إعادة افتتاح متحف اللوفر مع نصائح الزوار بضبط النفس

توزيع مطهرات يدوية على العمال والتذاكر إلكترونية

متحف اللوفر بعد إعادة افتتاحه استقبل عدداً منخفضاً من السياح (أ.ب)
متحف اللوفر بعد إعادة افتتاحه استقبل عدداً منخفضاً من السياح (أ.ب)
TT

إعادة افتتاح متحف اللوفر مع نصائح الزوار بضبط النفس

متحف اللوفر بعد إعادة افتتاحه استقبل عدداً منخفضاً من السياح (أ.ب)
متحف اللوفر بعد إعادة افتتاحه استقبل عدداً منخفضاً من السياح (أ.ب)

أثار الصف الطول من الزوار البالغ عددهم نحو 600 شخص خارج متحف اللوفر، يوم الأربعاء، دوامة من الشائعات، مع تساؤل الناس عما إذا كان المتحف الأكثر زيارة على مستوى العالم سوف يفتح أبوابه بعد الإغلاق لمدة 3 أيام. ومنذ يوم الأحد الماضي، كان موظفو متحف اللوفر يرفضون العمل خشية تعرضهم للإصابة بفيروس كورونا من أحد زوار المتحف، الذين يبلغ عددهم أكثر من 30 ألف زائر يومياً.
وقالت ساتو فونتانيللي (34 عاماً)، من فنلندا، التي كانت تقف في صف الزيارة رفقة زوجها وطفلها الرضيع، «لا أحد يقول لنا أي شيء. والأمور طبيعية تماماً، ولكن الأبواب ما زالت مغلقة حتى الآن. لا أعتقد أننا سوف نقف هنا كثيراً في البرد القارس لساعة أو ساعتين».
وعند منتصف النهار تقريباً، فتحت أبواب المتحف من دون ضجيج، وبدأ الزوار في التدفق إلى الداخل.
صوت موظفو متحف اللوفر، يوم الأحد، على وقف العمل، بسبب مخاوف لديهم تتعلق بالسلامة، وهي خطوة يسمح بها القانون الفرنسي. وظل المتحف مغلقاً يوم الاثنين، ولم يفتح أبوابه يوم الثلاثاء كذلك. وقال أندريه ساكريستين، الموظف بالمتحف وممثل النقابة، إن إدارة المتحف، وطبيبه، وممثلي الموظفين اجتمعوا طوال يوم الثلاثاء للنظر في التدابير الخاصة بحماية العمال والموظفين من الفيروس، وصوت الموظفون صباح الأربعاء بقبول تلك التدابير. وطالبت النقابات الممثلة للموظفين بتخفيض عدد زوار المتحف إلى النصف، ولكن إدارة المتحف رفضت الطلب.
كما طلب العمال أيضاً تزويدهم بالأقنعة والقفازات الواقية، ووافقت إدارة المتحف على توزيع عبوات صغيرة من المطهرات اليدوية على العمال والموظفين.
ووافقت إدارة المتحف، كذلك، على أن شراء التذاكر سوف يتم من الآن فصاعداً عبر ماكينات الخدمة الذاتية. وسوف يشرف الموظفون على تشغيل أكشاك بيع التذاكر، ولكنهم سوف يعملون من وراء حواجز زجاجية واقية لمنع الاتصال المباشر مع الزوار، ولن يتعاملوا مع العملات النقدية، وإنما عن طريق بطاقات الائتمان فقط.
وقالت صوفي غرانغ، نائبة مدير الاتصالات في المتحف، صباح الأربعاء، إنه قد تم بيع حوالي 3500 تذكرة عبر الإنترنت لهذا اليوم. وتشكل هذه المبيعات نسبة 50 في المائة تقريباً من إجمالي عدد زوار المتحف.
وفور شراء الزوار للتذاكر، فإن أغلبهم يرغب في مشاهدة شيء واحد: لوحة «الموناليزا»، المعلقة في قاعة «Salle des États» بالمتحف. وقال كريستيان غالاني، الموظف في المتحف وممثل النقابة، في مقابلة عبر الهاتف، إنه تم الاتفاق على أن الحراس لن يكونوا ملزمين بالانتقال بين الزوار في القاعة لمنع الناس من التوقف المطول أمام «الموناليزا»، وتفريق المجموعات الكبيرة المحتشدة أمامها، مما يسبب الاختناقات المتكررة في الزيارة.
