الحراك الشعبي في الجزائر يواصل إدانته «الفساد وقمع الحريات»

«العفو الدولية» تستنكر «تهماً ملفقة» ضد المعتقلين

جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

الحراك الشعبي في الجزائر يواصل إدانته «الفساد وقمع الحريات»

جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

حاولت قوات الأمن الجزائرية أمس منع بعض رؤوس المظاهرات من المشاركة في الأسبوع الـ55 للحراك الشعبي، فاعتقلت عددا منهم، قبل أن تطلق سراحهم بعد ساعات من الاحتجاز. ورفع المحتجون بالعاصمة صورة «أيقونة الحراك» الناشط السياسي كريم طابو، المسجون منذ خمسة أشهر، والذي سيعلن القضاء حكمه فيه في 11 من الشهر الحالي، بعدما التمست النيابة 4 سنوات سجنا بحقه.
وخلال مظاهرات أمس، ندد المتظاهرون باستمرار سجن طابو ومحاكمته بتهمة «إضعاف معنويات الجيش». وكان الناشط قد أكد خلال محاكمته الاثنين الماضي أنه تعرض للتعذيب عندما كان محتجزا لدى الجهاز الأمني، قبل إحالته على القضاء. كما نددوا باستمرار سجن عبد الوهاب فرساوي، رئيس التنظيم الشبابي «تجمع - عمل - شباب»، الذي يعد أهم تنظيم ناشط بالحراك، وأثبت قدرة على تعبئة الجماهير، ولذلك اعتقلت السلطة كل قادته، بعضهم استعاد حريته مثل حكيم عداد، الذي كان أمس في وهران، كبرى مدن الغرب، لمشاركة سكانها مظاهرتهم الأسبوعية.
وأعلن ناشطون عن اعتقال شرطي يدعى توفيق حساني، من جديد، بعد أن حاكمه القضاء وحصل على البراءة الأسبوع الماضي، وتمت متابعته بسبب دعمه الحراك أثناء الخدمة. وتعد هذه المساندة، بحسب قوانين الشرطة، إخلالا بواجبات الشرطي تستدعي فصله من العمل. ولم تكتف مديرية الأمن بذلك، بل أحالته على القضاء. وقد نزل حساني أمس إلى «ساحة موريس أودان»، أشهر فضاء للمظاهرات بالعاصمة، تعبيرا عن انخراطه بشكل قوي في الاحتجاجات. وقد خلّف اعتقاله سخطاً وسط المحتجين، الذين حاولوا «افتكاكه» من أيدي عناصر الشرطة، لكن دون جدوى.
وشهدت بعض بلديات منطقة القبائل (شرق) أمس إضرابا شلّ حركة التجارة في الصباح، كما كان الحال في بلدية حيزر بولاية البويرة؛ حيث احتج عدد كبير من سكانها على اعتقال شبان من البلدة بالعاصمة الأسبوع الماضي، بعد أن تنقلوا للمشاركة في المظاهرات.
وخرج المئات إلى شوارع قسنطينة وعنابة ومدن الشرق الكبيرة، أمس للتنديد بـ«الفساد» و«قمع الحريات». وهاجموا وسائل الإعلام، خاصة التلفزيون الحكومي والفضائيات الخاصة، التي توقفت عن تغطية الحراك منذ أشهر كثيرة، خضوعا لأوامر من الحكومة تفيد بذلك. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد صرَح عدة مرات بأنه لا يرى مانعا في أن يستمر الحراك.
وفي سياق ذي صلة، قالت «منظمة العفو الدولية»، أمس، في تقرير نشرته بموقعها الإلكتروني، إنه «يجب على السلطات الجزائرية الإفراج فوراً، ودون قيد أو شرط، عن جميع المحتجين السلميين، الذين تم احتجازهم لمجرد ممارستهم حقوقهم في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي».
وذكرت المنظمة أنها تعتزم مراقبة الاحتجاجات التي جرت أمس، و«تدعو السلطات إلى السماح للناس بممارسة حقوقهم الإنسانية بحرية، وعدم استهداف المحتجين السلميين». كما أكدت المنظمة الدولية غير الحكومية أن السلطات «احتجزت في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي نظمت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما لا يقل عن 76 محتجاً بصورة تعسفية، وسط موجة متواصلة من الاعتقالات على أيدي السلطات.
ويعتبر نشطاء المجتمع المدني والصحافيون والقادة السياسيون من بين أولئك الذين يواجهون الآن مجموعة من التهم، التي تستند على الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، بما في ذلك «التجمهر غير المسلح»، و«المساس بالأمن الوطني»، و«إضعاف الروح المعنوية للجيش»، و«إهانة المسؤولين العموميين».
وقال فيليب لوثر، مدير «البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا» بالمنظمة: «السلطات الجزائرية تستخدم التهديد بالمحاكمات الجنائية ضد عشرات المحتجين السلميين، في محاولة لترهيب وإسكات الأصوات المنتقدة، على ما يبدو. وإن استخدام التهم الملفقة المتعلقة بالأمن القومي والجيش أمر مشين للغاية». مشيرا إلى أن «اضطهاد المحتجين السلميين ليس بالتأكيد هو الرد، الذي كان ينتظره الجزائريون الذين خرجوا إلى الشوارع، وطالبوا بإجراء إصلاحات واسعة النطاق».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.