تحركات دبلوماسية مصرية للضغط على إثيوبيا... وآبي أحمد يدعو مواطنيه إلى «الوحدة»

الملك عبد الله الثاني يستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري في قصر الحسينية أمس (بترا)
الملك عبد الله الثاني يستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري في قصر الحسينية أمس (بترا)
TT

تحركات دبلوماسية مصرية للضغط على إثيوبيا... وآبي أحمد يدعو مواطنيه إلى «الوحدة»

الملك عبد الله الثاني يستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري في قصر الحسينية أمس (بترا)
الملك عبد الله الثاني يستقبل وزير الخارجية المصري سامح شكري في قصر الحسينية أمس (بترا)

كثفت الدبلوماسية المصرية من تحركاتها، للضغط على إثيوبيا، بهدف العدول عن موقفها الرافض لتوقيع اتفاق ينهي نزاع «سد النهضة». وعقب أيام من نجاحها في الحصول على قرار وزاري عربي، دعم «حقوقها المائية» في مواجهة أديس أبابا، بدأ وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، من الأردن، جولة عربية تشمل 7 دول، تستهدف «تكوين شبكة أمان عربية لمساندة الخطوات المصرية المقبلة، في إطار معركة سياسية وقانونية تعتزم خوضها»، بحسب مراقبين.
وسلم شكري، أمس، ملك الأردن عبد الله الثاني، رسالة من الرئيس عبد الفتاح ‪السيسي بشأن آخر التطورات المتعلقة بملف مفاوضات سد النهضة. وقال أحمد حافظ المُتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، إن الوزير شكري أعرب عن تقدير مصر لموقف المملكة الأردنية خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، 4 مارس (آذار) الجاري، بشأن سد النهضة الإثيوبي، ودعم المملكة لصدور قرار عربي تضامن مع موقف مصر حول السد‬».
ووفقا للبيان المصري، أكد العاهل الأردني: «وقوف بلاده مع مصر في كل ما يحفظ حقوقها وأمنها المائي»، وقال حافظ إن اللقاء تضمّن التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين على أعلى مستوى».
وتشمل جولة الوزير المصري بخلاف الأردن، (السعودية، والكويت، والعراق، والإمارات، والبحرين، وسلطنة عمان)، يقوم خلالها بتسليم رسائل من السيسي لقادة تلك الدولة. ويتوقع مراقبون أن تسعى الجولة لحشد تأييد عربي خلف الموقف المصري إزاء سد النهضة، الذي تشيده إثيوبيا على أحد الروافد الرئيسة لنهر النيل، وتتحسب مصر لتأثيره على حصتها من المياه والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا».
ويرى السفير محمد العرابي، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري، ووزير الخارجية الأسبق، أن القاهرة تعمل على حشد دبلوماسي عربي وأفريقي دولي، ضمن «معركة دبلوماسية» تخوضها للضغط على إثيوبيا لقبول التوقيع على اتفاق ينهي النزاع، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى التزام بلاده بالعمل الدبلوماسي ولإيجاد حل سياسي يجنب جميع الأطراف تداعيات النزاع».
ونوه الدبلوماسي المصري إلى أن جولة شكري هدفها تكوين ما يمكن تسميته «شبكة أمان عربية»، لمساندة تحركات سياسية وقانونية تصعيدية في الفترة المقبلة، «من أجل استمرار عملية المفاوضات التي بدأتها القاهرة برعاية أميركية، وهي تحركات ضرورية لتأكيد حقوق القاهرة المشروعة» على حد قوله. وتصاعدت الأزمة بين البلدين في الأيام الماضية، عقب تخلفت إثيوبيا عن حضور اجتماع في واشنطن، نهاية فبراير (شباط) الماضي، كان مخصصاً لإبرام اتفاق نهائي، مع مصر والسودان، بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبنيه أديس أبابا منذ 2011».
وبين الدول الثلاث المعنية بالمفاوضات، وحدها مصر أبدت تأييدها للاتفاق، واصفة إياه بأنه «عادل ومتوازن». فيما عدت القاهرة أن غياب أديس أبابا، «متعمد» بهدف «إعاقة مسار المفاوضات».
