«الجامبسوت»... بدأ عملياً للمظليين وانتهى أنيقاً للنجمات

ميلانيا ترمب ترمب تمنحه نقلة جديدة

الممثلة سارة ياركين و«جامبسوت» باللون الأسود......   النجمة سكارلت جوهانسون من تصميم ستيلا ماكرتني
الممثلة سارة ياركين و«جامبسوت» باللون الأسود...... النجمة سكارلت جوهانسون من تصميم ستيلا ماكرتني
TT

«الجامبسوت»... بدأ عملياً للمظليين وانتهى أنيقاً للنجمات

الممثلة سارة ياركين و«جامبسوت» باللون الأسود......   النجمة سكارلت جوهانسون من تصميم ستيلا ماكرتني
الممثلة سارة ياركين و«جامبسوت» باللون الأسود...... النجمة سكارلت جوهانسون من تصميم ستيلا ماكرتني

إذا كانت هناك قطعة تُعبر عن تمكين المرأة ودخولها مجالات العمل، فهي بلا شك «الجامبسوت»، تلك القطعة التي تجمع بنطلوناً وقميصاً بشكل متصل والآن تأخذ ألواناً وأشكالاً متعددة. فهي حيناً بعدة جيوب ومن الدينم وأحياناً من الدانتيل أو المخمل. ورغم أن التايور الذي قدمه لها المصمم جيورجيو أرماني في الثمانينات عندما اقتحمت مجالات كانت حكراً على الرجل، أول ما يتبادر إلى الذهن عند الحديث عن دور الموضة في تمكين المرأة، فإن «الجامبسوت» سبقه بأربعة عقود تقريباً. ففي الأربعينات من القرن الماضي، كان الزي الرسمي للمرأة، التي اضطرت للخروج والقيام أعمال لم تكن تتوقع أن تقوم بها نتيجة غياب الرجل في ميادين القتال خلال الحرب العالمية الثانية. كانت تلبسه في المعامل كما في المزارع أو في قيادة الحافلات وغيرها من الأعمال.
مثلها مثل العديد من القطع الوظيفية الأخرى وعلى رأسها معطف «الترانش»، ظهرت هذه القطعة مؤخراً في تشكيلات العديد من المصممين وعلى منصات عروض الأزياء العالمية. اجتاحت أيضاً شوارع الموضة العالمية بعد أن اكتسبت الكثير من الأناقة. ويمكننا تتبع بداية انتعاشها في العقد الأخير إلى كل من ستيلا ماكرتني وفيبي فيلو، مصممة دار «سلين» السابقة. كانت بالنسبة لهما رمزاً للتحرر من إملاءات الموضة وصورتها النمطية عن الأنوثة التي حددها الرجل في فساتين ضيقة. ثم جاء ظهور ميلانيا ترمب بهذه القطعة في الشهر الماضي، خلال زيارتها للهند، ليؤكد أنها بالفعل تجمع الأناقة بالعملية حتى في السفر. سهولتها تكمن في إمكانية ارتدائها بأشكال مختلفة حسب الذوق، وبالتالي لا تُحير المرأة، مثل القطع المنفصلة الأخرى التي تتطلب تنسيقها بعضها مع بعض من حيث الألوان والتصاميم. أما بالنسبة للمصممين، فإن الفضل في استمراريتها لأكثر من قرن، يعود إلى أنها تُشبه الكنفس، تتمتع بإمكانيات متنوعة يمكنهم اللعب عليها. ونتيجة لعبهم هذا كانت تصاميم عملية بخامات عادية عندما تتوجه إلى النهار، وأخرى أنيقة بخامات مترفة عندما تتوجه للمساء والسهرة.
تاريخها:
في عام 1919 صممها مصمم اسمه ثيات، كزيٍّ خاص بالمظليين، أي كقطعة للقفز بالباراشوت، وسريعاً ما لفتت بعمليتها أنظار الطيارين وسائقي السيارات السريعة. ويُذكر أن الطيار تشارلز ليندبورغ قام بأول رحلة جوية عبر الأطلسي وهو يرتديها، كذلك نيل أرمسترونغ عندما هبط على سطح القمر. كان تصميمها بسيطاً للغاية لكنه كان ثورياً في ذلك العهد.
- انتقلت هذه القطعة من الوظيفية إلى الأناقة في ثلاثينات القرن الماضي على يد المصممة إلسا سكاباريللي. صممتها بطريقة أسبغت عليه الكثير من الأنوثة والرقي. في عام 1937 ظهرت به النجمة كاثارين هيبورن من الحرير في فيلم «Stage Door» لترسخ مكانته كقطعة لكل النساء بغضّ النظر عن ثقافتهن أو مكانتهن.
- في عام 1942 صممته الأميركية فيرا ماكسويل، ليكون زياً رسمياً في المعامل خلال الحرب العالمية الثانية، ليُصبح بين ليلة وضحاها رمزاً من رموز تمكين المرأة ودخولها مجالات العمل.
- في الستينات، اعتلى «الجامبسوت» منصات عروض الأزياء على يد أندريه كوريج، الذي كانت ترجمته مستقبلية بألوان معدنية وتصاميم تستحضر ركاب الفضاء.
- في السبعينات، اقترحه إيف سان لوران ببنطلون واسع وبخامات مترفة ليدخل كل المناسبات والحفلات. راق تصميمه للرجال والنساء على حد سواء، إذ ظهر به أعضاء فريق «آبا» والمغنية شير، وليزا مينيللي، كما أصبح لصيقاً بأسلوب المغني إلفيس بريسلي. كان قطعة السبعينات في النوادي الليلية بلا منازع.
- في الثمانينات فقد بريقه واختفى نسبياً إلى أن ظهر في بداية الألفية خجولاً ثم مستقوياً في السنوات الأخيرة. أكبر دليل على تزايد قوته دخوله فعاليات السجاد الأحمر كبديل لفساتين السهرة الطويلة.
> ميلانيا ترمب ظهرت بـ«جامبسوت» أبيض لدى وصولها إلى الهند في زيارة رسمية مع زوجها، الرئيس الأميركي، مؤخراً. لم تغيّره وتوجهت به مباشرة إلى تاج محل حيث التقطت صوراً أيقونية مع زوجها.
الجامبسوت من تصميم «أتولييه كايتو» للمصمم هيرفي بيير، يتميز بأكمام طويلة وياقة عالية مستوحاة من ياقة نهرو، وبنطلون واسع ببليسيهات. ولمزيد من اللعب على الناحية الدبلوماسية، بحكم أن الأزياء لغة قائمة بذاتها عندما يتعلق الأمر بزيارات الرؤساء الرسمية، نسّقته مع حزام من الحرير الأخضر مطرَّز بالذهبي كان واضحاً أنه أُضيف للإشارة إلى الهند وثقافتها.
أمر أكده المصمم بيير هيرفي بقوله إن الحزام عبارة عن قطعة قماش هندية تعود إلى القرن xx وجدها في باريس بمساعدة هواة اقتناء من أصدقائه. ميلانيا نسّقته أيضاً مع حذاء أبيض مريح لأنها كانت تعرف أنها ستقف طويلاً على أقدامها خلال الزيارة.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.