شركات التكنولوجيا تدفع ثمن الفيروس غالياً

بين القطاعات الأكثر تضرراً من انتشاره في الصين... وعالمياً

شركات التكنولوجيا تدفع ثمن الفيروس غالياً
TT

شركات التكنولوجيا تدفع ثمن الفيروس غالياً

شركات التكنولوجيا تدفع ثمن الفيروس غالياً

إنتاج المصانع يتباطأ، الإمدادات شبه معطلة، الطلب يتراجع... هذا هو حال قطاع التكنولوجيا منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي. وشركات القطاع بدأت تقلق بشدة، خصوصاً «آبل» و«سامسونغ» و«مايكروسوفت» و«إتش بي»، علما بأن انتشار عدوى فيروس كورونا زاد نسبيا العمل عن بعد باستخدام التكنولوجيا، كما أن منصات ترفيه مثل «نتفلكس» استفادت من التزام الناس بيوتهم وإقبالهم على مشاهدة الأفلام والمسلسلات لقضاء أوقات «الحجر التحوطي».
وأكد تقرير نشرته «ليزيكو» الاقتصادية المتخصصة أن حمى فيروس كورونا (كوفيد - 19) أضرت بشكل مباشر قطاع التكنولوجيا وتقنية المعلومات لأنه يعتمد في عولمته على الصين كثيراً، وهذا القطاع يدفع ثمناً غالياً حالياً ويصنف بين الأكثر تضرراً.
فشركة «آبل» كانت أول المتضررين لأن إنتاجها متعلق جداً بالصين كما مبيعاتها أيضاً. وأعلنت الشركة منذ منتصف الشهر الماضي أن الإجراءات الصينية الصارمة ستمنعها من تحقيق أهدافها على صعيد حجم الأعمال الذي كان متوقعاً لعام 2020. وبعد إعلان «آبل» كرت سبحة الإعلانات المماثلة، إذ أكدت شركة «مايكروسوفت» أن مبيعات أجهزتها وبرامج التشغيل «ويندوز» ستنخفض هذه السنة. أما «إتش بي» التي تصنع أو تجمع أكثر من نصف منتجاتها في الصين فتوقعت «تأثيراً مباشراً عميقاً» في أعمالها.
وقالت بيانات صادرة عن «إتش بي» و«دل» و«لينوفو» و«إنتل» إنها لا تستطيع توقع كامل التأثر لأن تطورات عدوى الفيروس غير قابلة للتوقع بشكل كامل بعد، وكل شيء متعلق بما سيحصل في الصين خلال الأسابيع المقبلة مع إمكان التفاؤل قليلاً؛ لأن الأعمال تعود في بعض القطاعات تدريجياً ولو ببطء، لكن الأمر منوط أيضاً بتطورات العدوى في أوروبا وأميركا.
وفي ظل هذا الواقع، صدر تقرير عن شركة «آي دي سي» المتخصصة في متابعة مبيعات أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية يؤكد أن كل ما له علاقة بتقنية الجيل الخامس (5 جي) هو الآن متوقف وبحالة انتظار كاملة. وتوقعت الشركة لعام 2020 تراجع مبيعات الهواتف الذكية بنسبة 2.3 في المائة، مقابل توقعات سابقة كانت أشارت إلى نمو في تلك المبيعات بنسبة 1.5 في المائة. وعلى صعيد الشرائح الإلكترونية خفضت شركة «نومورا ريسيرتش» نمو المبيعات في هذا القطاع من 6 إلى 4 في المائة هذه السنة. وبشأن مبيعات أجهزة الكومبيوتر، التي كانت ارتفعت في 2019 بعد عدة سنوات من الانخفاض، فإن التقارير تشير إلى عودة الانخفاض بقوة هذه السنة، ونسبة الهبوط قد تصل إلى 9 في المائة وفقا لتقرير «آي دي سي».
وأكدت مصادر القطاع أن شركة «فوكسكون» الصينية العملاقة، الشريكة الأولى لعمالقة شركات التكنولوجيات وتقنية المعلومات والإنترنت في العالم، هي الآن بحالة انخفاض حاد في أنشطتها التصنيعية والتجميعية. والشركة لا تعمل حالياً إلا بنسبة 50 في المائة من طاقتها التشغيلية، لكنها تتوقع ارتفاع النسبة إلى 80 في المائة مع نهاية مارس (آذار) إذا سارت الأمور الصحية في الصين نحو الأحسن. لكن وفي كل الأحوال هناك اضطراب واسع النطاق في الإنتاج والإمداد في الفصل الأول من هذه السنة.
من جهتها، فإن شركة «شاومي» الصينية لصناعة الأجهزة والهواتف، لا تتوقع بداية العودة إلى المسار العادي قبل أبريل (نيسان) المقبل، فالموظفون والعمال لا يعودون إلى الشركة كما يجب بسبب الخوف من العدوى. وعندما يصاب أحد العمال في المصنع يقفل خط الإنتاج والمكاتب المرتبطة به لإجراء التعقيم اللازم.
وشركتا «إل جي» و«سامسونغ» تواجهان في وحدات إنتاجهما في كوريا الجنوبية أوضاعاً مماثلة لتلك التي تمر بها المصانع الصينية، وتعانيان من نقص في إمدادات المواد الأولية وقطع الغيار الداخلة في تصنيع الأجهزة.
وإذا توافر إنتاج ما فإن تصديره بات صعباً، لا سيما من الصين التي تواجه المزيد من انقطاعات خطوط الطيران والملاحة منها وإليها. فحاويات أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية تقبع مكانها أياما وأسابيع بانتظار طريقة ما لنقلها إلى بلدان الطلب عليها.
على صعيد المبيعات في الصين نفسها، فإن المستهلكين يلتزمون بيوتهم في أجواء تحوط بالغة. ويذكر أنه بين 24 يناير (كانون الثاني) و10 فبراير الماضيين أجبرت الحكومة الصينية المحال التجارية الإلكترونية الكبيرة على الإقفال. ونتيجة ذلك أقفلت شركة «آبل» 42 نقطة بيع في أرجاء الصين، وهي تعود حالياً إلى فتحها جزئياً وتدريجياً.
على صعيد آخر، وبسبب الهلع من انتشار عدوى فيروس كورونا، ألغي المؤتمر التكنولوجي العالمي السنوي المخصص للهواتف الذكية في برشلونة، وألغي مؤتمر سنوي عالمي آخر في سان فرانسيسكو مخصص لألعاب الفيديو، وأجلت اليونيسكو مؤتمراً في باريس كان مخصصاً للذكاء الصناعي، وأعلنت شركة «فيسبوك» أن مؤتمرها السنوي المنتظر في مايو (أيار) المقبل لن يكون في موعده هذه السنة.
بفعل كل هذه الأسباب، هبطت أسعار أسهم عمالقة التكنولوجيا وتقنية المعلومات والإنترنت منذ منتصف الشهر الماضي. فمؤشر هذه الشركات، وهو مؤشر فرعي من «ناسداك»، هبط 14 في المائة، ومحا مكاسب حققها منذ بداية 2020. وللمثال، فقدت شركات «آبل» و«مايكروسوفت» و«غوغل» و«فيسبوك» فقط 674 مليار دولار من قيمتها السوقية، لكن بعض المستثمرين يرون في هبوط أسعار تلك الأسهم فرصة للشراء لأن أزمة كورونا عابرة برأيهم.



شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
TT

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)
موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024، مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، لتتحول إلى الربحية وبنسبة نمو تجاوزت 200 في المائة.إذ وصلت أرباحها إلى نحو 525 مليون دولار (1.97 مليار ريال) مقارنةً بتسجيلها خسائر في العام السابق وصلت إلى 516 مليون دولار (1.93 مليار ريال).

ويأتي هذا التحول للربحية في النتائج المالية لشركات القطاع، وتحقيقها لقفزة كبيرة في الأرباح، بفعل ارتفاع الإيرادات ودخل العمليات والهامش الربحي وزيادة الكميات والمنتجات المبيعة.

ومن بين 11 شركة تعمل في مجال البتروكيميائيات مدرجة في «تداول»، حققت 8 شركات ربحاً صافياً، وهي: «سابك»، و«سابك للمغذيات»، و«ينساب»، و«سبكيم»، و«المجموعة السعودية»، و«التصنيع»، و«المتقدمة»، و«اللجين»، في حين واصلت 3 شركات خسائرها مع تراجع بسيط في الخسائر مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق، وهي: «كيمانول»، و«نماء»، و«كيان».

وبحسب إعلاناتها لنتائجها المالية في «السوق المالية السعودية»، حققت شركة «سابك» أعلى أرباح بين شركات القطاع والتي بلغت مليار ريال، مقارنةً بتحقيقها خسائر بلغت 2.88 مليار ريال للعام السابق، وبنسبة نمو تجاوزت 134 في المائة.

