«التراب الأميركي»... وهم الهجرة إلى الشمال

نقاد يتهمون الروائية جانين كامينيز بترويج صورة نمطية عن المهاجرين

«التراب الأميركي»... وهم الهجرة إلى الشمال
TT

«التراب الأميركي»... وهم الهجرة إلى الشمال

«التراب الأميركي»... وهم الهجرة إلى الشمال

«تتخيل حفرة في أرض الصحراء تضع فيها كل ألمها. تتخيل نفسها تطمر الحفرة بالتراب، وتضغط على التراب بيديها الملطختين»، هكذا تصف هنا الروائية الأميركية جانين كامينيز، «ليديا»، الشخصية المحورية في روايتها «التراب الأميركي»، وهي تتسلل مع ابنها لوكا والمهاجرين غير الشرعيين إلى الحدود الأميركية باستماتة وقلق.
الرواية التي صدرت مطلع هذه السنة، وسيتم إصدارها باللغة العربية عن دار «فواصل» المصرية قريباً، لاقت أصداء متباينة ما بين مدح من روائيين مخضرمين مثل جون جريشام وستيفن كينج، وكذلك من عدة أندية للكتب، من بينها قائمة «نيويورك» للكتب المنتقاة للقراءة ونادي مكتبة «بارنز آند نوبل» للقراءة، وبين ذم وانتقاد عنيف، لا سيما من قبل الكتاب المكسيكيين والأميركيين ذوي الأصول المكسيكية، الذين اتهموها بترويج صورة نمطية عن المهاجرين، واستغلال معاناة الآخرين وتحويلها لأحداث درامية دموية، مبالغ فيها، ولا تمت للواقع المكسيكي بصلة.
من جهتها، قالت المؤلفة إن رحلتها البحثية استغرقت أربع سنوات، وتضمنت السفر إلى عدد من المدن المكسيكية، وإجراء مقابلات مع العديد ممن عانوا من قصص مشابهة، وذكرت أنها من خلال عملها الروائي رغبت في تسليط الضوء على المهاجرين من أجل أنسنتهم وإبعاد التنميط والإقصاء المتمثل في كونهم من «ذوي البشرة البنية مطموسي الملامح»، والتحدث عن معاناتهم أمام الملأ، لتفهم وضعهم عن قرب، وذلك من خلال رحلة «ليديا»، بعد أن تعرضت عائلتها للقتل من خلال عصابة مسلحة لا تفتأ تتهجم على المدنيين وعلى عائلتها بالتحديد كعملية انتقامية، مؤكدة أنها بذلك تكشف الغطاء عن حكايا ومعاناة المهاجرين المتجهين إلى الولايات المتحدة بحثاً عن الملاذ، لا سيما على النساء والأطفال المستضعفين بصفة خاصة.
وتتطرق رواية «التراب الأميركي» في أكثر من مناسبة إلى حلم الهجرة إلى الشمال، أو النزوح إلى حيث الأمان والتعليم والنجاح، ووصف اجتياز الحدود، وكأن فيه أملاً بأن يصبح كل شيء على ما يرام. العمل الروائي هنا واللغط الذي تسبب به يلقي الضوء على الاهتمام الكبير حيال قضايا المهاجرين اللاتينيين، وحقوقهم، وكيف يتم تجسيد حيواتهم حتى في الأعمال الإبداعية. ولأن الروائية تطرقت في خاتمة الرواية إلى زواجها من رجل كان يقطن الولايات المتحدة، بصفة غير شرعية، قبل زواجه منها، كمقياس لمعاناة المهاجرين في الولايات المتحدة دون ذكر جنسيته، أدى ذلك إلى لغط كبير، حين تبين أنه من الجنسية الآيرلندية، ولم يكن من أصول لاتينية، ولم يتم استيضاح ذلك في الرواية. الأمر الذي أدى إلى أن يقدم صاحب دور النشر «فوليرتون» اعتذاراً نتيجة عدم توضيح ذلك كونه أشبه بإيحاء بأن الزوج من أصول لاتينية. وهنا يظهر الجدل مرة أخرى، إن كان الأمر يستدعي أن تتم محاكمة الأعمال الروائية على أنها لا بد أن تعكس الواقع الاجتماعي أو الحياتي المعاش، أم التعامل معها على أنها أعمال إبداعية تحمل حبكة درامية وشخوصاً مبتدعة، والتركيز على الأبعاد الفنية واللغوية بعيداً عن الاجتماعية.
فيما لم يحالف الحظ الروائية جانين، في خاتمتها، حين أسهبت في الحديث عن زواجها، وأهداف نسجها للرواية، والابتعاد عن جعل الرواية تتنفس وتتحدث عن نفسها كعمل إبداعي يهدف إلى جذب القارئ نحو الأحداث والشخصيات، فيما تذوب مثل هذه الأهداف ما بين طيات الكتاب بطريقة غير مباشرة. بغض النظر عن كل ذلك، فقد حوت رواية «التراب الأميركي» أحداثاً صاخبة متسارعة أشبه بفيلم سينمائي يمكن تخيله بحبكة درامية متقنة تنقل القارئ إلى عوالم تصف الألم والمخاوف التي تجتاح الشخوص المحورية، بالأخص في رحلة سعيهم نحو النجاة والبحث عن ملاذهم والعلاقات الإنسانية التي تنتج عن مثل هذه الرحلة، وما تحمله هذه المسيرة من مصاعب جردت عدداً منهم من مشاعرهم، أو سلبتهم القدرة على التعاطف مع الآخرين، لتتوهج أعمال مرتبطة بالأنانية نتيجة الرغبة المضنية في النجاة من جهة، ومن جهة أخرى يظهر الهوس والتشكيك بنوايا الآخرين، ورغبتهم في إلحاق الأذى بهم.
فيما يتصاعد القلق حيال المصاعب المستقبلية نتاج الهجرة إلى الشمال، لا سيما احتياجهم لنسيان الماضي والبدء من جديد بحياة أكثر بساطة، والاضطرار إلى التكيف مع الظروف المتغيرة، ليصبح الأمر الوحيد الذي لا بد من التشبث به هو الإصرار على الحياة فقط. وهنا يعود التساؤل مرة أخرى إن كانت محاكمة الروائية جانين كامينيز أمراً مبالغاً فيه، وإن كان التوغل في القضية الاجتماعية والتركيز عليها يفسد العمل الروائي أو نظرة الآخرين حياله.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».