وزير الطاقة السوداني: ورثنا اقتصاداً منهاراً... وقدمنا 13 ملف فساد إلى النائب العام

قال لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السابق يخنق البلاد بأزمة الوقود... والربط الكهربائي مع مصر شارف على نهايته

عادل علي إبراهيم
عادل علي إبراهيم
TT

وزير الطاقة السوداني: ورثنا اقتصاداً منهاراً... وقدمنا 13 ملف فساد إلى النائب العام

عادل علي إبراهيم
عادل علي إبراهيم

اتهم وزير الطاقة والتعدين السوداني عادل علي إبراهيم، شركات تابعة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، بالتسبب في أزمة الوقود، مرجحاً أن تكون لها أهداف سياسية أو مدفوعة من جهات لخنق اقتصاد البلاد، كما كشف عن إحالة 13 ملف فساد بوزارة الطاقة والتعدين للنائب العام.
وقال الوزير السوداني، في مقابلة مع «الشرق الأوسط» أمس، إن إنتاج البلاد من النفط تناقص إلى 60 ألف برميل، ما اضطر السلطات إلى الاستدانة من شركاء صناعة النفط وجنوب السودان، لتغطية العجز في تشغيل مصفاة الخرطوم، البالغ 100 ألف برميل في اليوم، وتغطي المصفاة حالياً نصف حاجة البلاد من المشتقات النفطية، ويتم استيراد النصف المتبقي.
وتغطي مصفاة الخرطوم 90 في المائة من حاجة البلاد لوقود «البنزين» و60 في المائة من الغازولين، وتبلغ الطاقة التصميمية للمصفاة نحو 100 ألف برميل يومياً.
وقال إبراهيم إن شركات استيراد مشتقات النفط التي تعمل منذ النظام البائد لها مديونيات على الحكومة، اشترطت منذ فبراير (شباط) الماضي تسديد مديونياتها، ثم أوقفت الاستيراد، في وقت كان التعامل يتم عن طريق البيع الآجل أيام نظام المعزول البشير، ثم استمرت عليه الحكومة الانتقالية. وأضاف: «ما يثير حفيظتي، أن هذه الشركات لم تراعِ المصلحة الوطنية والمواطنين، فخنقت البلاد».
وعزا الوزير عدم معالجة الأزمة الراهنة بشكل سريع، إلى عدم توفر النقد الأجنبي، وقال: «الحكومة ورثت وضعاً مالياً واقتصادياً منهاراً منذ سنين، ناتجاً عن السياسات الخاطئة للنظام البائد»، واستطرد: «أدت السياسات الخاطئة إلى تدمير المشروعات المنتجة، وخلفت ديوناً بمئات الملايين لصالح شركات أجنبية ومحلية في قطاع الكهرباء».
ويستورد السودان في الشهر 4 بواخر غازولين، وباخرة بنزين، وباخرة غاز طبخ، يتراوح سعر الباخرة بين 25 – 27 مليون دولار. وأضاف الوزير: «هذه الأرقام توضح حجم المبالغ المالية المطلوبة شهرياً». وتابع: «ورثنا خزانة فارغة، ومديونيات كبيرة للصناديق العربية والإسلامية والإقليمية والبنوك الممولة»، واستطرد: «في هذا الوضع يصعب بناء مخزون استراتيجي».
وتحدث الوزير عن خطة إسعافية ومتوسطة وطويلة الأمد، لسد فجوة المحروقات، عن طريق زيادة الإنتاج وتوفير تمويل عمليات حقول البترول المملوكة للدولة بعد انسحاب الشركاء. وأضاف: «نسعى إلى زيادة إنتاج الحقول لتكفي مصفاة الخرطوم، لتغطية الاستهلاك المحلي ووقف الاستدانة».
وأكملت الوزارة دراسات وبرنامج تطوير حقول النفط، وقال الوزير: «وضعنا خطة تفصيلية مع الشركات الوطنية والصينية لزيادة الإنتاج في الحقول النفطية، وحددنا الكلفة وخيارات التمويل لوزارة المالية»، مشيراً إلى معوقات تتمثل في عدم الاستقرار الأمني في مناطق الإنتاج وتذبذب سعر العملة الوطنية.
وبحسب الوزير، تلقى السودان عروضاً لتطوير الحقول والاستكشافات النفطية الجديدة، من 5 شركات نرويجية وسويدية وإماراتية وكويتية وتركية، تقوم وزارة الطاقة والتعدين بدراستها، وقال: «قيم الثورة السودانية الممثلة في الشفافية والحرية والديمقراطية، تشجع المستثمرين على الإقبال على الاستثمار في الطاقة والتعدين».
وأكد الوزير وجود مناطق واعدة في مجالات النفط في ولايات النيل الأزرق والجزيرة وكردفان ودارفور والبحر الأحمر ووسط السودان والشمالية. وأضاف: «وضعنا خطة إسعافية لتلافي الضرر الذي أصاب قطاع النفط». واستطرد: «الخراب الذي أحدثه النظام السابق في قطاعي النفط والكهرباء كبير جداً». وتابع: «أعدنا تسمية مربعات إنتاج النفط على أسس جديدة بتوفير المعلومات عن المسوحات والاستكشافات».
وأبدى تفاؤله بحل الأزمة الراهنة في المشتقات البترولية بالبلاد، قائلاً: «العاملون في قطاع النفط يبذلون جهوداً كبيرة، وهم مصممون على استغلال الموارد بشكل جيد، والدأب على تطوير وإصلاح الواقع السيئ الموروث من نظام المخلوع عمر البشير».