وحلت «سابك للمغذيات» في المركز الثاني من حيث أعلى الأرباح، رغم تراجع أرباحها بنسبة 21 في المائة، وحققت أرباحاً بقيمة 827 مليون ريال خلال الربع الثالث 2024، مقابل تسجيلها لأرباح بـ1.05 مليار ريال في الربع المماثل من العام السابق.

وفي المقابل، حققت «اللجين»، أعلى نسبة نمو بين الشركات الرابحة، وقفزت أرباحها بنسبة 1936 في المائة، بعد أن سجلت صافي أرباح بلغ 45.8 مليون ريال في الربع الثالث لعام 2024، مقابل أرباح بلغت 2.25 مليون ريال في العام السابق.

مصنع تابع لشركة كيميائيات الميثانول (كيمانول) (موقع الشركة)

توقعات استمرار التحسن

وفي تعليق على نتائج شركات القطاع، توقع المستشار المالي في «المتداول العربي» محمد الميموني خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تستمر حالة التحسن في أرباح شركات قطاع البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، بفعل حالة ترقب التحسن في الاقتصاد الصيني الذي يعد من أهم وأكبر المستهلكين لمنتجات شركات البتروكيميكال، والاستقرار المتوقع في الأوضاع الجيوسياسية، مضيفاً أن تلك العوامل ستعمل على بدء انفراج في أسعار منتجات البتروكيميكال، وتجاوزها للمرحلة الماضية في تدني وانخفاض أسعارها. وقال «لا أتوقع أن يكون هناك مزيد من التراجع، ومن المتوقع أن يبدأ الاستقرار في أسعار منتجات البتروكيميائيات خلال الربعين المقبلين، وهو مرهون بتحسن أسعار النفط، وتحسن الطلب على المنتجات».

وأشار الميموني إلى أن أسباب تراجع أرباح بعض شركات القطاع أو استمرار خسائرها يعود إلى انخفاض متوسط أسعار مبيعات منتجات البتروكيميكال نتيجة لاتجاه السوق والأسعار نحو الانخفاض بالإضافة إلى فترة الصيانة الدورية لعدد من مصانع شركات القطاع، وكذلك ارتفاع تكلفة وقود الديزل في الفترة منذ بداية يناير (كانون الثاني) 2024 وارتفاع تكلفة الشحن بسبب الاضطرابات الجيوسياسية التي أثرت على مسار الشحن من خلال مسار البحر الأحمر، وارتفاع تكاليف التمويل، ورغم اتجاه أسعار الفائدة نحو الانخفاض منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، فإنه لم ينعكس بشكل جيد على وضع نتائج شركات البتروكيميكال حتى الآن، مجدِّداً توقعه بتحسن النتائج المالية لشركات القطاع خلال الربعين المقبلين.

تحسن الكفاءة التشغيلية

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن شركات القطاع أظهرت منذ بداية السنة تحسناً في الكفاءة التشغيلية لجميع عملياتها وأدائها، وارتفاع في أعداد الكميات المنتجة والمبيعة، وتكيّف شركات القطاع مع تغير ظروف السوق. وقابل ذلك تحسّن ظروف السوق وزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية، وتحسّن الهوامش الربحية ومتوسط الأسعار لبعض منتجات البتروكيميائيات الرئيسة.

وعّد العتيق تسجيل 8 شركات من أصل 11 شركة تعمل في القطاع، أرباحاً صافية خلال الربع الثالث، أنه مؤشر مهم على تحسن عمليات وأداء شركات القطاع، ومواكبتها لتغير الطلب واحتياج السوق، مضيفاً أن القطاع حساس جداً في التأثر بالظروف الخارجية المحيطة بالسوق وأبرزها: تذبذب أسعار النفط، والظروف والنمو الاقتصادي في الدول المستهلكة لمنتجات البتروكيميائيات وأهمها السوق الصينية، والأحداث الجيوسياسية في المنطقة وتأثيرها على حركة النقل والخدمات اللوجستية، لافتاً إلى أن تلك الظروف تؤثر في الطلب والتكاليف التشغيلية لمنتجات البتروكيميائيات، إلا أنها قد تتجه في الفترة الراهنة باتجاه إيجابي نحو تحسن السوق والطلب على منتجات البتروكيميائيات.