انهمرت رسائل الدعم من كل حدب وصوب على نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن. فبعد أن قارب نجمه على الأفول، نفخ المعتدلون الحياة مجدداً في حملة المرشح الديمقراطي الذي يمثلهم، والتفوا حوله في محاولة لفرضه مرشحاً رسمياً للحزب بدلاً من زميله السابق في مجلس الشيوخ ومنافسه برني ساندرز. فعشية الثلاثاء الكبير أعلن المرشحان السابقان بيت بوتاجج والسيناتورة إيمي كلوبوشار نقل دعمهما لبايدن، وانضم إليهما ركب من الديمقراطيين كالنائب بيتو أورورك، ومستشارة الأمن القومي السابقة سوزان رايس، وزعيم الديمقراطيين السابق في مجلس الشيوخ هاري ريد، وغيرهم.
ويبدو أن الوقت حان هذه المرة ليدير الديمقراطيون المعتدلون ظهورهم كلياً لساندرز، ويضعون كل دعمهم في سلة بايدن، الذي أثبت ولاءه لحزبه في أكثر من مناسبة. وهذا ما تحدث عنه بوتاجج الذي توجه من مدينته ساوث بند إلى ولاية تكساس التي تشهد سباقاً محتدماً في الثلاثاء الكبير، للإعراب عن دعمه لبايدن «أنا أبحث عن قائد، أبحث عن رئيس يرى كل ما هو جيد فينا. وأشجع جميع من كان في حملتي الانضمام لي؛ لأننا وجدنا قائدنا في جو بايدن». موقف كررته كلوبوشار التي انضمت هي أيضاً إلى بايدن في تكساس، وقالت «نحن في حاجة إلى توحيد حزبنا وبلادنا، ويجب أن نقوم بذلك ليس بالكلام فحسب، بل بالفعل. إن مسؤوليتنا هي توحيد بلادنا وإنقاذها. لهذا فسوف أنهي حملتي الانتخابية وأنقل دعمي لجو بايدن».
موقف حزبي موحد سوف يُكافَأ عليه كل من بوتاجج وكلوبوشار في حال فوز بايدن بالرئاسة. سواء عبر عرض منصب في الإدارة عليهما، أو عبر دعمهما في محاولة مستقبلية أخرى لخوض سباق رئاسي. ولم يخف بايدن الأمر، بل قال في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية في هيوستن: «لقد تحدثت إلى بيت بوتاجج وقلت له إنني إذا أصبحت المرشح الرسمي فسوف أسأله أن يكون جزءاً من الإدارة. كلوبوشار تمثل هي أيضاً موهبة رائعة».
كلام سخر منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب وانتقده فقال في تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية: «كلاهما دعم جو النعسان، أتعلمون لماذا؟ لأنهم اتفقوا على صفقة. صفقة مقايضة. مقايضة! يجب أن نعزلهم! ليتم عزلهم!»، وذلك في إشارة إلى محاولات عزله بسبب ما وصفه الديمقراطيون بصفقة مقايضة مع أوكرانيا. وتابع ترمب قائلاً «لقد تم غش العملية الانتخابية ضد برني المجنون. برني المجنون سوف يصبح أكثر جنوناً عندما يرى ما يفعلون!».
لكن ساندرز المتقدم في كل استطلاعات الرأي، والذي يرجح أن يحصل على أكبر عدد مندوبين في الثلاثاء الكبير، فلم يستغرب من التحركات الديمقراطية، وقال «منذ أن أعلنت ترشيحي وأنا أنتقد القيادات الديمقراطية التقليدية. ليس من المفاجئ أن هذه القيادات لا تريدني أن أصبح رئيساً».
وتابع ساندرز «إن التفاف الديمقراطيين حول بادين ليس بالمفاجأة. هناك مجهود جبار لمحاولة وقف برني ساندرز. إن التجمع الحزبي التقليدي يتوحد وسيقوم بكل ما يلزم لوقف تقدمي». ويعلم ساندرز جيداً أنه مهما حاول التقرب من قاعدة الحزب المعتدلة، إلا أنه يُعدّ في نهاية المطاف سيناتوراً مستقلاً في مجلس الشيوخ. ولا ينتمي رسمياً إلى الحزب الديمقراطي على الرغم من أنه ترشح للرئاسة عن الحزب وليس مستقلاً. خيار ساندرز الشخصي في أن يكون مستقلاً في المجلس، سمح له بالانشقاق عن الديمقراطيين في عمليات التصويت أكثر من مرة؛ لهذا فهم ينظرون إليه بصفته منشقاً عن الحزب وليس فرداً منه. ولم يساعد وصفه المتكرر لنفسه بالتقدمي الاشتراكي على تغيير رأي الديمقراطيين فيه، على العكس فقد تزايدت انتقاداتهم له لأنهم يخشون من أن تؤدي توجهاته الليبرالية اليسارية إلى خسارة الديمقراطيين للأغلبية في مجلس النواب. أمر فسّره بايدن فقال «أعتقد أن هناك الكثير من المرشحين في الانتخابات التشريعية الذين لا يريدون خوض المعركة الانتخابية بقيادة برني الذي وصف نفسه بالاشتراكي. الديمقراطيون سيختارون بين الوعود بالثورة أو تحقيق نتائج فعلية. أنا أقدر برني، لكنه يعد بالثورة وأنا أعد بالنتائج».
