رحيل أرنستو كاردينال ضمير «الثورة الساندينية» في نيكاراغوا

رحيل أرنستو كاردينال ضمير «الثورة الساندينية» في نيكاراغوا
TT

رحيل أرنستو كاردينال ضمير «الثورة الساندينية» في نيكاراغوا

رحيل أرنستو كاردينال ضمير «الثورة الساندينية» في نيكاراغوا

انطفأ مساء الاثنين الماضي في ماناغوا، أرنستو كاردينال، الشاعر والكاهن الذي كان ضمير «الثورة الساندينية» في نيكاراغوا وأحد أبرز مؤسسي حركة «لاهوت التحرّر» في أميركا اللاتينية. رحل كاردينال عن 95 عاماً تاركاً وراءه مدرسة شعرية قائمة بذاتها في منطقة معروفة بخصوبة تربتها الشعرية، ومن غير أن يتنازل قيراطاً واحداً عن التزاماته السياسية والأخلاقية التي جرّت عليه متاعب كثيرة كان يتصدّى لها بشجاعة نادرة وهدوء مذهل.
التقيته، للمرة الأولى، أواخر ثمانينات القرن الماضي في ماناغوا، عندما كان وزيراً للثقافة في الحكومة التي تشكّلت بعد أن أطاحت «الثورة الساندينية» ديكتاتورية أسرة «سوموزا» التي حكمت البلاد 40 عاماً، وكان قد أطلق يومها مشروع «الورشات الشعرية» في المدارس والجامعات والمصانع، مستنداً إلى تجربته الأولى في المحترف الشعري الذي أسسه أواخر السبعينيات. وفي آخر لقاء معه عام 2004 في مدريد كان يضع اللمسات الأخيرة على كتابه «الثورة المفقودة» الذي كرّس القطيعة بينه وبين النظام الحالي، الذي يرأسه دانييل أورتيغا الذي كان رئيساً للجمهورية بعد انتصار الثورة.
وُلد كاردينال في مدينة غرناطة النيكاراغوية عام 1925، ودرس الأدب في ماناغوا ومكسيكو، ثم تابع تخصصه في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، قبل أن يُرسم كاهناً وينتقل إلى أرخبيل سولنتينامي في بحيرة نيكاراغوا الكبرى، حيث أسس مجموعة من الصيّادين والفنانين البدائيين اكتسبت شهرة عالمية، وأصبحت محجّة للمعجبين بشعره وأدبه. وقد اعتاد أن يمضي عطلته في تلك الجزر، يقرأ أشعار روبين داريّو، شاعر نيكاراغوا الأكبر، يكتب ويصلّي في الكنيسة الصغيرة التي بناها مع رفاقه.
يقول عنه صديقه الكاتب سرخيو راميريز، الحائز مؤخراً على جائزة «سرفانتيس» للآداب، إنه من أكبر المجددين في اللغة الإسبانية بأسلوبه الغنائي الجديد (السرد الشعري)، الذي جعل منه شاهداً ممّيزاً على هذا العصر.
كان كاردينال يعرّف عن أسلوبه بأنه «الشعر العلمي»، ويقول: «لا أعرف غيري من الشعراء يكتب شعراً عن العلوم؛ شعراً علميّاً. إن قراءة الكتب العلمية عندي مثل الصلاة، لأني أرى فيها آثار الخالق تعالى».
تحتلّ «الثورة الساندينية» موقعاً محوريّاً في مسار كاردينال الشعري والحياتي، كما يظهر خصوصاً في ديوانه «ساعة الصفر» أو في مغناته الشهيرة «النشيد الوطني» التي يشيد فيها بمآثر آوغوستو ساندينيو، ملهم الثورة، والثوّار الساندينيين، ما دفع بالكنيسة الكاثوليكية إلى معاقبته وإبعاده، حتى أن البابا يوحنا بولس الثاني وبّخه علناً، وهدده بالحرمان عندما كان راكعاً أمامه يقبّل يده خلال الزيارة التي قام بها إلى نيكاراغوا عام 1983.
كان كاردينال قد تولّى وزارة الثقافة إثر انتصار الثورة، بعد تردد طويل، لزهده بالمناصب والسلطة، لكنه قاد حملة تغييرية عميقة في الثقافة، محاطاً بمجموعات من الشباب الفنّانين والأدباء والموسيقيين والسينمائيين، فيما كان شقيقه فرناندو يقود حملة واسعة لمحو الأميّة في البلاد.
ترجم أعمالاً مختارة لباوند وإليوت، ووضع بحثاً قيّماً في شعر ويتمان، وفي «ساعة الصفر» أشعاره الشهيرة ضد طغاة أميركا الوسطى، الذين كانوا يصلون إلى الحكم بفضل التدخل العسكري للولايات المتحدة. ومن قصائده الشائعة «مرثاة مارلين مونرو»، التي يتناول فيها «صناعة الأصنام» في المجتمع الاستهلاكي الذي يستغلّ أحلام الفقراء بالشهرة.
كان كاردينال يحمل إيماناً عميقاً ينضح من جميع أعماله التي يحمل فيها أيضاً على ظلم الضعفاء ومعاناتهم. ومنذ عام 2007 كان يعيش معاناته الخاصة مع عودة رفيق الدرب الثورية دانييل أورتيغا إلى السلطة، حيث راح يتعرّض للمضايقة والملاحقات القضائية بتوجيه من أورتيغا الذي كان يرى فيه خصماً شرساً لا يكفّ عن انتقاده. لكن رغم ذلك لم يتراجع كاردينال عن مواقفه، في الداخل والخارج، يدين فيها جنوح أورتيغا نحو الظلم والطغيان ويستنكر الفساد المستشري الذي تديره زوجته.
وبعد سنوات طويلة من إبعاده عن الكنيسة، بسبب انتمائه إلى «لاهوت التحرر»، الذي كان الفاتيكان يعتبره حركة يساريّة منشقّة، قرّر البابا الحالي فرنسيس، إعادة الاعتبار الكنسي إليه مطلع العام الماضي، وعلّق كاردينال على ذلك القرار بقوله: «هذا هو البابا الذي يمثّل الكنيسة التي أحبّ. إنه أفضل مما كنا نحلم به».



ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.