ورهن الوزير جلاء أزمة نقص المشتقات البترولية بتحسن الوضع المالي للدولة، وقال: «بدأنا البحث لإيجاد موارد نقد أجنبي، وتشكلت آلية عليا لمعالجة الأزمة الاقتصادية بالبلاد، لوضع برامج للتغلب على المشكلة جذرياً». وأوضح الوزير أن النظام البائد عمد إلى إخفاء معلومات النفط، وكان يتعامل معه كملف أمني، لكنه تعهد بتقديم كل الحقائق والأرقام المتعلقة بالنفط والتعدين إلى الشعب بكل شفافية. وقال: «بانفصال دولة جنوب السودان في العام 2011. ورث السودان حقول نفط صغيرة ومراكز المعالجة وخطوط الأنابيب والمصفاة، فتراجع إنتاج النفط لأقل من 130 ألف برميل، وفشل النظام المباد في رفعه إلى 130 ألف برميل، بسبب شح التمويل وهروب النقد الأجنبي والشركات المستثمرة، وتأزم الوضع السياسي، وتواصل التدهور، فتقلص الإنتاج إلى 60 ألف برميل في اليوم».
وأشار الوزير إلى تكوين لجنة لمعرفة حجم الأموال المنهوبة من النفط وتهريبها للخارج، «والفساد الكبير» في ملفاته والمخالفات الإدارية والمالية لبعض الأفراد، وترسية عطاءات لشركات أمنية. وقال إبراهيم: «بعض المشروعات أنشئت بضمان النفط، لكنها نفذت بقروض أخرى، ما يشير لأعمال مريبة حدثت لأموال النفط، ما دفع النظام المعزول لإخفاء المعلومات والأرقام حول النفط وإنتاجه».
وأعلن اكتمال نحو 13 ملف فساد في وزارة الطاقة والتعدين، ستحال للنائب العام، ترتبط بقضايا الفساد ومخالفات مالية وفساد إداري، وأن لجنة محاربة الفساد في الوزارة أنجزت المرحلة الأولى، وهي بصدد إحالة الملفات للنائب العام، وقال: «انتهجنا طريقة جديدة، تتضمن إبعاد الوسطاء والسماسرة عن عمليات إدارة الاستثمار».
وقدر وزير الطاقة والتعدين إنتاج السودان من الذهب بنحو 120 طناً في العام، وأرجع التضارب في أرقام الإنتاج لغياب الإحصاءات عن المنتج من الذهب، وتعهد بتكوين آلية لضبط الإنتاج، ووضع سياسات تسعير جديدة، وفقاً للبورصات العالمية للتقليل من التهريب.
وتعمل الوزارة على تطوير إنتاج الذهب، وحل المشكلات في مناطق التعدين، وتوفير الوقود والخدمات في مناطق الإنتاج، وتقليل التأثير البيئي السالب، بوقف استخدام الزئبق في استخلاص الذهب بالتدريج خلال العام الحالي، وتوفير بدائل ميكانيكية روسية، وتجربة جامعة ألمانية لاستخلاص الذهب من دون الزئبق، على أن تصنع الآليات اللازمة لذلك محلياً، وهي تحقق نسبة استخلاص أعلى من الزئبق.
وتطرح وزارة المعادن مربعات جديدة للاستثمار، إضافة إلى المربعات التي كان يحتكرها النظام السابق، والمربعات غير المستثمرة التي ستطرح بموجب قانون تفكيك نظام الإنقاذ، التابع لعناصر النظام البائد، وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص السوداني.
وتلقت وزارة الطاقة والتعدين عروضاً للاستثمار في الذهب من شركات أميركية وكندية وأسترالية، تنتظر رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب. وتعهد الوزير بتشريع سياسات لتنمية المجتمعات المحلية في مناطق التعدين، وتخصيص نسبة من الإنتاج لها، وتوظيف أبناء تلك المجتمعات في شركات التعدين.
وبحسب الوزير السوداني، زاد إنتاج النفط في دولة جنوب السودان، وتحسنت العلاقة بين البلدين كثيراً، وهما يتعاونان لزيادة الإنتاج في حقلي الوحدة وسارجاث، كما مددا اتفاقية التعاون النفطي بين البلدين إلى 2022 دون زيادة في الرسوم.
واعتمدت الاتفاقية إمداد مصفاة الخرطوم ومحطة أم دباكر بخام دولة الجنوب (28 ألف برميل يومياً) بواقع 14 ألف برميل لكل محطة، بجانب دفعات الترتيبات الاقتصادية.
وعزا الوزير تدني التوليد الكهربائي بالبلاد هذه الأيام إلى نقص الوقود في المحطات الحرارية، وقال: «قطاع الكهرباء مثقل بالديون والخراب، وعقود التوليد الخاصة راكمت ديوناً كبيرة عبر شركة تركية». وتعهد بإجراء الصيانات اللازمة لمقابلة احتياجات فصل الصيف.
وأوضح أن الربط الكهربائي بين السودان ومصر شارف على نهايته، وانتهت مرحلة الاختبارات، وتبقي فقط اختبار توازن الذبذبة بين الشبكتين، وأن مصر تبرعت بالجهاز اللازم، وسيتم تركيبه خلال الأسبوعين المقبلين، وينقل خط الربط 50 ميغاواط في المرحلة الأولى. ويحصل السودان على 130 ميغاواط من إثيوبيا بسعر رخيص، وتعمل البلدان على إنشاء خط أنابيب من بورتسودان لمد إثيوبيا وأواسط السودان بالبنزين.



أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.