الكرملين يتوقع التفاهم مع إردوغان على «إجراءات محددة» في سوريا

TT

الكرملين يتوقع التفاهم مع إردوغان على «إجراءات محددة» في سوريا

عكست التصريحات الروسية التي استبقت لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان اليوم، قناعة لدى الكرملين بأن المحادثات «لن تكون سهلة» بعدما اتسع حجم الملفات الخلافية بشكل كبير في الفترة الأخيرة. ومع إعلان الرئاسة الروسية أن موسكو تعول على إحراز تقدم في بلورة رؤية مشتركة لآليات تسوية الأزمة المتصاعدة حول إدلب، بدت لهجة وزارة الدفاع الروسية متشددة، وحملت هجوما عنيفا على الجانب التركي.
وكشف تعليق الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن موسكو تسعى إلى إجراء نقاش معمق وتفصيلي مع الجانب التركي، وأشار إلى أنها «تتوقع التوصل إلى فهم مشترك لمقدمات هذه الأزمة وأسبابها وخطورة تداعياتها وصولا إلى التوافق على حزمة من الإجراءات الضرورية المشتركة من أجل الحيلولة دون استمرار تدهور الموقف».
وتجنب بيسكوف الكشف عن تفاصيل «الإجراءات الضرورية»، داعيا إلى انتظار نتائج مباحثات الرئيسين.
وكانت موسكو أبدت لأسابيع، فتورا حيال اقتراحات أنقرة المتكررة بترتيب لقاء للرئيسين لتجاوز الأزمة، وعزت أوساط روسية التريث الروسي إلى أن موسكو كانت تفضل الذهاب إلى قمة ثلاثية لضامني مسار آستانة.
لكن تدهور الوضع ونجاح القوات التركية والفصائل الداعمة لها في تحقيق اختراقات بعدما وجهت ضربات قوية إلى القوات النظامية دفع الكرملين إلى إعلان ترتيب هذا اللقاء بهدف مواجهة احتمالات تدهور إضافي للوضع وتجنب سيناريو الاحتكاك المباشر بين القوات الروسية والتركية في سوريا.
في المقابل، حملت وزارة الدفاع بقوة على أنقرة، واتهمتها بخرق القوانين الدولية عبر زج «قوة ضاربة» في إدلب، مع نقل آلاف الآليات والتقنيات العسكرية إلى المنطقة. وقالت الوزارة في بيان إن أنقرة عملت على «حماية الإرهابيين» عبر نقل أعداد منهم إلى الشريط الحدودي، كما عمدت إلى دمج «التحصينات الإرهابية» في مواقع مراكز المراقبة التركية حول إدلب.
ووجهت وزارة الدفاع الروسية، في الوقت ذاته اتهامات إلى بلدان غربية أعلنت أنها تؤيد تحركات أنقرة، ولفت البيان إلى «الاتهامات الكاذبة من جانب الغرب وبعض المنظمات الأممية للحكومة السورية بارتكاب جرائم حرب والتسبب في كارثة إنسانية».
وقال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف إن الدول الغربية والأمم المتحدة لم تكترث على الإطلاق بالانتهاكات الجسيمة لمذكرة سوتشي التي ارتكبتها تركيا والجماعات الإرهابية الموجودة هناك، والمتمثلة في قصف متزايد للمناطق السورية المجاورة وقاعدة حميميم الروسية وتعزيز قبضة الإرهابيين من «هيئة تحرير الشام» و«الحزب الإسلامي التركستاني» و«حراس الدين» على المنطقة ودمج مواقعهم مع نقاط المراقبة التركية». وزاد أن التحذيرات الغربية بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في إدلب «لم تبدأ إلا بعد أن اضطر الجيش السوري لشن عملية عسكرية ردا على هجمات جديدة من قبل الإرهابيين في مطلع فبراير (شباط) وبعدما تمكنت دمشق من تطبيق ما نص عليه اتفاق سوتشي بشأن إزاحة التنظيمات الإرهابية خارج المنطقة منزوعة الأسلحة الثقيلة وعمقها ما بين 15 و20 كيلومترا». ولفت البيان إلى أن الغرب «استخدم صورا لمخيم لاجئين تم إنشاؤه شمال إدلب قرب الحدود التركية قبل عدة سنوات، كدليل على وقوع كارثة إنسانية مزعومة». ونددت الوزارة بـ«التهديدات العلنية التركية بالقضاء على كافة وحدات الجيش السوري وإعادة الطريق M5 تحت سيطرة الإرهابيين»، معربة عن استغراب بأن تصف بعض البلدان الغربية التحركات التركية بأنها تدخل في إطار «حق أنقرة الشرعي في الدفاع عن النفس».
وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت في وقت سابق، أن «ما يصدر عن ممثلي تركيا والدول الأوروبية والولايات المتحدة من تصريحات كثيرة وانتقادات بحق روسيا وسوريا تزعم وجود مليون لاجئ، وأزمة إنسانية ناجمة عن تفاقم الوضع في منطقة إدلب لخفض التصعيد، غير صحيح»، وقالت إن عدد من عبروا الحدود إلى تركيا لا يتجاوز 35 ألف شخص.
ووفقا لمعطيات قدمها مركز المصالحة فإن «عدد سكان مناطق إدلب الخاضعة لسيطرة الجماعات الإرهابية بحلول 1 يناير (كانون الثاني) عام 2020 لم يتجاوز 1.8 مليون نسمة، بينهم نحو 210 آلاف في المناطق التي حررها الجيش السوري جراء عمليتها في يناير وفبراير الماضيين، وما لا يزيد على 50 ألفا في منطقة العمليات الواقعة جنوب الطريق M4».
وأشار المركز إلى أن وسائل المراقبة الروسية وشهادات السكان المحليين دلت إلى أن «عدد من انتقلوا للأراضي التركية لا يزيد على 35 ألف شخص، وهم أفراد عائلات جماعات إرهابية كـ«هيئة تحرير الشام» و«حزب الإسلام التركستاني»، و«حراس الدين»، مشيرا إلى وجود نحو 100 ألف شخص فقط في المنطقة الحدودية، وأن نحو 50 ألف شخص انتقلوا إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة، وهو عدد مماثل لعدد من انتقل إلى عفرين.
اللافت أن لهجة الاتهام الروسية لأنقرة، تصاعدت عبر الحديث عن قيامها بـ«توطين التركمان في مناطق طردت منها الأكراد، مما أدى إلى تغيير جذري في التركيبة السكانية لتلك المناطق».
واتخذت الاتهامات بعدا أوسع أمس، عبر إعلان المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن «إرهابيين حاولوا تفجير حاويات للمواد السامة في مدينة سراقب».
ووفقا للمركز، قامت «مجموعة من الإرهابيين يبلغ عدد أفرادها 15 شخصا، بمحاولة يوم الأحد لتفجير عبوات ناسفة بجانب حاويات مملوءة بمواد كيماوية سامة، بهدف تعطيل تقدم القوات الحكومية السورية في الأحياء الغربية من سراقب واتهامها لاحقا باستخدام السلاح الكيماوي». وأشار البيان إلى أنه «بسبب قلة الخبرة في التعامل مع المواد السامة، لم يستطع الإرهابيون الحفاظ على الإغلاق المحكم لإحدى الحاويات، ما أدى إلى وقوع تسرب بالقرب منهم، ونتيجة لذلك أصيب الإرهابيون بتسمم كيماوي خطير قبل أن يتمكنوا من تفجير العبوات الناسفة».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.