في المقابل، واصلت إثيوبيا المضي قدما في مشروعها متجاهلة التحذيرات المصرية، وأجرى رئيس الوزراء أبي أحمد أمس مناقشة مع سكان منطقة داورو في ولاية شعوب جنوب البلاد، أكد فيها أن «شجاعة الشعوب الإثيوبية تتمثل في إكمال سد النهضة الإثيوبي الكبير، وجعل إثيوبيا مصدراً للطاقة لجيرانها». وتقول إثيوبيا إن السد، الذي يتكلف نحو 4 مليارات دولار، واكتمل أكثر من 70 في المائة من بنائه، ضروري من أجل تزويدها الكهرباء».
وأعلن وزير الري الإثيوبي، قبل أيام، بدء تخزين بحيرة السد بـ4.9 مليار متر مكعب في يوليو (تموز) المقبل، تليها اختبار توليد الطاقة في مارس (آذار) 2021. على أن يكتمل المشروع كاملا عام 2023.
وواصل السودان، الطرف الثالث في المفاوضات، دعمه للموقف الإثيوبي، أمس، منتقدا مساعي القاهرة لتدويل الأزمة. ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية، عن الأمين العام لهيئة الطاقة والتعدين والكهرباء والتنظيم السودانية، تيجاني آدم، قوله إن «تدويل قضية سد النهضة لا يمكن أن يوقف المشروع، ولا يزيد ذلك إلا تعقيد الأمور وتأخير الحلول المتوقعة». وقال تيجاني، «إن تدخل الأطراف الأخرى سيعقد الأمور بدلاً من تسهيل الحوار لحل المشكلات»، مضيفاً: «لذلك، أنا ضد تدويل هذا الملف». وأضاف: «إثيوبيا التي تبني السد، عليها حل الخلافات من خلال المحادثات الثلاثية فقط. فليكن الحديث بين البلدان الثلاثة، وأنا متأكد من أننا يمكن أن نصل إلى الحل الأمثل». وبحسب ما نقلت الوكالة الإثيوبية، زعم تيجاني بأن لأديس أبابا الحق الكامل في استغلال مواردها الطبيعية وبناء سدها، مضيفاً: «بما أن أصل النهر من إثيوبيا، فدع شعب إثيوبيا يأخذ احتياجاته، ثم يذهب الباقي إلى السودان والباقي يذهب إلى مصر... هذه هي الحلول الصحيحة، لذلك ستصل الدول الثلاث إلى حل وسط».
في ذات السياق، سلم وزير الخارجية المصري رسالة من الرئيس السيسي، إلى الرئيس العراقي برهم صالح، بشأن آخر التطورات المتعلقة بملف مفاوضات «سد النهضة». جاء ذلك خلال استقبال صالح، لشكري، أمس، خلال زيارته إلى العاصمة العراقية بغداد، في ثاني محطات جولته العربية الحالية». وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن «الوزير شكري نقل تحيات الرئيس السيسي إلى الرئيس العراقي، معرباً عن تقدير القاهرة لموقف العراق الداعم خلال الاجتماع الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية أخيراً، والذي صدر عنه القرار العربي الخاص بالتضامن مع موقف مصر حول السد». من جانبه، أعرب الرئيس صالح عن اعتزاز العراق بعلاقاتها التاريخية والراسخة مع مصر، مشيراً إلى تفهم بغداد ودعمها لمساعي القاهرة في الحفاظ على مصالحها وأمنها المائي؛ لا سيما كون العراق دولة مصب كذلك، كما طلب نقل تحياته إلى الرئيس السيسي». إلى ذلك عقدت اللجنة العليا لمياه النيل اجتماعاً برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، ومشاركة وزير الموارد المائية والري، وممثلي وزارات الدفاع، والخارجية، والاستخبارات العامة، لتقييم الموقف الحالي لمفاوضات «سد النهضة» على ضوء المواقف الإثيوبية غير المبررة وتغيبها عن اجتماع واشنطن، الخاص بالاتفاق، الذي تم إعداده بناء على جولات المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة الأميركية، وشارك فيها البنك الدولي على مدار الأشهر الأربعة الماضية».
وبحسب وكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فإن «اللجنة ناقشت خطة التحرك المصري في هذا الشأن من أجل تأمين المصالح المائية المصرية وحقوق مصر في مياه النيل». وأعلنت اللجنة أنها «سوف تظل في انعقاد دائم لمناقشة تطورات هذا الملف، واتخاذ ما يلزم من إجراءات حياله».



