كيف فاز نتنياهو قبل أسبوع من الانتخابات؟

نتنياهو وزوجته سارة يحتفلان مع جمهور حزب الليكود بإعلان نتائج تقدم الحزب في الانتخابات (أ.ف.ب)
نتنياهو وزوجته سارة يحتفلان مع جمهور حزب الليكود بإعلان نتائج تقدم الحزب في الانتخابات (أ.ف.ب)
TT

كيف فاز نتنياهو قبل أسبوع من الانتخابات؟

نتنياهو وزوجته سارة يحتفلان مع جمهور حزب الليكود بإعلان نتائج تقدم الحزب في الانتخابات (أ.ف.ب)
نتنياهو وزوجته سارة يحتفلان مع جمهور حزب الليكود بإعلان نتائج تقدم الحزب في الانتخابات (أ.ف.ب)

الفوز الذي حققه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في الانتخابات البرلمانية، تم تسجيله في الواقع قبل أسبوع من ختام المعركة الانتخابية. فقد بدأت استطلاعات الرأي يومها تشير بوضوح إلى انقلاب في المزاج الجماهيري. لكن حزب «كحول لفان»، الذي وقف في قيادته 11 جنرالاً، بينهم ثلاثة رؤساء أركان سابقين للجيش، ونائب لرئيس الموساد، ومفتش عام للشرطة، لم يعرفوا كيف يواجهون نتنياهو وألاعيبه السياسية ووقعوا في مطبات عدة نصبها لهم.
لقد أدار نتنياهو حملة انتخابات سلبية جارحة، بشكل مخطط ومنهجي. طعن فيها باستقامة هؤلاء الجنرالات، وأظهرهم فاسدين ليسوا أقل منه فساداً. وتمكن من هز ثقة غانتس بنفسه عندما سرب للصحافة توثيقاً من هاتفه يبين وقوعه في قضية جنسية وصلت إلى جهات إيرانية، وجعلته عرضة للابتزاز. ثم سرب شريط تسجيل آخر يوثق فيه كبير مستشاري غانتس وهو يشكك في قدراته على القيادة وعلى إصدار قرار بمحاربة إيران، ودبّ الفزع في صفوف الناخبين اليمينيين الليبراليين، عندما رسخ في أذهانهم المقولة العنصرية «غانتس لن يستطيع تشكيل حكومة إلا إذا تحالف مع القائمة العربية المشتركة». ومع أن هذه الهجمة أفادت القائمة المشتركة، التي تمكنت من رفع نسبة التصويت بين الناخبين العرب بشكل غير مسبوق (نحو 64 في المائة) وحصلت على أصوات 86 في المائة منهم، فقد ضربت حزب غانتس فهبط بمقعد واحد من 33 إلى 32 مقعداً، وحطمت تحالف أحزاب اليسار الصهيوني، الذي هبط من 12 إلى 6 مقاعد.
لقد بدت ردود حزب الجنرالات على هجمة نتنياهو مترددة، بل مذهولة. فمن جهة لم يستطيعوا الهبوط في مستوى الخطاب السياسي ومن جهة ثانية بدوا ضعفاء ومترددين وافتقدوا لشخصية «الجنرال المقاتل»، التي تلتصق عادة بالجنرالات الكبار في الجيوش. وبدلاً من طرح بدائل لسياسة نتنياهو، راحوا يتخذون مواقف يمينية شبيهة بمواقفه. فأعلنوا أنهم لن يتحالفوا مع القائمة المشتركة، وتبنوا بذلك موقفه العنصري من العرب. وأيدوا صفقة القرن الأميركية وبنودها التي تنص على ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات، وتبنوا بذلك طروحاته اليمينية المتطرفة. وبهذا النهج، يكونون قد وقعوا في خطأ اعتادت أحزاب الوسط الإسرائيلية، تاريخياً، على الوقوع في مطبه. فالمصوتون في اليمين، يصوتون لليميني الأصلي وليس لمن يلجأ إلى التقليد. واليمين الليبرالي، الذي ملّ نتنياهو وأبدى استعداداً للانفضاض عنه، أراد مواقف ثابتة بديلاً عنه حتى لو لم تكن يمينية صرف.
لكن، وعلى الرغم من كل ذلك، نتنياهو لا يستطيع إقامة احتفالات النصر بعد. فهو، حسب نتائج 90 في المائة من الصناديق التي تم فرزها، لا يستطيع تشكيل حكومة. فتكتل اليمين المخلص له يضم 59 من مجموع 120 نائباً. والمحاولات التي يبذلها لكي يسرق من غانتس أحد نوابه أو حلفائه لا تثمر شيئاً حتى الآن. فالنواب الذين فازوا بالعضوية من حزب «كحول لفان» ولديهم فكر يميني، أعلنوا أمس أنهم متمسكون بحزبهم. واتحاد أحزاب اليسار أعلن أنه لن يكون في حكومة تحت قيادة رئيس مع لائحة اتهام خطيرة بالفساد. وحزب اليهود الروس، بقيادة أفيغدور ليبرمان، الذي يستطيع إنقاذ نتنياهو، أعلن أنه لن يشارك في حكومة تحت قادة نتنياهو.
لكن غانتس، الذي يقف في الخندق الآخر، هو أيضاً لا يستطيع تشكيل حكومة، مع أن لديه نظرياً 61 مقعداً. فالقائمة المشتركة أعلنت أنها لن تكون في ائتلاف حكومي معه؛ أولاً لأنها لا توافق على سياسته إزاء صفقة القرن والتعامل مع موضوع غزة. وثانياً، لأنه كان قد تنكر لها في الانتخابات وساهم في نزع الشرعية عنها. وهي أيضاً ليست ناضجة لمثل هذا التحالف. ويوجد فيها حزب من 3 مقاعد يرفض حتى التوصية على غانتس لتشكيل الحكومة. وفي أحسن الأحوال يمكن أن يقيم غانتس حكومة من تحالف مع اليسار ومع ليبرمان، تدعمه «المشتركة» من الخارج، وهذا مشكوك فيه؛ إذ إن ليبرمان يرفض أي تعاون مع المشتركة.
فإذا لم يغير أحد الأحزاب رأيه ويتنازل عن وعوده الانتخابية، يبقى هناك واحد من حلين: إما يتحالف غانتس مع نتنياهو. وإما أن تستمر الأزمة السياسية وتتفاقم ويتجهوا عندها لانتخابات رابعة. وقد بدأت ضغوط جدية على غانتس لكي يقبل بالوحدة، تساهم فيها أوساط من الإدارة الأميركية، وأوساط شعبية في إسرائيل نفسها. وهم يقولون له إن الذهاب إلى انتخابات رابعة سيكون فقط في صالح نتنياهو، الذي سيبقى عندها بضعة أشهر أخرى في رئاسة الحكومة.
وفي الوقت الحاضر ينتظر الجميع الانتهاء من فرز أصوات الجنود والمرضى والمساجين، التي تضم نحو ربع مليون صوت، آملين أن تغير الصورة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.