والبحر والسماء... مصادر إلهام رسامة فلسطينية لتجسيد الواقع

تستخدم العناصر الطبيعية في لوحاتها (الشرق الأوسط)
تستخدم العناصر الطبيعية في لوحاتها (الشرق الأوسط)

داخل أسوار المتنزه العام وسط مدينة غزّة، تعكف الشابة الفنانة شيماء الدلو على رسم لوحتها الفنية، التي تجسد من خلالها الواقع الفلسطيني من خلال إبراز عناصر مختلفة، مستخدمة بذلك بعض التفاصيل من الحياة النسوية التي عايشتها المرأة على مدار التاريخ القريب، حيث استطاعت الشابة خلال فترة قصيرة أن تجد لنفسها مكاناً في عالم الفن التشكيلي.
وتبلغ شيماء من العمر (23 عاماً)، وبدأت موهبتها الفنية منذ الطفولة، حيث كانت دائماً حريصة على الرسم في الحصص الفنية وبالأوقات الأخرى، وكانت تستثمر طلبات المعلمات الرامية لإنجاز رسم لوحات فنية على السبورة، لتكون أولى المشاركات بتلك الأنشطة، وذلك لأنّها كانت تشعر دائماً بشيء يجذبها نحو الفن.
وتروي لـ«الشرق الأوسط»: «في مرحلة ما من الطفولة، مررت بظروف خاصّة دفعتني للابتعاد عن الرسم لوقتٍ طويل، وحين أنهيت التعليم في الصفوف المدرسية لم أتمكن من الالتحاق بالجامعة للأسف، فوجدت أنّ وقت فراغٍ كبيراً صار لدي، فالتجأت للرسم من جديد، وكان هذا الاتجاه بشكلٍ أساسي للتفريغ عن كل المواقف السلبية التي تمرّ عليّ».
وتوضح أنّ غرفتها الصغيرة الواقع على طرف منزلها، كانت هي عالمها الخاص لممارسة تلك الهواية وتنمية الموهبة، وفي فترة قصيرة استطاعت استعادة شغفها وحبها للرسم، مشيرة إلى أنّها تعلمت من الإنترنت ألواناً فنية مختلفة، ساهمت هي في تطويرها من خلال إطلاق عنان التفكير لخيالها خلال التأمل والرسم.
وتمكنت الشابّة من ابتكار لون فنّي خاص، طورته بنفسها، وهو عبارة عن استثمار الطبيعة وجمالها المتنوع، لإكمال اللوحات وجعلها من مكوناتها الرسمية التي لا يمكن الاستغناء بها، ومن بين العناصر الطبيعية التي تستخدمها السماء والبحر والأشجار الخضراء والزهور الملونة.
وتردف: «لتطبيق ذلك، أبدأ بتخيل المشهد الذي أرغب بتصويره في لوحتي، ثمّ ألتقط ورقة بيضاء كبيرة، أضعها على الحامل الخشبي الخاص بالرسم، وبعدها أجلب المشرط، الذي أستعمله لتفريغ الورقة بالأشكال المطلوبة، وبعد إتمام ذلك، أحمل الورقة وأنتقل بها للعنصر الطبيعي الذي أرى أنّه يمكن أن يكملها، وألتقط لها صوراً لها بعد أن تكتمل».
وتشير إلى أنّها بدأت قبل نحو عامين بعرض أعمالها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وحصلت على ردود فعل ممتازة من المتابعين الذين حفزوها على الاستمرار في طريقها الفني، وبعضهم رأى فيها موهبة فنية كبيرة يمكن أن تحصل على صيتٍ واسع على المستويات المحلية والعالمية في السنوات المقبلة.
وتجيد الشابّة، إلى جانب اللون الفني الذي تقول إنّها ابتكرته، الرسم وتشكيل اللوحات بأنماطٍ أخرى، مثل الرسم على الرمل والرسم بالفحم وبالقهوة وبالألوان المائية والخشبية، وبغيرها من الأنواع الأخرى، كما تعمل على تشكيل اللوحات من الفخار والطين، وأحياناً من النار والإسمنت والحجارة.
وتسرد: «ألجأ لممارسة موهبتي الفنية، بعدما صارت غرفتي غير كافية، للمناطق المفتوحة والطبيعية في قطاع غزة، مثل المتنزهات الخضراء وشاطئ البحر، وهناك يتلف حولي الناس والمشاهدون بصورة محفزة، ويكونون حريصين على منحي الهدوء لإتمام أعمالي، وأنا أكون حريصة على إعطائهم فرصة الاستمتاع باللوحة والتقاط الصور لها».
وتشرح أنّها تختار مواضيع لوحاتها، لتكون من وحي الحياة اليومية الفلسطينية، حيث إنها تسلط الضوء على كلّ ما يخصها، وذلك كون القضية الوطنية بشكلٍ عام، تشكل جزءاً مهماً من حياة أي فنان فلسطيني، منوهة إلى أنّها ترغب أن تكون لوحاتها قادرة على التعبير عن هَم النساء والأطفال، لأنّهم من الفئات الأكثر تهميشاً وتضرراً من الواقع.
وخلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزّة، فقدت الدلو عدداً من لوحاتها، إلا أنّ ذلك لم يقف حائلاً أمام استمرارها في الرسم للتعبير عن تلك الاعتداءات، ولفضح جرائم الاحتلال، كما تؤكد، مبيّنة أنّها استطاعت خلال فترة قصيرة لم تتجاوز العامين من إيجاد اسم وبصمة خاصّة لها في العالم الفنّي المحلي.
وعن الواقع الفني المحلي، تتحدث شيماء: «بصراحة، هناك طفرة لدى كثير من الفنانين الفلسطينيين، على صعيد الأداء وتنظيم المعارض الداخلية والخارجية، وأرى أنّ المستوى الذي تعيشه الحالة الفنية اليوم، هي قريبة إلى حد كبير من المطلوب، مع الإقرار بأهمية وضرورة السعي الدائم نحو تطوير الذات والأداء، لأنّ الفنان ابن الأحداث العصرية».
وتلفت، في ختام حديثها، إلى أنّها تواجه خلال ممارستها الفنية عدداً من العقبات لها علاقة بالاحتلال الإسرائيلي والحصار المفروض على القطاع منذ نحو 14 عاماً، حيث يعيق كثيراً دخول المواد اللازمة للرسم، وفي الحين الذي تدخل به تكون أسعارها مختلفة، وهذا أمر سلبي، كونهم يدفعون من جيوبهم الخاصّة، وتعاني كذلك من الانقطاع الدائم للتيار الكهربائي.



المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
TT

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية وتاريخها الممتد في عمق الحضارة المصرية.

واستهدفت الفعالية التي نُظمت، الأحد، بالتعاون بين مؤسسة «دروسوس» وجمعية «نهضة المحروسة» تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الإبداع في مجالات التراث والفنون والحِرف اليدوية، في الاحتفاظ بسمات حضارية قديمة، كما تستهدف تعزيز دور الصناعات الإبداعية باعتبارها رافداً أساسياً للتنمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك إبراز أهمية الابتكار والإبداع في مختلف المجالات.

وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، أن «هذه الفعالية تعزز روح التعاون والرؤية المشتركة وتشجيع التبادل الثقافي»، لافتاً في كلمة خلال الاحتفالية إلى أن «المتحف المصري الكبير ليس متحفاً تقليدياً، وإنما هو مُجمع ثقافي يحتفي بالتاريخ والثقافة المصرية ويشجِّع على الإبداع والابتكار الذي يرتكز على الماضي لينطلق نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتطوراً».

الحِرف اليدوية تحمل طابعاً تراثياً (وزارة السياحة والآثار)

وأوضح غنيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف عبارة عن منارة ثقافية هدفها ليس فقط عرض الآثار، لكن أيضاً عرض التراث المصري سواء المادي أو غير المادي، وربطها بالحضارة المصرية القديمة وعبر عصور مختلفة وصولاً إلى العصر الحديث».

وتضمنت الفعالية جولة بالمتحف تمت خلالها زيارة البهو، حيث تمثال الملك رمسيس، والدَّرَج العظيم، وقاعات العرض الرئيسة، وكذلك المعرض الخاص بالفعالية، كما اختتمت فرقة «فابريكا» الفعالية، حيث قدَّمَت أوبريت «الليلة الكبيرة»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

ويضيف الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف أن «الجمعيات الأهلية أو الجهات المتخصصة والمعنية بالتراث نحاول أن نعرضها في المتحف بشكل لائق ومشجع لمن يقومون على هذه الحِرف والفنون».

جانب من فعالية «تأثير الإبداع» للفنون التراثية والحِرف اليدوية (وزارة السياحة والآثار)

وأشار إلى أن الفعالية تضمنت عرض مجموعات من الخزف وكذلك فنون على الأقمشة والأعمال الخاصة بالخشب وأعمال متنوعة في المجالات كافة.

ويعدّ المتحف المصري الكبير من أهم المتاحف المصرية المنتظر افتتاحها، ووصفه رئيس الوزراء المصري في تصريحات سابقة بأنه سيكون «هدية مصر للعالم»، ويقع المتحف على مساحة 117 فداناً، ضمن مشهد مفتوح على منطقة الأهرامات الثلاثة، وتُعوّل مصر عليه كثيراً في تنشيط الحركة السياحية، ومن المنتظر أن يشهد عرض المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة لدى افتتاحه الرسمي بشكل كامل.

وتضمنت الفعالية التي شهدها المتحف رحلة عبر الزمن اصطحبتهم من الماضي حيث الحضارة الخالدة، مروراً بالحاضر ورموزه الفنية، نحو صورة لمستقبل أكثر ابتكاراً وإبداعاً.

وتعدّ فعالية «تأثير الإبداع» إحدى الفعاليات المتنوعة التي يستضيفها المتحف المصري الكبير في إطار التشغيل التجريبي الذي يشهده ويتيح لزائريه زيارة منطقة المسلة المعلقة، والبهو العظيم والبهو الزجاجي، والمنطقة التجارية، بالإضافة إلى قاعات العرض الرئيسة التي تم افتتاحها جزئياً.