توظيف الجراد في اكتشاف المتفجرات

الجراد أحدث أدوات الكشف عن المواد المتفجرة
الجراد أحدث أدوات الكشف عن المواد المتفجرة
TT

توظيف الجراد في اكتشاف المتفجرات

الجراد أحدث أدوات الكشف عن المواد المتفجرة
الجراد أحدث أدوات الكشف عن المواد المتفجرة

للاستشعار الكيميائي تطبيقات في مجالات عدة منها الأمن الداخلي، إلا أن الأجهزة المصممة لهذه المهمة، والتي يشار إليها على نطاق واسع باسم «أنوف إلكترونية»، لها قدرات محدودة مقارنةً بقدرات الطيف الترددي الواسع للنظام الشمّي البيولوجي.
وللتغلب على هذه المشكلة عمل فريق بحثي أميركي من جامعة واشنطن، على حل إلكتروني بيولوجي يستفيد بشكل مباشر من المجموعة الغنية من أجهزة الاستشعار الشمّية والإطار الحسابي العصبي المتطور المتاح في نظام حاسة الشمّ بدماغ نوع من الجراد المعروف باسم «الجندب الأميركي». وخلال دراسة نُشرت في العدد الأخير من دورية (biorxiv)، 11 فبراير (شباط) 2020، أوضح الباحثون أنهم عملوا على تنشيط مجموعات فرعية مختارة من الخلايا العصبية في دماغ الجندب الأميركي، بحيث تقدم عند التعرض لمختلف الأنواع الكيميائية المتفجرة مثل (DNT، TNT) بصمة فريدة، ليتم الإبلاغ فوراً عن وجود متفجرات.
ويحمل الجراد المستنشق، وفق النظام الذي تم الإبلاغ عنه في الدراسة، حقائب صغيرة جداً على الظهر مصمَّمة لنقل البيانات الخاصة بالكشف عن المواد الكيميائية المتفجرة، حيث تنتقل الإشارات منها لاسلكياً إلى جهاز كومبيوتر.
وتتم هذه العملية برمتها خلال بضع مئات من الملي ثانية من تعرض الجراد للأبخرة، وأُجريت اختبارات أثبتت كفاءتها في الكشف عن أبخرة مواد المتفجرات.
وخلال هذه الاختبارات، قام الفريق البحثي بتعريض الجراد لأبخرة متنوعة من مواد متفجرة مثل (تي إن تي) و(دي إن تي)، وغير متفجرة، وكان الجراد قادراً على التمييز بين الأنواع المتفجرة وغير المتفجرة بنسبة دقة تصل إلى نحو 80%، واستمرت أدمغة الجراد في اكتشاف المتفجرات بنجاح لمدة تصل إلى سبع ساعات قبل أن تصبح مرهقة وماتت في النهاية. وبدأت هذه الأبحاث على استخدام الجراد كآلية استشعار للمواد المتفجرة عام 2016 عندما كان باراني رامان، أستاذ مشارك في الهندسة الطبية الحيوية بجامعة واشنطن، وفريقه البحثي، يدرسون كيفية تلقي الإشارات الحسية ومعالجتها في أدمغة الجراد. ويقول تقرير نشرته شبكة (Science X Network) بالتزامن مع نشر الدراسة: «لفت انتباه رامان وفريقه البحثي، المعالجة الشمّية الأساسية في الجراد، فركزوا على كيفية استقبال الإشارات الحسية ومعالجتها في أدمغتها البسيطة نسبياً، وقاموا بصياغة الطريقة التي يمكن من خلالها استغلال هذه الميزة».
ويأتي توظيف الجراد في هذه المهمة ضمن توجه سائد عالمياً في علم الطب الشرعي، يستخدم الحشرات في مجال الكشف عن الجرائم.
يقول الدكتور علي رسمي، أستاذ الحشرات بالمركز القومي للبحوث، والرائد في هذا المجال، لـ«الشرق الأوسط» إن استخدام الجراد «فكرة جديدة تضاف إلى قائمة أفكار أخرى تستخدم الحشرات في مجال البحث الجنائي، منها تحديد زمن الوفاة من خلال تحديد عمر الدودة التي وضعها الذباب الأزرق على الجثة، وأبحاث أخرى تستخدم حشرة العناكب في الكشف عن تهريب المخدرات».
ويضيف: «من خلال تحديد الخبراء سلالات العناكب الموجودة على شحنات المخدرات، يمكن التعرف على بلد المنشأ التي زُرعت فيه النباتات المخدرة».


مقالات ذات صلة

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

الاقتصاد مقر هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية في الرياض (الموقع الإلكتروني)

بدء تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن في السعودية

بدأ تطبيق المرحلة الإلزامية الأولى لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق، لتكون من نوع «USB Type - C».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من اجتماع خلال منتدى حوكمة الإنترنت الذي عقد مؤخراً بالعاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تقرير دولي: منظومات ذكية ومجتمعات ممكّنة تشكل مستقبل الاقتصاد الرقمي

كشف تقرير دولي عن عدد من التحديات التي قد تواجه الاقتصاد الرقمي في العام المقبل 2025، والتي تتضمن الابتكار الأخلاقي، والوصول العادل إلى التكنولوجيا، والفجوة…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تتميز سمكة «موبولا راي» بهيكلها العظمي الغضروفي وأجنحتها الضخمة ما يسمح لها بالانزلاق بسهولة في الماء (أدوبي)

سمكة تلهم باحثين لتطوير نموذج مرشّح مياه صناعي!

طريقة تغذية سمكة «موبولا راي» تدفع باحثي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لتطوير أنظمة ترشيح فعالة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

خاص كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«بالو ألتو نتوركس» تشرح لـ«الشرق الأوسط» تأثير المنصات الموحدة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية على مستقبل الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.