تفاصيل غريبة لـ«ترطيب» الأجواء القاتمة

من عرض {موسكينو}
من عرض {موسكينو}
TT

تفاصيل غريبة لـ«ترطيب» الأجواء القاتمة

من عرض {موسكينو}
من عرض {موسكينو}

كمامات، مطهرات يد وقبلات هوائية، كانت العنوان العريض لأسبوع باريس للموضة. فلا أحد يُسلم على الآخر بالأحضان والقبلات كما جرت العادة، والأغلبية تضع كمامات تغطي نصف وجوهها، وبين يديها قارورة صغيرة تحتضنها وكأنها كنز ثمين. العديد من وسائل الإعلام والحضور كانوا يتوقعون إلغاء الأسبوع خوفاً من فيروس كورونا، لكن باريس كابرت وحرصت قدر الإمكان أن تسير الأمور بشكل اعتيادي، رغم أن الأجواء لم تكن عادية. كان يشوبها الخوف والقلق من فيروس ينتقل بشكل سريع ومن دون سابق إنذار.
لحسن الحظ أن الموضة تتمتع بروح نكتة وبالتالي لم تخل العروض من طرائف، من حرص الحضور والمصممين والعارضات على التقاط صور سيلفي لأنفسهم في كمامات بألوان وأشكال مختلفة مصحوبة بكلمات تتراوح بين الجد والفكاهة.
الجميل في هذه الطرائف أن هذه الصناعة القائمة على الأناقة والرقي والابتكار، وأحياناً الاختراع، لم تنس أن تُذكرنا أن نستمتع بها من دون أن نأخذها على محمل الجد. في هذا الموسم كانت الحاجة إلى روح النكتة ملحة أكثر من أي وقت مضى وبالتالي زادت جرعة الغرابة. كان هناك جنوح أكبر نحو ما أصبح يُعرف بـ«الفنون جنون» في محاولة لـ«ترطيب» الوضع القاتم وتذويب حالة الخوف بأي شكل من الأشكال. أحياناً من خلال أكمام تبدو وكأنها أنابيب ضخمة أو قبب عالية وأحياناً من خلال بنطلونات منفوخة بشكل غير معقول وما شابه من تصاميم. أما بالنسبة للإكسسوارات فحدث ولا حرج. فقد تعدت القبعات المبتكرة إلى ما يشبه الخوذات بالنسبة للرأس كما تحول النظارات الشمسية إلى ما يشبه الأقنعة نظراً لأحجامها الضخمة. تصاميم كثيرة تتعارض مع مفهوم الأناقة الكلاسيكية كما نعرفها وتعودنا عليها لكنها تصب في خانة الابتكار والصرعات. بالنظر إلى تجاوب الحضور مع هذه الصرعات، فإن الأغلبية منا لا تمانع في أن تتحلى الموضة بشقاوة تُخرج للسطح جوانب مرحة كامنة من شخصياتها على شرط أن تُضحك الآخر فينا. لكن على ما يبدو فإن التقاط صور «إنستغرام» لافتة تستدعي ابتكارات غريبة تُحدث الصدمة حتى ولو كانت على حساب العقل والعقلاني.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.