ابتداء من العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، وصولاً إلى محافظة الجوف ومركزها في مديرية الحزم، توالت الانتهاكات الحوثية على صعيد التنكيل بالسكان، وبدء مصادرة أملاك ومنازل 35 نائباً، وهو الأمر الذي دفع الحكومة الشرعية إلى تجديد مطالبتها من أجل تصنيف الجماعة ضمن الحركات الإرهابية في العالم.
وفي هذا السياق، أفاد نواب في البرلمان اليمني بأن عناصر الجماعة الحوثية بدأوا، أمس (الأربعاء)، حملة جديدة لاقتحام منازلهم في صنعاء تمهيداً لمصادرتها، وذلك غداة إصدار محكمة خاضعة للجماعة بإعدام 35 نائباً، بينهم رئيس البرلمان سلطان البركاني، ونائبه عبد العزيز جباري، ورئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز.
وأكد النائب في البرلمان اليمني عن حزب «المؤتمر الشعبي»، الشيخ عبد الوهاب معوضة، بأن الميليشيات الحوثية قامت، ومعها فرق من الأمن النسائي الحوثي (الزينبيات)، باقتحام منزله في صنعاء، وإخراج من بداخله من الأطفال والنساء.
وأوضح معوضة في تغريدة على «تويتر» بأن هذا هو منزله الثاني الذي تقوم الجماعة بمصادرته، بعد أن كانت استولت على منزله الأول في عام 2017.
إلى ذلك أفاد لـ«الشرق الأوسط» مقربون من النائب في البرلمان، صالح السنباني، بأن مسلحين من عناصر الجماعة الحوثية اقتحموا في صنعاء منزل زوجته الأكاديمية في جامعة صنعاء، حفصة طاهر.
وذكرت المصادر أن المسلحين الحوثيين رفقة أمنهم النسائي قاموا بحصر وتصوير كل محتويات المنزل، وأمهلوا الأسرة يوماً واحداً لمغادرته، وهددوا أفراد الأسرة بأنهم سيقومون بطردهم من المنزل واعتقالهم إذا لم يغادروه طوعاً بحلول اليوم (الخميس).
واتهمت الجماعة في الحكم الذي أصدرته المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة لها في صنعاء النواب الـ35 بـ«الخيانة» ومساندة الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، قبل أن تقضي بإعدامهم تعزيراً، ومصادرة ممتلكاتهم ومنازلهم.
وأوضح المحامي عبد الباسط غازي رئيس هيئة الدفاع عن المعتقلين والمخفيين أن المحكمة الحوثية كانت أجَّلت إصدار الأحكام في البداية، إلا أنها عادت لعقد الجلسة بحضور قيادات في الجماعة، وأصدرت الأحكام. وفرضت الجماعة على النواب الخاضعين لها في صنعاء القيام بسحب الحصانة من النواب الموالين للحكومة الشرعية، على خلفية التئام مجلس النواب، في سيئون، أبريل (نيسان) الماضي، واختيار هيئة رئاسة جديدة له، برئاسة النائب والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» سلطان البركاني.
وزعمت الميليشيات الحوثية حينها أن النيابة العامة الخاضعة لها أحالت النواب الـ35 للمحاكمة، بعد أن رفعت الحصانة البرلمانية عنهم، حيث نسبت لهم تهماً ملفقة بالخيانة، عقب عقد جلسة مجلس النواب في سيئون بمحافظة حضرموت.
وتسعى الجماعة الحوثية منذ سيطرتها على صنعاء إلى إرهاب معارضيها بشتى السبل، بما في ذلك نهب أموالهم ومنازلهم، وعقد المحاكمات غير القانونية لإدانتهم.
يُشار إلى أن أغلب النواب اليمنيين تمكّنوا من مغادرة صنعاء، خلال السنوات الماضية، والتحقوا بصف الحكومة الشرعية، فيما لا يزال العشرات من النواب خاضعين للجماعة في صنعاء، بمن فيهم رئيس البرلمان السابق يحيى الراعي، المستمر في عقد جلسات غير قانونية أو مكتملة النصاب.
استقطاب زينبيات للجوف
في غضون ذلك، واصلت الميليشيات الحوثية في محافظة الجوف ارتكاب مئات الانتهاكات بحق السكان المدنيين والموالين للحكومة الشرعية، بعد أن تمكنت من اقتحام مركز المحافظة في مديرية الحزم، في وقت سابق.
