إدانات عربية ودولية لاستهداف موكب رئيس الوزراء السوداني

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)
TT

إدانات عربية ودولية لاستهداف موكب رئيس الوزراء السوداني

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (أ.ب)

توالت ردود الفعل العربية والدولية على محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، صباح اليوم (الاثنين)، بتفجير عند مرور موكبه في العاصمة السودانية الخرطوم. وأدانت ردود الفعل، الحادث، مؤكدة دعمها للحكومة الانتقالية السودانية.
وأكدت الولايات المتحدة الأميركية وقوفها ودعمها للحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، وذلك عقب الهجوم الإرهابي على موكب حمدوك.
وقالت السفارة الأميركية في الخرطوم، في تغريدة على موقعها الرسمي، إنها تشعر بالصدمة إزاء الهجوم، وتابعت السفارة الأميركية: «نشعر بالصدمة والحزن إزاء الهجوم على موكب رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. خالص تعازينا للضحايا، وسنواصل دعم الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، وتضامننا مع الشعب السوداني».
https://twitter.com/USEmbassyKRT/status/1236958159975088128
وفي سياق متصل، قال السفير البريطاني بالخرطوم عرفان صديق، إنه صُدم عند سماع خبر الانفجار الذي لحق بموكب رئيس الوزراء السوداني.‬
‏ وقال عرفان في تغريدة له في حسابه الرسمي على «تويتر»، «تحدثت مع مكتب رئيس الوزراء، وعلمت أن الجميع على ما يرام، ولم يصب أحد في هذا الانفجار. هذا حدث مقلق للغاية، ويجب التحقيق فيه بشكل كامل. لقد أكدت هذه الحادثة من جديد الطبيعة الحساسة لهذا الانتقال والدور المحوري الذي يؤديه رئيس الوزراء. نأمل في اتحاد الجميع خلف رئيس الوزراء».
https://twitter.com/FCOIrfan/status/1236946243219263489
وعربياً، أدانت جامعة الدول العربية «التفجير الإرهابي الذي استهدف موكب حمدوك، صباح الاثنين بالخرطوم». وعبّرت الجامعة، في بيان صحافي، اليوم، عن صدمتها جراء وقوع هذه المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء، وجددت التزامها بالوقوف مع السودان.
وندّدت دولة الإمارات بـ«الهجوم الإجرامي الذي استهدف موكب دولة عبدالله حمدوك رئيس مجلس الوزراء السوداني في الخرطوم». وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان أن «دولة الإمارات تعرب عن استنكارها الشديد لهذا الإستهداف الإجرامي، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب الذي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار ويتنافى مع القيم والمبادئ الدينية والإنسانية».
إلى ذلك، وصف وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني بالصادمة، و«تهدف إلى تقويض المرحلة الانتقالية بكل ما تحمله من آمال وتطلعات للمواطن السوداني».
وكتب قرقاش عبر على «تويتر»، اليوم (الاثنين): «نقف متضامنين مع السودان حكومةً وشعباً، ونرفض العنف أداة سياسية أياً كان مصدرها».
https://twitter.com/AnwarGargash/status/1237006558267146242
بدورها، أدانت الخارجية المصرية محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت موكب رئيس الوزراء السوداني. وأعرب المتحدث الرسمي باسم الوزارة أحمد حافظ، عن ارتياح مصر لفشل المحاولة الآثمة ونجاة حمدوك. وأكد في بيان صحافي أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة الإرهاب بكل صوره وأشكاله والقضاء عليه.
كما أعلنت وفود التفاوض إلى محادثات السلام في جوبا، إدانتها للمحاولة التي تعرض لها حمدوك في الخرطوم.
وقال الفريق أول ركن شمس الدين كباشي عضو مجلس السيادة وعضو الوفد الحكومي للمفاوضات، في تصريح صحافي، عقب اجتماع للجانبين في جوبا، إنهم تناولوا المعلومات الأولية الرسمية الواردة من الخرطوم، التي تشير بوضوح إلى أن محاولة استهداف رئيس الوزراء هي عملية إرهابية مكتملة الأركان، حسبما نقلت وكالة «سونا».
وأضاف كباشي أن الوفدين أكدا أن السودان وشعبه سيواجهان الإرهاب، متحدين، «إذ لا مكان للإرهاب في السودان، لا في السابق، ولا في المستقبل، وهذا مستمد من قيم شعبنا وأخلاقه وتراثه، وما ثورة ديسمبر (كانون الأول) إلا ثورة لوضع نهاية للإرهاب».
وتابع كباشي: «إننا في جوبا ندين هذا الاستهداف بأغلظ العبارات، ونواجه هذا الحادث متحدين، وسيدفعنا للتسريع بعملية السلام، فالسلام هو مفتاحنا الرئيسي لمكافحة الإرهاب والعنف السياسي، وطريقنا نحو بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على المواطنة، التي لن تقف في طريقها محاولات الإرهاب والعنف التي تعد محاولة جبانة لا تمت بصلة لشعبنا وتقاليده».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.