روسيا تقصف إدلب وتتعاون مع تركيا شرق الفرات

غارات على تجمع للنازحين شمال غربي سوريا بالتزامن مع قمة بوتين ـ إردوغان

معرة مصرين في ريف إدلب بعد الغارة الروسية أمس... وفي الإطار طفل أصيب بالقصف (أ.ف.ب)
معرة مصرين في ريف إدلب بعد الغارة الروسية أمس... وفي الإطار طفل أصيب بالقصف (أ.ف.ب)
TT

روسيا تقصف إدلب وتتعاون مع تركيا شرق الفرات

معرة مصرين في ريف إدلب بعد الغارة الروسية أمس... وفي الإطار طفل أصيب بالقصف (أ.ف.ب)
معرة مصرين في ريف إدلب بعد الغارة الروسية أمس... وفي الإطار طفل أصيب بالقصف (أ.ف.ب)

قُتل 15 مدنياً، بينهم أطفال، الخميس، في غارات شنتها طائرات حربية روسية في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا مقابل تسيير دوريات روسية - تركية شرق الفرات، بالتزامن مع انعقاد القمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان في موسكو أمس.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بأن الغارات استهدفت «تجمعاً للنازحين»، ممن فرّوا من التصعيد المستمر في المنطقة منذ أشهر، بالقرب من بلدة معرة مصرين في ريف إدلب الشمالي. وأشار إلى إصابة 18 شخصاً بجروح، مرجحاً ارتفاع حصيلة القتلى نتيجة وجود جرحى في حالات خطرة.
وشوهد في المكان مبنيان، عبارة عن مزرعة دجاج لجأ إليها النازحون قرب حقل زراعي، وقد انهار جزء كبير منها.
وفي أحد المستشفيات، شاهد المراسل جثث القتلى وقد لُفت ببطانيات شتوية، بينهم جثة طفلة رضيعة بلباس زهري اللون.
وتشنّ قوات النظام بدعم روسي منذ ديسمبر (كانون الأول) هجوماً واسعاً ضد مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى وتنتشر فيها قوات تركية في محافظة إدلب وجوارها. وتمكنت القوات السورية من إحراز تقدم كبير في جنوب إدلب وغرب حلب.
وأسفر الهجوم عن مقتل نحو 500 مدني، بينهم نحو 140 طفلاً، بحسب «المرصد»، كما دفع، وفق الأمم المتحدة، بـ948 ألف شخص إلى النزوح باتجاه مناطق أكثر أمناً غالبيتهم توجهوا إلى شمال إدلب، وتحديداً قرب الحدود التركية السورية.
ومنذ بداية فبراير (شباط)، تصاعد التوتر بين أنقرة ودمشق في المنطقة، وانعكس في مواجهات على الأرض أوقعت قتلى بين الطرفين.
وقُتل عشرات الجنود الأتراك خلال الأسابيع الماضية، بينهم 33 عنصراً على الأقل في ضربات جوية استهدفتهم نهاية الشهر الماضي، وأطلقت أنقرة إثرها عملية عسكرية ضد قوات النظام بمشاركة فصائل مقاتلة في إدلب.
وأدى التصعيد الميداني إلى توتر دبلوماسي بين موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للفصائل للمعارضة، بعدما كانتا عززتا تعاونهما في الملف السوري خلال السنوات الماضية.
وقالت وكالة الإعلام الروسية نقلاً عن أحد مراسليها، إن مقاتلي المعارضة السورية استأنفوا قصف مدينة سراقب الاستراتيجية بمحافظة إدلب الشمالية الغربية، وكذلك طريق «إم5» السريعة الواصلة بين دمشق وحلب.
وأضافت الوكالة، أن مقاتلي المعارضة حاولوا دخول سراقب الليلة الماضية، لكن قوات الحكومة تصدت لهم. وتحاول قوات الحكومة السورية تدمير نقاط نيران المعارضة.
وأفاد «المرصد» باستمرار القصف الجوي المكثف على مناطق متفرقة في جبل الزاوية بمحافظة إدلب، حيث تتناوب طائرات النظام والروس الحربية على شن عشرات الغارات منذ الصباح مستهدفة بلدات وقرى بجبل الزاوية، بالتزامن مع هجوم بري جديد بدأته قوات النظام مدعمة بالمسلحين الموالين لها على محور فطيرة وفليفل؛ إذ تدور اشتباكات عنيفة مع الفصائل والجهاديين، تترافق مع قصف متبادل بشكل مكثف، ومعلومات عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
في موازاة ذلك، رصد «المرصد» دورية مشتركة جديدة جرى تسييرها بين القوات الروسية ونظيرتها التركية في ريف الدرباسية، حيث انطلقت الدورية برفقة طائرتين مروحيتين من منطقة شيريك الحدودية، وتجولت في قرى دليك، وملك، وظهر العرب، وكسرى، وعراض، والعودة في الطريق نفسها والتوجه إلى قيروان، وتعلك كوركوند، وهاجوغلي، وعطيشان، ومنها إلى شيريك مجدداً.
وكان «المرصد» نشر قبل أيام، أن القوات الروسية عمدت إلى تسيير دورية مشتركة جديدة برفقة القوات التركية، وذلك في ريف مدينة عين العربي (كوباني)، حيث انطلقت الدورية من قرية غريب الحدودية مع تركيا، وجابت قرى بوزتب، وقره موغ، وجيشان، وخرابيسان فوقاني، وخرابيسان تحتاني، وبغديك، الواقعة جميعها على مقربة من الحدود السورية - التركية، قبل أن تعود إلى مركز انطلاقها، في حين رافق الدورية تحليق اعتيادي لمروحيتين روسيتين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».