الحكومة الليبية المؤقتة تفتح سفارة في دمشق

الأسد يحدّد 13 الشهر المقبل موعداً لـ«الانتخابات البرلمانية»

رفع العلم الليبي على السفارة في دمشق أمس (أ.ف.ب)
رفع العلم الليبي على السفارة في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الليبية المؤقتة تفتح سفارة في دمشق

رفع العلم الليبي على السفارة في دمشق أمس (أ.ف.ب)
رفع العلم الليبي على السفارة في دمشق أمس (أ.ف.ب)

أعادت الحكومة الليبية المؤقتة المدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، فتح سفارة بلادها في دمشق، بعد إقفال منذ العام 2012 على وقع النزاعين اللذين مزقا البلدين. وجاء الافتتاح على وقع تصعيد أنقرة وتيرة عملياتها العسكرية ضد الطرفين، إذ تخوض عملية عسكرية مستمرة ضد القوات السورية الحكومية في إدلب دعماً للفصائل المقاتلة، وترسل تعزيزات عسكرية إلى ليبيا دعماً لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.
وتمّ الثلاثاء، رفع العلم الليبي على مبنى السفارة الليبية في دمشق بحضور ممثلين للحكومة المؤقتة، هما نائب رئيس مجلس الوزراء عبد الرحمن الأحيرش، ووزير الخارجية والتعاون الدولي عبد الهادي الحويج، وبمشاركة نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد. وقال المقداد في مؤتمر صحافي في مقر السفارة عقب الافتتاح: «عندما تتخذ سوريا قراراً حاسماً بعودة العلاقات مع الأشقاء في ليبيا، فهذا اعتراف بأن المعركة التي نقودها نحن في سوريا وفي ليبيا هي معركة واحدة موجهة ضد الإرهاب، وضد من يدعم الإرهاب» في إشارة إلى تركيا.
واعتبر أن «النظام التركي وزعيمه الفاقد للصلة مع الواقع يصعّدون من هجمتهم». وأكّد أن «نضالنا في سوريا وليبيا واحد، ورفع العلم مقدّمة طبيعية لكي يستيقظ بعض المترددين»، مضيفا: «نأمل أن يستعيد هؤلاء الذين جمدوا عضوية سوريا عروبتهم».
وجمّدت جامعة الدول العربية عضوية سوريا فيها منذ العام 2011 إثر اندلاع النزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من 380 ألف شخص، تزامناً مع إقفال سفارات الكثير من دولها، لا سيما دول الخليج. وأعادت كل من الإمارات والبحرين فتح سفارتهما في ديسمبر (كانون الأول) 2018 بعد انقطاع لسبع سنوات.
وقال الحويج إن فتح سفارة بلاده «ليس موجهاً ضد أحد، ولكنه لمصلحة شعبينا، لأننا نؤمن أن المعركة واحدة وأن القضية واحدة، وأن دفاعنا المشترك واحد».
وتابع: «هذه ليست سفارة شرق أو غرب»، مضيفا «نحن نؤمن بليبيا واحدة (...) خصمنا وعدونا من يبيع البلاد للمستعمر وخاصة المستعمر التركي».
وليبيا غارقة في الفوضى منذ أطاحت انتفاضة مدعومة من حلف شمال الأطلسي في العام 2011 بنظام العقيد معمر القذافي وقتلته. ومنذ 2015 تتنازع سلطتان الحكم في ليبيا: حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، وسلطة موازية يمثلها حفتر في الشرق.
وتدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني، وأرسلت خلال الأسابيع الماضية جنوداً لدعمها في مواجهة قوات حفتر. كما أكد إردوغان الشهر الماضي وجود مقاتلين سوريين موالين لأنقرة في ليبيا.
ويحظى حفتر في المقابل بدعم دول عدة أبرزها روسيا، الداعمة الرئيسية لدمشق.
ويأتي افتتاح السفارة عقب تصاعد حدّة التوتر بين أنقرة ودمشق، والذي انعكس في شكل مواجهات على الأرض في محافظة إدلب أوقعت قتلى من الطرفين.
الى ذلك، حدّد الرئيس السوري بشار الأسد أمس، موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في 13 أبريل (نيسان)، في استحقاق يأتي بعد تمكن قواته من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في البلاد التي تمزقها الحرب منذ تسع سنوات.
كانت دول غربية ومعارضون قد شككوا في شرعية الانتخابات، في وقت لا يزال الجمود قائماً لإجراء الإصلاح الدستوري تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأصدر الأسد، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، مرسوماً يقضي «بتحديد يوم الاثنين الموافق 13 أبريل 2020 موعداً لانتخاب أعضاء مجلس الشعب»، محدداً عدد المقاعد المخصصة للمحافظات الأربع عشرة في البلاد.
ويضمّ مجلس الشعب 250 مقعداً يتوزعون مناصفةً تقريباً بين قطاعي العمال والفلاحين (127 مقعداً) من جهة، وباقي فئات الشعب (123) من جهة أخرى. والانتخابات المرتقبة هي الثالثة منذ اندلاع النزاع في منتصف مارس (آذار) 2011، وبموجب الدستور، تُعدّ الحكومة في حكم المستقيلة عند انتخاب مجلس شعب جديد، وتستمر في تسيير الأعمال ريثما يصدر مرسوم بتسمية الحكومة الجديدة.
وجرت آخر انتخابات عام 2016، تنافس فيها نحو 3500 مرشح وفاز حزب البعث الحاكم وحلفاؤه بغالبية المقاعد.
وفي انتخابات عام 2012، الأولى بعد اندلاع النزاع، فُتح باب الترشح لأول مرة أمام مرشحين من أحزاب خارج حزب البعث، فيما عُدّ محاولة من السلطات لاحتواء الحركة الاحتجاجية ضدها، التي سرعان ما تحوّلت إلى نزاع دامٍ تعددت أطرافه، وأسفر عن مقتل أكثر من 380 ألف شخص وتهجير الملايين وتدمير هائل في البنى التحتية.
وتأتي الانتخابات بعدما باتت القوات الحكومية تسيطر على أكثر من 70% من مساحة البلاد، حيث حققت تقدماً كبيراً على جبهات عدة ضد الفصائل المعارضة من جهة وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، بفضل التدخل العسكري الروسي منذ عام 2015.
وتنشر دمشق منذ أكتوبر (تشرين الأول)، قواتها في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرقي البلاد، بناءً على طلب كردي أعقب هجوماً واسعاً شنّته أنقرة في المنطقة وسيطرت بموجبه على شريط حدودي واسع بعمق ثلاثين كيلومتراً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».