اليمن يطالب بجدولة فوائد ديونه... وبدعم مالي عاجل

المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)
المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)
TT

اليمن يطالب بجدولة فوائد ديونه... وبدعم مالي عاجل

المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)
المعبقي وبن بريك يلتقيان في واشنطن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن (سبأ)

بالتزامن مع تراجع سعر العملة اليمنية (الريال) إلى مستويات قياسية، بحث اليمن مع صندوقَي النقد العربي والدولي إمكانية إعفائه من فوائد الديون المتأخرة والحصول على تمويلات إضافية، كما طالب بدعم اقتصادي عاجل لتجاوز التحديات المرتبطة بتوقف تصدير النفط والغاز نتيجة استهداف الحوثيين موانئ التصدير والهجمات على الملاحة في البحر الأحمر.

ومع تراجع سعر العملة اليمنية إلى مستوى قياسي لأول مرة في تاريخها؛ إذ تجاوز الدولار الواحد حاجز ألفَي ريال، التقى محافظ البنك المركزي ووزير المالية في الحكومة اليمنية، في واشنطن، مسؤولين في صندوقَي النقد الدولي والعربي، بهدف الحصول على مساعدات مالية جديدة وإعفاء اليمن من فوائد الديون المتأخرة.

محافظ «المركزي اليمني» قال إن دائرة الفقر اتسعت لتشمل 80 % من السكان (إعلام حكومي)

ووفقاً للمصادر الحكومية، بحث محافظ البنك المركزي أحمد غالب، ووزير المالية سالم بن بريك، مع رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي فهد التركي، إمكانية حصول اليمن على موارد مالية من الصندوق، تسهم في التخفيف من آثار الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة. كما بحثا أيضاً معالجة مديونية اليمن والتوصل إلى حلول لسداد متأخرات أقساط القروض والفوائد، وإمكانية الحصول على إعفاءات على الفوائد المتأخرة وسداد الأقساط بشكل ميسر.

اللقاءات تناولت أيضاً، طبقاً لهذه المصادر، التطورات في برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية مع رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي الجديدة لليمن، أستر بيريز رويز، والممثل المقيم للصندوق في اليمن والعراق محمد جابر، ومستجدات الوضع الاقتصادي والإنساني، والأوضاع المالية والنقدية في ظل النقص الحاد في الموارد الحكومية نتيجة توقف الصادرات النفطية وزيادة الطلب على العملة الأجنبية لتغطية فاتورة الاستيراد، وتأثيراتها على العجز في ميزان المدفوعات.

فَقْد 6 مليارات

أكد محافظ البنك المركزي اليمني أن بلاده فقدت أكثر من ستة مليارات دولار من مواردها الذاتية خلال الثلاثين شهراً الماضية فقط نتيجة لتوقف صادرات النفط والغاز بسبب هجمات الحوثيين على مرافئ وناقلات النفط، إضافة إلى استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

وضاعف ذلك - بحسب المسؤول اليمني - من تكلفة النقل والتأمين واضطراب سلاسل الإمداد، والتي أدت إلى زيادة معاناة الشعب، وتدهور متسارع في الأوضاع، وانعدام الأمن الغذائي، وعدم القدرة على توفير الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات الفقر لتتجاوز أكثر من 80 في المائة.

محافظ «المركزي اليمني» ووزير المالية مع مدير صندوق النقد العربي (إعلام حكومي)

وخلال اجتماع محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، المنعقدة في واشنطن، تطرق محافظ «المركزي اليمني» إلى الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي تعيشها بلاده بسبب الحرب التي تقترب من إكمال عامها العاشر، وبسبب التطورات الإقليمية والدولية غير المواتية وانعكاساتها على المنطقة والعالم، ومنها اليمن.

ودعا المسؤول اليمني إلى ضرورة تقديم دعم عاجل لبلاده والاستفادة من برامج التمويل التي يقدمها الصندوق للدول التي تمر بأزمات مشابهة والدول التي هي أكثر هشاشة.

توجيهات حكومية

بالتزامن مع هذه التحركات، وجهت الحكومة اليمنية اللجنة العليا لمكافحة التهريب بتعزيز إجراءات مراقبة تهريب العملة والذهب من مناطق سيطرتها إلى مناطق سيطرة الحوثيين أو إلى الخارج.

كما عقدت اللجنة الأمنية العليا واللجنة العسكرية اجتماعات مماثلة مع قيادة البنك المركزي اليمني بهدف تنسيق إجراءات مكافحة التهريب والمضاربة في سعر العملة، بعد تأكيد رئيس الوزراء أحمد بن مبارك أن حجم السيولة النقدية في السوق لا يبرر الزيادة الكبيرة في سعر الدولار، واتهم جهات لم يسمها بالمضاربة في سعر العملة.

وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي استعرض خلال تسلمه أوراق اعتماد عدد من السفراء الجهود المبذولة لإعادة بناء مؤسسات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن، والمضي في الإصلاحات الاقتصادية والإدارية الشاملة، و«احتواء تداعيات الهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية».

العليمي تسلم في عدن أوراق اعتماد عدد من السفراء لدى اليمن (سبأ)

وأكد العليمي تمسك المجلس والحكومة بنهج السلام الشامل، القائم على المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، والمواطنة المتساوية، وتعزيز قدرات الحكومة في بناء الاقتصاد، وتقديم الخدمات، وبسط نفوذها على كامل التراب الوطني.

وكرر رئيس مجلس الحكم اليمني التأكيد على أهمية الاعتماد على الحكومة الشرعية كشريك موثوق لضمان حرية الملاحة الدولية، ومكافحة التطرف والإرهاب، والقرصنة، وأهمية التزام المجتمع الدولي بآلية التفتيش الأممية، وقرار حظر الأسلحة المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة برمتها.

ومع إشادته بالتدخلات الإنمائية والإنسانية من تحالف «دعم الشرعية» بقيادة السعودية والإمارات، أكد العليمي أنه لولا هذا الدعم لكانت الحكومة اليوم عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها الأساسية، بما في ذلك عدم القدرة على دفع رواتب الموظفين، معرباً عن تطلعه إلى دعم اقتصادي دولي أكبر للحكومة، وخطط الاستجابة الإنسانية وجهود إحلال السلام.