وأكدت مصادر إعلامية حكومية أن عناصر الميليشيات أقدموا على التنكيل بمعارضيهم وقتل بعضهم بدم بارد، من بينهم عاملون في القطاع الصحي، ومدنيون حاولوا النزوح إلى مأرب.
وحولت الجماعة الموالية لإيران مدينة الحزم (بحسب المصادر نفسها) إلى ثكنة عسكرية بعد أن استقدمت إليها المئات من المسلحين من صنعاء ومناطق أخرى، بما في ذلك كتائب من الأمن النسائي (الزينبيات). وشهدت مدينة الحزم ومناطق أخرى مجاورة (وفق شهادات محلية) عمليات دهم للمنازل والمحلات التجارية، إضافة إلى تفجير مؤسسات حكومية واعتقال العشرات من السكان، في سياق سعي الجماعة لفرض سطوتها على المحافظة، ومعاقبة الأهالي الرافضين لوجودها الانقلابي.
وأكد وزير الإعلام في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، في تصريحات رسمية، أن الميليشيات الحوثية ارتكبت جرائم إعدام ميداني، وتصفية للجرحى، في مستشفى الحزم، وشنّت حملات اختطاف واعتقالات للكادر الطبي ولأكاديميين وموظفين في المكاتب التنفيذية، كما قامت بعمليات دهم لعشرات المنازل بمشاركة «الزينبيات» وروعت الأطفال والنساء، واقتحمت ونهبت المحال التجارية.
وعلى وقع الانتهاكات المستمرة للجماعة دعا الإرياني في سلسلة تغريدات، أمس (الأربعاء)، إلى تصنيف الجماعة الحوثية ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في العالم.
وقال الوزير الإرياني: «ندعو البرلمان الأميركي لتصنيف الميليشيات الحوثية منظمة إرهابية، باعتبارها إحدى أخطر أذرع إيران في المنطقة، وبالنظر إلى جرائمها من قتل واختطاف وتشريد لملايين اليمنيين، واستهداف دول الجوار، وزراعة ونشر الألغام البحرية، وإطلاق الزوارق المفخخة، لتهديد خطوط الملاحة الدولية». وأضاف: «نؤكد على محورية الدور الذي لعبته إدارة البيت الأبيض في تحجيم الطموحات التوسعية لإيران في الشرق الأوسط، ولجم ميليشياتها الطائفية، والحد من مخاطرها الإرهابية». وأكد الوزير اليمني على «أهمية مواصلة الضغط السياسي والاقتصادي على نظام طهران للحفاظ على أمن واستقرار دول المنطقة والعالم».
دعوات حكومية لإغاثة النازحين
في هذه الأثناء، دعت وزارة حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للتدخل العاجل لحماية السكان في محافظة الجوف، وفتح ممرات آمنة للنازحين من السكان المحاصرين والعالقين والواقعين تحت نيران المدفعية والقذائف الصاروخية للميليشيات الحوثية.
وقالت الوزارة في بيان رسمي: «إن التصعيد الحوثي في الجوف والقصف العشوائي بمختلف الأسلحة الثقيلة أدى إلى وقوع خسائر كبيرة بين أوساط المدنيين والممتلكات العامة، وتسبب في تهجير ونزوح أعداد كبيرة من السكان أغلبهم من الأطفال والنساء وكبار السن».
وفي حين اتهمت الوزارة في بيانها عناصر الميليشيات الحوثية بارتكاب أعمال انتقامية واسعة بحق السكان، أشارت إلى أن معلومات عن مقتل وإصابة 16 شخصاً بهجمات عشوائية حوثية في مديرية الغيل، بالإضافة إلى تهجير ونزوح أعدد كبيرة، وتفجير ثلاثة منازل، ونهب محلات تجارية وسيارات تابعة لمواطنين.
من جهتها، دعت وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية المنظمات الدولية إلى التدخل الإنساني العاجل لإغاثة وتخفيف معاناة نازحي محافظة الجوف بمحافظة مأرب، جرّاء التصعيد العسكري لميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.
وأفادت وكالة «سبأ» بأن نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي نزار باصهيب، اطلع خلال لقاء في العاصمة المؤقتة عدن، أمس (الأربعاء)، على الأوضاع العامة للنازحين واحتياجاتهم الإنسانية الإيوائية والغذائية والدوائية.
وطلب باصهيب (بحسب الوكالة) من جميع المنظمات والهيئات الدولية العاملة في المجالات الإنسانية والإغاثية المساهمة، من خلال تدخلاتها في تقديم المساعدات والاحتياجات اللازمة للنازحين الذين يواجهون ظروفاً صعبة.