من ناحيته، استمر الرئيس الأميركي بالاصطياد في ماء الديمقراطيين العكر فغرّد «هم يحاولون شن انقلاب ضد برني!» وسخر ترمب من ذاكرة نائب الرئيس الأميركي السابق فقال «إن جو النعسان لا يعلم أين هو أو ماذا يفعل. بصراحة لا أعتقد أنه يعلم أنه مرشح للرئاسة». وقد وضع التفاف الديمقراطيين حول بايدن السيناتورة إليزابيث وارن في موقف حرج. فهي لا تزال في السباق الرئاسي حتى الساعة، من دون تحقيق نتائج تذكر. ولعلّ الولاية التي ستحسم مصيرها يوم الثلاثاء الكبير هي الولاية التي تمثلها في مجلس الشيوخ، ماساشوتستس. ففي حال لم تحقق تقدماً كبيراً في هذه الولاية، لن يكون استمرارها في السباق مبرراً.
أما عمدة نيويورك السابق مايك بلومبرغ الذي يخوض السباق فعلياً لأول مرة في الثلاثاء الكبير، فوجد نفسه في موقف لا يحسد عليه. وهو بدا بمظهر المرتد عن حزبه بعد إصراره على البقاء في السباق على الرغم من أدائه الضعيف في المناظرات واستطلاعات الرأي التي لم ترحمه. وعلى الرغم من عدم وجود أي شح في موارده الانتخابية الخاصة، فإنه سيكون من الصعب عليه الاستمرار في السباق في حال فشل في الحصول على دعم كبير في انتخابات الثلاثاء الكبير تحديداً في ولاية فيرجينيا التي أمضى وقتاً كبيراً فيها. وقد صرف عمدة نيويورك السابق بين السابع والعشرين من فبراير (شباط) إلى اليوم أكثر من 885 ألف دولار على حملات دعائية حول فيروس كورونا ليكون المرشح الوحيد الذي يذكر موضوع الفيروس في الحملات الدعائية. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الأموال سوف تترجم أصواتاً في انتخابات يوم الثلاثاء.
ومع الدعم الكبير الذي حصل عليه بايدن من قبل الديمقراطيين المعتدلين، إلا أن هؤلاء يعلمون أنه لن يحصل على أغلبية المندوبين في انتخابات الثلاثاء الكبير. لكن مما لا شك فيه أن وضعه أفضل بكثير مما كان عليه قبل انتخابات ساوث كارولاينا، ويأمل داعموه أنه سيثبت من خلال نتائج الثلاثاء الكبير أنه الخيار الأفضل للحزب. ويقول أحد العاملين في حملة بايدن الانتخابية: «لا شك لدينا أن برني سيكون المرشح الأكثر تقدماً في الثلاثاء الكبير، سوف يحصل على أكبر عدد من المندوبين. لكن خطة بايدن هي بالفوز، حيث يستطيع تحديداً في الجنوب، وبالحلول في المرتبة الثانية في ولايات أخرى. أي معادلة تضمن له عدداً من المندوبين يقارب العدد الذي سيحصل عليه ساندرز هي معادلة جيدة». وتظهر التوقعات الأولية تقدماً كبيراً لساندرز في الولايات الـ14 التي تشهد انتخابات الثلاثاء الكبير (15 إذا ما تم احتساب مقاطعة ساموا الأميركية). وأبرز الولايات التي ستقدم أكبر عدد من المندوبين هي ولايات كاليفورنيا (415 مندوباً)، وتكساس (228)، وكارولاينا الشمالية (110)، وفيرجينيا (99) وماساشوتستس (91). وسوف توزع ولايات الثلاثاء الكبير 1357 مندوباً على المرشحين في وقت يحتاج فيه المرشح الديمقراطي بالفوز بـ1991 مندوباً لانتزاع ترشيح الحزب رسمياً.
التفاف ديمقراطي حول بايدن في «الثلاثاء الكبير»
ترمب يتهم الحزب بالتخطيط لانقلاب على ساندرز

نفخ المعتدلون الحياة مجدداً في حملة المرشح الديمقراطي نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (رويترز)
التفاف ديمقراطي حول بايدن في «الثلاثاء الكبير»

نفخ المعتدلون الحياة مجدداً في حملة المرشح الديمقراطي نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (رويترز)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة