فوائد اقتصادية «غير مكتملة» لتونس من «كورونا»

TT

فوائد اقتصادية «غير مكتملة» لتونس من «كورونا»

رجح عدد من خبراء الاقتصاد تحسن أداء الاقتصاد التونسي وتسجيل استفادة اقتصادية جيدة من فيروس «كورونا»، من خلال الحد من العجز التجاري المحلي نتيجة تباطؤ الإنتاج والتوريد للبضائع والمنتجات الصينية، وصعوبة وصول عدد من البضائع الموردة من هناك. كما يعرف الاقتصاد التونسي استفادة مباشرة جراء تراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية بنحو 4 في المائة؛ إذ إن تونس تستورد نحو 50 في المائة من حاجياتها من الخارج.
غير أن هذه الاستفادة تبدو غير مكتملة، فقد عبر عدد من رؤوس الأموال المحلية عن تضرر مجموعة من الأنشطة التي لها علاقة بقطاعات التجارة، نتيجة عدم توفر البضائع، وكذلك النقل نتيجة صعوبة وصول المنتجات، والسياحة نظراً لإمكانية تراجع الحجوزات السياحية.
ومن المنتظر أن يتراجع العجز التجاري خصوصاً مع الصين؛ إذ إن الصين تستحوذ على نحو ربع العجز التجاري التونسي مع الخارج، وذلك بنحو 5 مليارات دينار تونسي (نحو 1.7 مليار دولار)، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة هذا التراجع المسجل من جديد على مستوى العلاقات التجارية مع الصين وذلك خلال الأشهر المقبلة.
وفي السياق ذاته، أكدت جنات بن عبد الله، الخبيرة الاقتصادية التونسية، على أهمية تراجع أسعار النفط ومدى تأثيرها على الاقتصاد التونسي، قائلة إن «ميزانية الدولة التونسية لسنة 2020 اعتمدت معدل أسعار في حدود 75 دولاراً للبرميل الواحد، ومن شأن انخفاض الأسعار إلى مستوى حول 56 دولاراً حالياً أن ينعكس إيجاباً على التوازنات المالية الحكومية؛ إذ إن الزيادة أو النقصان بدولار واحد يترجم إلى نحو 120 مليون دينار (نحو 40 مليون دولار) على مستوى الميزانية، وهذا مهم للغاية بصفة ظرفية على الأقل».
وفي مقابل هذه الانتعاشة المنتظرة، قال طارق الشريف رئيس «كونفدرالية كوناكت (منظمة مستقلة لرجال الأعمال)»، إن عدداً من المؤسسات التونسية بدأت تستشعر نقصاً على مستوى تزويدها بالمواد الأولية نتيجة تباطؤ الحركة التجارية على مستوى الموانئ البحرية ونقاط العبور البرية علاوة على المطارات، وعدّ هذا التباطؤ «عادياً» في ظل تأثير فيروس «كورونا» على الاقتصاد العالمي بشكل كلي. ودعا المؤسسات التونسية إلى العودة إلى الإنتاج لتزويد السوق المحلية وتعويض النقص المسجل على مستوى الواردات الصينية. ورجح الشريف تسجيل تراجع على مستوى أعداد السياح الوافدين إلى تونس نتيجة توسع رقعة المصابين بهذا المرض وما قد تتخذه السلطات التونسية لاحقاً من إجراءات وقائية.
وكانت تونس قد استقبلت خلال السنة الماضية نحو 9.5 مليون سائح، ووفرت عائدات مالية تجاوزت حدود 1.8 مليار دولار. واستقبلت خلال الفترة نفسها نحو 30 ألف سائح صيني، مسجلة زيادة بنحو 7.5 في المائة عما عرفته سنة 2018. وكانت تأمل في الرفع من هذا العدد في السوق السياحية الصينية، غير أن خطر انتشار «كورونا» قد يقلص من هذه الطموحات، مع العلم بأن تونس لم تمنع إلى حد الآن الرحلات الجوية الآتية إليها من الصين، واتخذت في المقابل إجراءات مراقبة صارمة على حدودها البرية والجوية والبحرية.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.