أسفرت نتائج فرز نحو 95% من أصوات الناخبين في إسرائيل عن فوز كبير ولكنه منقوص لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على منافسه بيني غانتس، بـ36 مقعداً مقابل 32. وفوز غير مسبوق للقائمة العربية المشتركة، التي ارتفعت من 13 إلى 15 مقعداً، وهو أعلى حضور للعرب في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) طيلة 71 سنة، فيما تلقى ضربة شديدة حزب العمل، الذي يعد مؤسساً للحركة الصهيونية والدولة العبرية، والذي أقام تحالفاً لثلاثة أحزاب يسار ولم يحظَ إلا بستة مقاعد.
فقد أعلنت لجنة الانتخابات المركزية، مساء أمس (الثلاثاء)، أنها أنهت التدقيق في جميع صناديق الاقتراع القُطرية، حيث جرى التدقيق في 10,305 صندوق اقتراع، تشكّل 97% من مجمل صناديق الاقتراع القُطرية، وصوّت فيها 4,156,479 ناخباً، بمعدل 72%. وبقي عليها فرز صناديق الاقتراع المتحركة، التي تضم نحو 250 ألف صوت، هم الجنود وموظفو السلك الدبلوماسي والمرضى في المستشفيات والمصابون بـ«كورونا» والسجناء، وستنهي الفرز فقط مساء اليوم (الأربعاء).
ووفقاً لهذه النتائج، فاز معسكر اليمين بـ59 مقعداً، موزعة على النحو التالي: الليكود 36 مقعداً (كان 32)، واتحاد أحزاب اليمين المتطرف «يمينا» 6 مقاعد، وحزب اليهود الشرقيين المتدينين «شاس» 10 مقاعد (كان 9 مقاعد)، وحزب اليهود الأشكناز المتدينين «يهدوت هتوراه»، 7 مقاعد (كان 8 مقاعد). ويعد هذا التحالف متماسكاً. وحصل حزب «كحول لفان» على 32 مقعداً (كان 33 مقعداً) ومعه بشكل مضمون تحالف أحزاب اليسار (العمل - جيشر - ميرتس) 7 مقاعد (كان 12 مقعداً)، وهبط حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتينو» من 8 إلى 7 مقاعد.
وأظهرت النتائج الأولية أن القائمة المشتركة، التي تضم الأحزاب العربية، بلغت أعلى عدد من النواب، إذ ارتفعت من 13 إلى 15 مقعداً. وجاءت هذه النتيجة بفضل ارتفاع المشاركة العربية في عملية التصويت، من 64% في الانتخابات السابقة إلى 64% هذه المرة. وقد حصلت «المشتركة» على 84% من الأصوات.
وأكد الخبراء أن هذه النتائج قد تتغير بعد فرز أصوات الجنود. ففي العادة يرتفع عدد نواب اليمين من فرز هذه الأصوات بمقعد واحد وربما اثنين، وهناك احتمال خسارة العرب مقعداً، إذ إنه لا يوجد تمثيل عربي في الجيش.
وقد عدّ قادة اليمين هذه النتيجة انتصاراً له وتأكيداً أن «الجمهور يتمسك بنتنياهو في قيادته وبسياسة اليمين طريقاً سياسياً». وقال نتنياهو، في خطاب النصر، فجر أمس: «لقد حسم الجمهور قراره وقال نعم لليمين برئاستي»، وظُهر أمس، جمع نتنياهو، في مكتبه، رؤساء تحالف أحزاب اليمين لمناقشة السيناريوهات المختلفة لتشكيل الحكومة المقبلة. وقال رئيس «يمينا»، وزير الأمن نفتالي بينيت، إنّ مهمة حزبه الآن هي «التأكد من أن سياسات اليمين ستطبّق على أرض الواقع لا سيما في مجال فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات والضفة الغربية». ورد نتنياهو بأنه سيعلن الضم خلال بضعة أسابيع من تشكيل الحكومة.
