السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة يهاجم ساندرز

حتى نتنياهو تنصل من تصريحاته

هاجم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون
هاجم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون
TT

السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة يهاجم ساندرز

هاجم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون
هاجم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون

في تصريح بعيد عن الدبلوماسية، هاجم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الذي يعتبر أبرز الدبلوماسيين في الدولة العبرية، السيناتور الأميركي بيرني ساندرز، الذي يتقدم السباق لنيل ترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، ونعته بأنه «مزيج ما بين الجاهل والكاذب». وقد اضطر حتى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى التنصل من هذه التصريحات، إثر ردود الفعل الأميركية الغاضبة.
كان دنون، الذي شغل منصب وزير في حكومة نتنياهو، ويحظى بدعم كبير منه في العادة، قد ألقى كلمة خلال المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية (إيباك)، في واشنطن، حضره 18 ألف مندوب. وتحدث دنون عن تصريحات ساندرز الأخيرة، التي أدلى بها في الأسبوع الماضي خلال مناظرة انتخابية، وانتقد فيها «إيباك» نفسها، لأنها «تفتح منابرها لخطباء عنصريين»، ووصف فيها نتنياهو بـ«العنصري». وقال دنون رداً على ذلك: «لا نريد ساندرز هنا، ولا نريده في إسرائيل. فمن ينعت رئيس الحكومة الإسرائيلية بالعنصري، هو كاذب أو جاهل، أو مزيج خطير لكليهما». وقد عبر السفير الإسرائيلي، بهذه التصريحات، عن العداء السافر الذي يكنه رؤساء اليمين الإسرائيلي للمرشح ساندرز، منذ سنين طويلة، والذي تفاقم في الأسابيع الأخيرة على أثر تقدمه في المنافسة على الرئاسة.
وبدأت الخارجية الإسرائيلية وقوى سياسية أخرى في المعارضة تتحسب من احتمال فوز ساندرز بالرئاسة فعلاً. وخلال دراسات أجريت في عدة معاهد أبحاث في تل أبيب، انتقد العديد من الخبراء والسياسيين السابقين سياسة نتنياهو، المتحيزة بالمطلق للرئيس دونالد ترمب والحزب الجمهوري. وحذروا من أن هذه السياسة ستكلف إسرائيل غالياً، إذ «في حال انتخاب أي رئيس ديمقراطي، ستتغير السياسة الأميركية تجاه إسرائيل». وقال زلمان شوفال، السفير الإسرائيلي الأسبق في واشنطن، الذي يعتبر من قادة اليمين أيضاً، إنه لا يخشى على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ولكنه لن يفاجأ إذا رأى الرئيس الأميركي الديمقراطي القادم يقرر تقليص الدعم المالي لإسرائيل، أو خصم مبالغ منها لمعاقبتها على سياستها لأي سبب كان.
وأضاف شوفال: «الحزب الديمقراطي، الذي يحظى بغالبية أصوات اليهود في كل انتخابات أميركية، يشعر بأن نتنياهو يدهور العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويغير في الاستراتيجية التي كانت تمنع إسرائيل من التدخل في الانتخابات الأميركية الداخلية. فخلال عقود طويلة كانت إسرائيل تحظى بدعم من الحزبين الأكبرين في أميركا، وتحرص على التوازن في العلاقات معهما، بغض النظر عن هوية القيادة في البلدين. ولكن نتنياهو خرج عن هذه القاعدة. فجاء الرد قاسياً من الديمقراطيين عموماً، ومن ساندرز بشكل خاص».
كان المرشح الديمقراطي ساندرز قد أدلى هو الآخر بتصريحات أغضبت الحكومة الإسرائيلية، إذ قال إنه حال أصبح رئيساً للولايات المتحدة، فسوف يدرس إمكانية إعادة السفارة الأميركية إلى تل أبيب، بعدما نقلها الرئيس ترمب، في مايو (أيار) 2018 إلى القدس، التي اعترف بها عاصمة لإسرائيل. وأضاف ساندرز: «الآن يترأس الحكومة في إسرائيل بيبي (بنيامين) نتنياهو، وهو شخص عنصري، أعتقد أن سياستنا في المنطقة يجب أن تضمن أمن إسرائيل واستقلالها، لكن أيضاً يجب أن نهتم باحتياجات الشعب الفلسطيني».
وفي يوم الاثنين الماضي، كتب ساندرز، في تغريدة على حسابه في «تويتر»، أنه سيقاطع المؤتمر السنوي لـ«إيباك». وقال: «ما زلت قلقاً بشأن المنصة التي تتيحها (إيباك) للقادة الذين يظهرون التعصب والعنصرية ويعارضون الحقوق الفلسطينية الأساسية، ولذلك لن أحضر مؤتمرهم. كرئيس، سوف أدعم حقوق كل من الإسرائيليين والفلسطينيين، وأفعل كل ما يمكن لإحلال السلام والأمن في المنطقة». وأثارت هذه اللهجة غير المسبوقة قلقاً شديداً في إسرائيل، وفي القيادة اليهودية الأميركية، إذ إن «إيباك» هي أبرز جماعة ضغط في الولايات المتحدة الأميركية، وتعمل في خدمة إسرائيل بلا هوادة منذ تأسيسها في عام 1953، في عهد الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور.
وهي لا تقتصر على اليهود، بل يوجد فيها أعضاء كونغرس ورجال أعمال وقادة ومسؤولون من الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري، على السواء. ويحضر مؤتمرها السنوي حوالي 20 ألف مشترك، ويلقي خطابات فيه عادة الرئيس الأميركي أو نائبه، هذا فضلاً عن الوزراء وزعماء الجالية اليهودية ورؤساء الكنس اليهودية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.