وفي حوالي الساعة 12:30 مساء الأربعاء، كانت قاعة ««Salle des États تضم بضع عشرات فقط من الزوار، يحملون هواتفهم الذكية، ويلتقطون الصور الذاتية مع «الموناليزا». وفي المعتاد، يصطف مئات الناس في طابور الانتظار لمشاهدة اللوحة الفنية الرائعة، ولكن عدم اليقين من افتتاح المتحف أبوابه يوم الأربعاء من عدمه أبقى الكثيرين منهم بعيداً.
ووقف أحد الحراس على مسافة 6 أقدام من اللوحة داخل القاعة، مراقباً الزوار. وقال إنه غير متأكد من التوجيهات الإدارية الجديدة بشأن عدم التحرك داخل القاعة كالمعتاد، وقال إن الناس سوف يواصلون التوقف والانتظار أمام اللوحة، والأمر سوف يكون فوضوياً في وقت قصير.
وقال إنه يشعر بالقلق من امتلاء القاعة عن آخرها مع عودة الزوار إلى زيارة المتحف، مما يزيد من مخاطر انتقال الفيروس.
وقال السيد غالاني، ممثل النقابة، إن هناك حاجة إلى فرض المزيد من الإجراءات، وأضاف أن المشكلة أنه بمجرد امتلاء القاعة بالناس، لا أدري كيف يكمن أن يتعرض الحراس للإصابة بالفيروس.
وعند مرحلة ما، سوف يتعين علينا تنظيم عدد الزوار إلى القاعة في المرة الواحدة.
خلال الأيام الأخيرة، تحول متحف اللوفر إلى ما يشبه حالة الاختبار لمعرفة كيفية استجابة المتاحف الكبيرة لانتشار فيروس كورونا. وهناك أكثر من 200 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس في فرنسا، مع العديد من الوفيات.
وفي يوم السبت، حظرت الحكومة الفرنسية تنظيم كافة الفعاليات في الأماكن المغلقة التي تضم أكثر من 5 آلاف شخص في المرة الواحدة، بما في ذلك الحفلات الموسيقية. ولأجل ذلك، تأجلت العديد من الحفلات الغنائية والموسيقية حتى إشعار آخر.
وقال وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر، إن ذلك الحظر الحكومي لا يسري على متحف اللوفر بسبب انتشار زوار المتحف بين مختلف القاعات والصالات. غير أن موظفي المتحف لم يقتنعوا بهذا المبرر، وتعمدوا التصويت لإغلاق المتحف يوم الأحد الماضي.
وقال أندريه ساكريستين، الموظف بالمتحف وممثل النقابة، «يدرك موظفونا تماماً المخاطر المحتملة، ويظنون أنهم لا يملكون ما يكفي من التدريب أو الحماية، وأن صحتهم يمكن أن تتعرض للخطر».
كانت المواقع الثقافية الأخرى في أوروبا قد اتخذت تدابير مماثلة لحماية العمال والزوار من انتشار الفيروس القاتل. فلقد أعيد افتتاح المتاحف في شمال إيطاليا، يوم الثلاثاء الماضي، بعد أوامر الحكومة بإغلاقها، مع شريطة احتفاظ الزوار بمسافة لا تقل عن متر واحد أو ثلاثة أقدام بين كل زائر والآخر في كل الأوقات. في حين بقيت المتاحف الإيطالية الأخرى مغلقة حتى اليوم.
وقال أوسليه رودليه، الحارس في متحف اللوفر، إنه لا يعتقد أن إجراءات متحف اللوفر بلغت حد الكفاية، وأن الموظفين يمكن أن يصوتوا مرة أخرى للتوقف عن العمل إذا ما استشعروا عدم الأمان على صحتهم، وأضاف قائلاً: «لسنا سعداء بالطبع بإغلاق المتحف، ولكن هذا من دواعي الأمن والحماية لنا وللزوار على حد سواء».
- خدمة «نيويورك تايمز»



