لماذا أجمع الليبيون على استبعاد سلامة؟

منتقدوه اعتبروا أنه لا يريد إخبار مجلس الأمن بما يجري على الأرض

الدكتور غسان سلامة
الدكتور غسان سلامة
TT

لماذا أجمع الليبيون على استبعاد سلامة؟

الدكتور غسان سلامة
الدكتور غسان سلامة

تطابقت النهايات «السعيدة» المصاحبة لاستقالة ستة مبعوثين أمميين، تناوبوا على ليبيا منذ عام 2011 إلى الآن، لكنها اختلفت إلى حد بعيد مع حالة الدكتور غسان سلامة، الذي طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإعفائه من مهامه مساء أول من أمس؛ إذ أجمع أفرقاء سياسيون بآيديولوجياتهم المختلفة والمتعارضة في شرق وغرب البلاد، للمرة الأولى على شيء واحد وهو «ضرورة استبعاد سلامة من المشهد الراهن». هذه «السعادة» التي بدت في خطاب الكثير من المحسوبين على الطرفين المتقاتلين في ليبيا، لم تخل من «شماتة وتجريح» في سلامة، كما حملت في جوانب منها الشكر للرجل على «شفافيته وتفانيه وإخلاصه» في عمله على حساب صحته ووقته، وهو ما عبّر عنه البعض بالقول: «سلامة يعد أقل المبعوثين حصولاً على إجازة، ولم نره في نزهة، كما كانوا يفعلون من قبل». وما بين الانتقادات والإشادات، تُجيب الحملة التي نالت من سلامة على مدار عدة أشهر، وزادت حدتها في النصف الأخير من شهر فبراير (شباط) الماضي، عن سؤال جوهري: لماذا طالب سلامة غوتيريش بإعفائه من مهامه؟
الإجابة المبدئية تتمثل في أن خطاب الأكاديمي اللبناني، الذي يحمل فكراً ليبرالياً، كان طوال مدة مهمته التي زادت على عامين «محتشماً» ومتحفظاً إلى حد كبير، حفاظاً على الإبقاء على مساحة تبقيه وسيطاً مقبولاً من الطرفين المتحاربين؛ لكن هذه «الطريقة الغسّانية» اصطدمت بثقافة «إن لم تكن معي فأنت ضدي».
وفي كل إفادة لسلامة أمام مجلس الأمن الدولي، أو خلال اجتماع يتناول فيه الحرب على العاصمة طرابلس، كان يكتسب عداوة جديدة، و«تصوّب إليه السهام» من كليهما؛ مثل تلك التصويبة التي جاءته، عقب انتهائه من مؤتمر صحافي في مدينة جنيف نهاية فبراير عندما قال إن قصف المناطق المدنية في ليبيا «قد يرقى إلى جريمة حرب»، وإن «هذا أمر في غاية الخطورة لا يقبل به القانون الدولي الإنساني».
فبعد هذه الإفادة زادت حدة الغضب على المبعوث الأممي، ذلك أن الموالين لـ«الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، نظروا إلى تصريحه بأنه يغمز من قناة ضد الجيش، ويقف ضد «تحرير» العاصمة، ويصفّ مع الميليشيات، ويريد إطالة أمد الأزمة من خلال (المسارات الثلاثة) العسكرية والسياسية والاقتصادية، التي يدعو إليها من يشاء.
على الجانب الغربي من البلاد، لام كل المواليين لحكومة «الوفاق»، بمن فيهم جماعة الإخوان المسلمين، والتابعين للجماعة الليبية المقتلة، على سلامة بأنه لا يريد أن يسمي الدول الداعمة لـ«الجيش الوطني» بالاسم، وأن يخبر مجلس الأمن بطبيعة ما يجري على الأرض، وعليه رأوا أنه «داعم للجيش في حربه على العاصمة»، مما دعا الصادق الغرياني، المفتي المعزول، في أكثر من مناسبة بـ«طرده من البلاد»؛ خاصة بعدما قال سلامة إن الأمم المتحدة رصدت وصول مئات المسلحين من سوريا إلى ليبيا، وسط مفارقة غريبة تمثلت في انشغال بعض الأطراف في طرابلس بحرف «قد»، وتساءلت: لماذا يقلل سلامة من عمليات قصف القوات «المعتدية» للمناطق المدنية؟
وهناك من يرى أن طريقة إدارة سلامة للمسارات الثلاثة، ودعوته للمشاركين بها في جنيف والقاهرة، هما خطأه الأكبر، وسط تحفز كلا الطرفين ضده، وتمسك كل منهما بشروط وصفت بـ«تعجيزية»، لكن سلامة نفى في مؤتمره الأخير بجنيف أن يكون تدخل خلافاً لرغبة مجلسي النواب و«الأعلى للدولة»، وقال: «هذا كذب وقح... هذا نوع من الكذب الوقح».
وذهب الليبيون من كل جانب للسخرية منه بالقول: «إنه يتلقى مئات الرسائل يومياً من ليبيين يطالبون بالاستمرار في العملية التفاوضية... لكن مشكلته أنه لا يمكنه دعوة 6 ملايين ليبي في مكان واحد».
وقبل أن تمضي ساعات على تقدم سلامة بطلب إعفائه من مهامه، بدأ الليبيون يعددون أفضاله، ويتخوفون من دخول البلاد في فوضى إضافية، ويتساءلون عن البديل؟ بل منهم من توقع بأن نائبته للشؤون السياسية الأميركية ستيفاني ويليامز هي من ستتولى هذه المهمة، في وقت ذهب فيه وزير الداخلية بحكومة «الوفاق» فتحي باشاغا إلى أنه «من الصعب أن يقبل مبعوث أممي آخر مهمة العمل في ليبيا».
وقال السياسي الليبي علي جماعة علي: «لا لوم على سلامة شخصياً... فالخطأ منذ البداية في الطلب من مثقف أن يقود جهود التفاوض في بلد فقير لثقافة (التنازل والمساومة)، تستعر فيها الحرب، ويتكالب فيها وعليها أوغاد من كل نوع».
في المقابل، ثمن كثيرون جهود سلامة، ومن بينهم السفير الأميركي لدى البلاد رتشارد نورلاند، بالقول: «أود أن أشكر المبعوث الخاص للأمين العام على عمله الدؤوب في الدعوة إلى السلام، وإلى حل سياسي شامل للأزمة التي تواجه ليبيا»، معرباً عن الإعجاب بـ«تصميم (السيد) سلامة وشجاعته، حيث تمكّن على مدار العامين الماضيين بمهارة من بناء إطار يمكن استخدامه من قِبَل الباحثين عن السلام حقاً لإنهاء الصراع، ونتطلع إلى تعيين خلف له لمواصلة عمل سلامة واستئناف الحوارات الداخلية بين الليبيين».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.