وعلى أثر ذلك، قدمت «الحركة من أجل نزاهة الحكم»، التماساً إلى محكمة العدل العليا مطالبةً إياها بأن تحظر على رئيس الدولة رؤوفين رفلين، إسناد مهمة تشكيل الائتلاف الحكومي القادم إلى رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو. وقال رئيس الحركة المحامي إليعاد شراغا، إن «شخصاً سبق أن قدمت بحقه ثلاث لوائح اتهام غير أهل لتشكيل حكومة وإنه من المستحيل أن يجلس رئيس وزراء في ساعات الصباح على مقعد المتهمين ثم يقوم في ساعات المساء بإدارة جلسة للمجلس الوزاري لشؤون الأمنية والسياسية». ورأى شراغا أن المحكمة ملزمة بالتدخل من أجل تحديد المعايير المناسبة التي يجب حذوها في هذه القضية. كما أقامت الحركة خيمة اعتصام قبالة مقر رئيس الدولة.
وقد وصف وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، من الليكود، هذا الالتماس بالمخزي والمتناقض مع إرادة الشعب. وأعرب عن يقينه بأن يفلح معسكر اليمين في كسب أكثر من ستين مقعداً بهدف تشكيل حكومة برئاسة نتنياهو. ورجّح أردان أن تقوم الحكومة القادمة بسنّ قانون يتيح لمرشح سبق أن قدمت بحقه لوائح اتهام بتشكيل ائتلاف حكومي، مثل القانون الذي يسمح لرئيس وزراء سبق أن تقرر تقديمه إلى العدالة بمواصلة أداء مهامه. بينما قال رئيس كتلة حزب الليكود ميكي زوهار، إنه من الأجدر أن يتم إرجاء بدء محاكمة نتنياهو إلى حين تشكيل الحكومة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنه يفضّل تشكيل حكومة وحدة مع حزب غانتس، ولكن من دون تناوب بينهما على رئاسة الحكومة. وأضاف: «التناوب لم يعد مطروحاً اليوم. فعندما عرضنا هذا التناوب لم يستغل غانتس العرض». وأعرب عن ثقته بأن نتنياهو سيتمكن من تشكيل الحكومة القادمة، وقال: «نتنياهو سيحصل على التفويض (لتشكيل حكومة)، بحكم فوزه بأكبر عدد من الأصوات. ورد رئيس «كحول لفان» بيني غانتس، على ذلك قائلاً إن قوة كتلة اليمين والحريديين بزعامة نتنياهو تواصل التضليل. فهي لم تصل إلى 61 عضو كنيست لتمكينه من تشكيل حكومة. ودعا إلى انتظار صدور نتائج الانتخابات الفعلية الكاملة.
أما ليبرمان، الذي ما زال يرى في نفسه لسان الميزان، فقد صرّح بأنه ينوي انتظار النتائج النهائية لكي يعلق على الأوضاع. ورفض ليبرمان الانضمام إلى حكومة يشكّلها نتنياهو، قائلاً: «لا توجد كتلة يمين. توجد كتلة حريدية – مسيانية. وحزب اليمين الوحيد هو يسرائيل بيتينو. والذين أيّدوا طرد يهود من غوش قطيف (الكتلة الاستيطانية في قطاع غزة)، وسلّموا الخليل، ومَن جلس مع عرفات ونقل منطقتي B وC للفلسطينيين، لا يمكنهم أن يكونوا جزءاً من اليمين».
- أرقام في الانتخابات الإسرائيلية
بلغت نسبة التصويت في انتخابات الكنيست في البلدات العربية، التي جرت أول من أمس (الاثنين)، 64.8%، وفقاً لمعهد استطلاعات «ستات نت»، وارتفعت بذلك على نسبة التصويت في الانتخابات السابقة، في سبتمبر (أيلول)، وبلغت 59.3%.
وتأتي نسبة التصويت، أمس، بعد فرز 90% من الأصوات، وحصلت القائمة المشتركة على 87.2% من أصوات المواطنين العرب، بينما حصلت «المشتركة» في الانتخابات الماضية على 80.4%.
وتم احتساب هذه النسب بموجب نتائج التصويت في 144 بلدة عربية، ولا تشمل المدن المختلطة، وبنهاية فرز 90% من الأصوات.
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية أن نسبة التصويت العامة في انتخابات الكنيست الـ23 بلغت 71%، حيث مارس 4,579,931 من أصل 6,453,255 مواطناً حقهم في الاقتراع، وتم تسجيل ارتفاع بـ1.6% عن الانتخابات الأخيرة في سبتمبر 2019.
وأشارت المعطيات التي وردت من المقر الانتخابي المركزي للقائمة المشتركة، بناءً على البيانات التي تصل إليها من مراكز الاقتراع، إلى أن نسبة تصويت العرب بلغت 65%.