المستشارون «الروبوتيون» يديرون عمليات بالمليارات حول العالم

منذ عام 2000 بدأت الاستشارات المالية المتطوّرة التعويل أكثر فأكثر على مجموعة من الخوارزميات لإعطاء المستثمرين الدوليين الأجوبة المواتية والخدمات المطلوبة. وبهذا، وبدلاً من التعامل مع المستشارين البشريين دخل العالم منحى جديداً يتميّز بوجود المستشارين الروبوتيين، عبر الإنترنت، القادرين على العمل من دون تعب.
ويفيدنا الخبراء الألمان في برلين بأن هؤلاء المستشارين الآليين أداروا عمليات مالية رسا إجماليها عند 400 مليون يورو، على صعيد ألمانيا، عام 2019.
تقول سوزان هوبر الباحثة الألمانية من قسم الأبحاث الاقتصادية في جامعة (لايبزيغ) إن ظاهرة المستشارين الروبوتيين تتفشى بسرعة أوروبياً. ومن المتوقع أن ترتفع الثروات التي تديرها الروبوتات نحو 27 في المائة سنوياً حتى عام 2023 ليصبح إجماليها نحو 2.5 تريليون يورو حول العالم. أما إجمالي عدد المستثمرين المستفيدين من الاستشارات الروبوتية فسيرسو عند 147 مليون مستثمر حول العالم.
وتضيف بأن الثروات التي تديرها الروبوتات المالية في ألمانيا وحدها سترتفع بين 45 و51 في المائة سنوياً، في الأعوام الخمسة القادمة. واللافت أن هذه الروبوتات أصبحت قادرة على توجيه صغار المستثمرين إلى أهدافهم بصورة أدقّ وهذا ما عجز عن فِعله كبار المستشارين الماليين في البورصات العالمية.
وتختم: «ينبغي تقسيم الثروات التي تديرها الخوارزميات أي الروبوتات المالية الألمانية إلى عدة مجموعات تحتوي كل واحدة منها على ما لا يقلّ عن 100 ألف يورو تابعة لمستثمر أو مجموعة من المستثمرين الخاصين أو المؤسساتيين. ويعرب المستثمرون الألمان عن ارتياحهم تجاه المستشار الروبوتي لأنه خالٍ من المشاعر وردود الفعل البشرية الآنية القادرة بسبب خطأ ما على تسجيل خسائر بمليارات الدولارات في ثوانٍ معدودة. ويتركّز عمل المستشار الروبوتي على خوارزميات، أي نماذج رياضية تمت هندستها وتفعيلها بذكاء بناء على أحدث التجارب التي مرّت بها الأسواق المالية، إن كانت إيجابية أم سلبية».
في سياق متصل، يشير البروفسور الألماني في علوم الروبوتات المالية جوزيف شنكر إلى أن 30 في المائة فقط من المستثمرين الألمان يستفيدون من استشارات مالية عالية المستوى. في حين يُعوّل 40 في المائة منهم على استشارات الأهل والأقرباء. أما ما يتبقى، أي 30 في المائة منهم، فيعتمد على دراسات وأبحاث جامعية وسوقية لتقييم مشاريع استثمارية غير عاجلة.
ويضيف أن خوف المستثمرين الألمان من درجة كفاءة الوسطاء الماليين ومدى جديتهم ومصداقيتهم في التعامل معهم هو السبب الأول في إبعادهم عنهم. في المقام الثاني، ثمة تكاليف ينبغي دفعها للوسطاء الماليين في بورصة فرانكفورت مقابل خدماتهم. بالنسبة للمستثمرين الألمان الكبار، أي أولئك الذين ترسو ثرواتهم على أكثر من 50 مليون يورو، فإن هذه التكاليف قابلة للدفع من دون تفاوض. وبالنسبة للمستثمرين الصغار، أي أولئك الذين ترسو ثرواتهم على ما دون مليون يورو، فتمثل هذه التكاليف حاجزاً أمامهم وهم لا يرغبون في تغطيتها. علما بأن معدل هذه التكاليف يرسو عند خمسة آلاف يورو.
ويضيف: «بالنسبة للمصارف الألمانية قد يكون المستشار الروبوتي نقطة تحوّل في علاقاتها مع العملاء. فالتجارب السوداء والكارثية في البورصات جعلت عدداً كبيراً منهم يهرب من كل من يعمل وسيطا بين البائعين والمشترين في الأسواق المالية.