«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
TT

«لعبة النهاية»... رائعة صمويل بيكيت بالعاميّة المصرية

جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)
جانب من العرض الذي كتب نصّه صمويل بيكيت (مسرح الطليعة)

استقبل مسرح «الطليعة» في مصر أحد العروض الشهيرة للكاتب الآيرلندي الراحل صمويل بيكيت (1906- 1989)، «لعبة النهاية»، الذي رغم احتفاظه بالروح الأصلية للعمل الشهير المنسوب إلى مسرح العبث، فقد شكَّل إضاءة على مشاعر الاغتراب في الواقع المعاصر. وهو عرضٌ اختتم مشاركته في مهرجان «أيام قرطاج المسرحي» ليُتاح للجمهور المصري في المسرح الكائن بمنطقة «العتبة» وسط القاهرة حتى بداية الأسبوع المقبل.

على مدار 50 دقيقة، يحضر الأبطال الـ4 على المسرح الذي يُوحي بأنه غُرفة منسيّة وموحشة، فيتوسّط البطل «هام» (محمود زكي) الخشبة جالساً على كرسيّه المتحرّك بعينين منطفئتين، في حين يساعده خادمه «كلوف» ويُمعن في طاعته والإصغاء إلى طلباته وتساؤلاته الغريبة التي يغلُب عليها الطابع الساخر والعبثيّ المُتكرّر عبر سنوات بين هذا السيّد والخادم.

يَظهر والد «هام» ووالدته داخل براميل قديمة وصدئة، ويجلسان طوال العرض بداخلها، ولا يخرجان إلا عندما يستدعيهما الابن الذي صار عجوزاً، فيسألهما أسئلة عبثية لا تخلو من تفاصيل عجيبة، ويخاطبهما كأنهما طفلين يُغريهما بالحلوى، في حين يبادلانه أحاديث تمتزج بالذكريات والجنون، ليبدو كأنهما خارج العالم المادي؛ محض أرواح مُحتضرة تُشارك «هام» هلوساته داخل تلك الغرفة.

الأب يؤدي دوره من داخل أحد البراميل (مسرح الطليعة)

في المعالجة التي يقدّمها العرض، يحتفظ المخرج المصري السيد قابيل بأسماء الأبطال الأجنبية التي كتبها صمويل بيكيت من دون منحها أسماء محلّية. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «قدَّم المسرح المصري هذه المسرحية قبل 60 عاماً تقريباً في عرض للفنان الكبير الراحل سعد أردش، لكنه كان باللغة العربية الفصحى. اليوم، عالجتُ النص وأقدّمه بالعامية المصرية. احتفظت بالأسماء الأصلية للأبطال وهوياتهم، وكذلك بروح العمل وتفاصيل الحوار فيه، خصوصاً أنّ لهذا العرض الذي ينتمي إلى مسرح العبث فلسفته التي تمسّكتُ بها ضمن قالب جديد».

يؤدّي دور الخادم «كلوف» الفنان المصري محمد صلاح الذي اعتمد جزءٌ كبير من أدائه على الإفراط بحركات سير متعرّجة في محاولاته المُتسارعة لتلبية طلبات سيّده الأعمى، إذ يبدو كأنه في مَهمّات لا نهائية، منها ترتيب البيت الخالي بشكل فانتازي. بالإضافة إلى تردّده الدائم على نافذة الغرفة التي يظّل سيّده يطلب منه وصف ما يدور خارجها، فيصف له الضوء والبحر اللذين لا يدرك إذا كانا موجودَيْن بالفعل أم محض خيال.

على مدار العرض، يظلُّ الخادم يسأل: «لماذا أطيعك في كل شيء؟»، و«متى جئتُ إلى هذا البيت لخدمتك؟»، فيكتشف أنه قضى عمره داخل جدرانه المخيفة، فيقرّر في خطوة خلاص مغادرة خدمة سيّده، فتكون لحظة فتحه باب البيت هي عينها لحظة نهاية اللعبة، حتى وإنْ ظلّ واقفاً أمامه، متوجّساً من الخروج إلى العالم الحقيقي ومواجهة المجهول. لحظة تحدّيه سيطرة سيّده «هام» سرعان ما تبدو كأنها لا تختلف عن «الفراغ» الذي أمامه، بما يعكس فلسفة صمويل بيكيت عن سخرية الحياة، حيث لا يبدو الهروب من عبثها ممكناً أبداً.

الأب والأم في أحد مَشاهد المسرحية (مسرح الطليعة)

يشير مخرج العرض السيد قابيل إلى أنّ «للقضية التي تطرحها المسرحية صيغة إنسانية عابرة للمكان والزمان، وتصلُح لتقديمها في أي وقت؛ وإنْ كُتب النصّ الأصلي لبيكيت في الخمسينات. فكثير من نصوص شكسبير، والنصوص اليونانية القديمة العائدة إلى ما قبل الميلاد، لا تزال قابلة لإعادة تقديمها، وصالحة لطرح أسئلة على جمهور اليوم. وفي هذا العرض أدخلنا بعض الإضافات على الإضاءة والموسيقى للتعبير بصورة أكبر عن دراما الأبطال، ومساعدة المتلقّي على مزيد من التفاعُل».

الفنان محمود زكي في مشهد من العرض (مسرح الطليعة)

وعكست ملابس الممثلين الرثّة حالة السواد التي تطغى على عالمهم، في حين وُظّفت الإضاءة في لحظات المُكاشفة الذاتية التي تتوسَّط سيل الحوارات الغارقة في السخرية والتكرار العدميّ والخضوع التام. فإذا كان السيّد الأعمى والمشلول يعتمد على خادمه في مواصلة لعبة عبثية يتسلّى بها في عزلته، فإنّ الخادم يظلُّ غير قادر على تصوُّر الحياة بعيداً عن قواعد تلك «اللعبة».