الجيش الليبي يستهدف مجدداً الوجود العسكري التركي

رصد عناصر موالية لأنقرة قرب تاجوراء طرابلس

TT

الجيش الليبي يستهدف مجدداً الوجود العسكري التركي

واصل الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، استهداف الوجود العسكري لتركيا الداعمة لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، في العاصمة طرابلس، بقصف مطار وقاعدة معيتيقة الجوية. وسُمع أمس، لليوم الثاني على التوالي، دوي انفجارات عنيفة في محيط القاعدة الواقعة شرق طرابلس، علماً بأن مدفعية قوات الجيش كانت قد استهدفت فيها مساء أول أمس، منظومة دفاع جوي، ودمرت مخزناً لمعدات عسكرية لميليشيات ما يعرف باسم «قوة الردع» الخاصة الموالية لحكومة السراج.
ويعتبر الجيش الوطني، قاعدة معيتيقة، مقراً دائماً لعمليات القوات التركية التي تقاتل إلى جانب صفوف الميليشيات المسلحة ضده بالعاصمة.
ووزعت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني لقطات مصوّرة تظهر تعرض بعض منازل المدنيين في طرابلس للتدمير، جراء قيام الميليشيات المسلحة بقصفها. وقالت شعبة الإعلام إن «مجموعات الحشد الميليشياوي بعد عجزها عن كسب المعركة، وخسارتها لمواقعها يوماً بعد يوم، تخترق الهدنة الدولية من جديد، وتستهدف بقذائف عشوائية مناطق وأحياء سكنية آمنة بمنطقة قصر بن غشير، منتهكة بذلك القوانين الدولية لحقوق الإنسان»، لافتة إلى أن «هذه الميليشيات تسعى لإلصاق هذه التهمة التي يعاقب عليها القانون الدولي بقوات الجيش الوطني».
بدوره، وزّع مكتب إعلام الجيش لقطات لما بدا أنه بمثابة إعلان عن مشاركة «كتيبة طارق بن زياد» المقاتلة ضمن قواته في معركة طرابلس، لافتاً إلى أن «قوات الجيش تملك القدرة على تنفيذ كافة المهام الموكلة إليها بكل كفاءة وحرفية عالية في الأداء، دفاعاً عن الوطن وسيادته، وحفاظاً على مقدراته ومكتسباته، ورداً لأي غزو إرهابي»، على حد تعبيره.
إلى ذلك، رصد سكان محليون وشهود عيان، أمس، مرور أربع حافلات لـ«مرتزقة» موالين لتركيا بالقرب من منطقة تاجوراء، التي تقع شرقي وسط العاصمة طرابلس. كان العميد خالد المحجوب، آمر إدارة التوجيه المعنوي للجيش الوطني، قد أعلن في تصريحات تلفزيونية مساء أول أمس، «مقتل نحو 142 من (المرتزقة) الموالين لتركيا في معارك طرابلس»، لافتاً إلى «تكتم حكومة السراج وتركيا على مصرع هؤلاء (المرتزقة)».
وتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن ارتفاع عدد القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا بمعارك ليبيا، إلى 117. ونقل عن مصادر أن هؤلاء قتلوا خلال الاشتباكات في عدة محاور للقتال داخل العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن نحو 150 مقاتلاً من ضمن الذين توجهوا إلى ليبيا، باتوا في أوروبا. كما أعلن ارتفاع أعداد المجندين الذين وصلوا إلى العاصمة طرابلس، وسط ما وصفه باستمرار الاستياء الشعبي الكبير من عملية نقل المرتزقة إلى ليبيا.
وادعى الناطق باسم القوات الموالية لحكومة السراج، المشاركة فيما يسمى بعملية «بركان الغضب»، أن القوات دمّرت أمس مخزناً للذخيرة لقوات الجيش الوطني في سوق الأحد، رداً على ما وصفه باستهداف المدنيين خلف خطوط القتال بالعاصمة طرابلس. كما نقلت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة السراج عن علي بوزيان، آمر غرفة السيطرة بقوة مكافحة الإرهاب التابعة لها، مقتل 32 من قوات الجيش الوطني، في قصف مدفعي على تمركزاتهم في قصر بن غشير. واتهم قوات الجيش بقصف المدنيين، رداً على قصف قوات «الوفاق» لتمركزاته بالمنطقة.
وتحدثت لجنة حكومية مختصة بالنازحين عن نزوح أكثر من 54 ألفاً و700 أسرة من مناطق الاشتباكات في طرابلس.
إلى ذلك، طالبت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بـ«الإفراج الفوري» عن عضو مجلس النواب سهام سرقيوة، المختطفة، منذ العام الماضي. ودعت في بيان لها، السلطات المعنية، لـ«تحمل مسؤوليتها والتحقيق في اختطافها».
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس، بمناسبة اليوم الدولي للمرأة، أن «خطف سرقيوة، يشكل تعدياً كان له وقعه المروع على عمل الناشطات في ليبيا، وتعهدت بالاستمرار في تواصلها ومناصرتها من أجل تشجيع السلطات الليبية على تلبية احتياجات المرأة بشكل أفضل، وإدماجها بشكل كامل في عمليات صنع القرار».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».