ترجيحات مصرية لحدوث «انفتاح سياسي وحزبي» نهاية العام

TT

ترجيحات مصرية لحدوث «انفتاح سياسي وحزبي» نهاية العام

خلصت تقديرات لخبراء مصريين عززتها إفادات رسمية، إلى ترجيح «حدوث انفتاح سياسي وحزبي» في البلاد بحلول نهاية العام الجاري، وذلك استناداً إلى بدء مناقشة قانون «مجلس الشيوخ» الذي سيعود للحياة البرلمانية بعد نحو 7 سنوات من حله قضائياً، وإلغاء مواده من الدستور، فضلاً عن ترقب إجراء انتخابات جديدة لـ«مجلس النواب» بعد انتهاء مدة عمله بغضون 8 أشهر تقريباً.
رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب المصري، بهاء الدين أبو شقة قال، خلال اجتماع في البرلمان، أمس، إنه «يتوقع عرض ومناقشة مشروعي قانون مجلس النواب ومجلس الشيوخ في مطلع مايو (أيار) المقبل بالبرلمان»، ومنوهاً بـ«الحرص على الانتهاء من مشروعي القانونين لمجلسي النواب والشيوخ، قبل انتهاء دور الانعقاد الحالي للنواب، وترك فرصة لاستعداد الأحزاب، ومؤسسات الدولة وهيئة الانتخابات».
وبحسب الإلزام الدستوري، فإنه يجب بدء إجراء انتخابات «مجلس النواب» قبل 9 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقبل انتهاء مدة عمل المجلس الحالي بشهرين.
وأقرت مصر تعديلات على دستورها بموجب استفتاء، أعلنت «هيئة الانتخابات»، في أبريل (نيسان) الماضي، أنه نال موافقة الأغلبية، وتضمن المادة 250 التي تشير إلى تشكيل «مجلس الشيوخ من عدد من الأعضاء يُحدده القانون على ألا يقل عن (180) عضواً، وتكون مدة عضويته خمس سنوات، وينتخب ثلثا أعضائه بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي».
ويذهب الخبير والمحلل السياسي الدكتور جمال عبد الجواد، في تقرير «توقعات عام 2020» الصادر حديثاً عن «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، إلى أن إجراءات «مواجهة الإرهاب، وضرورات الإصلاح الاقتصادي، فرضت ترتيبات سياسية معينة بغرض توفير النظام والانضباط الضروري للمجال العام»، لكنه يستدرك: «فيما تتواصل سياسة سد الثغرات أمام جماعات الإرهاب، فإن الثقة التي باتت تشعر بها الحكومة، وبدء حدوث تحسن يلاحظه المواطنون في الأوضاع الاقتصادية؛ فإن كل هذه العوامل تدعو لمراجعة السياسات المحكمة التي جرى تطبيقها لضبط المجال العام خلال السنوات السابقة».
وبشكل حاسم إلى حد كبير، يشير عبد الجواد في التقرير ذاته إلى أن «عام 2020 سيشهد أكثر من فرصة لتطبيق واختبار سياسات جديدة في المجال (العام)، أهمها: انتخابات مجلس النواب المقررة في نهاية العام، وانتخابات مجلس الشيوخ التي من المرجح أن تتزامن معها»، مستشهداً بأن «من العلامات التي ترجح حدوث قدر من الانفتاح السياسي في المرحلة المقبلة تكرار حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن أهمية تنشيط الساحات الحزبية والنيابية والإعلامية».
ورصد المتابعون للشأن المصري، أكثر من إشارة في السياق نفسه، إذ استطاع مستخدمو شبكة الإنترنت، في يناير (كانون الثاني) الماضي، الولوج إلى موقع شبكات مثل «بي بي سي» عربي، و«الحرة»، و«مدى مصر»، وغيرها، والتي كان بعضها أعلن في إفادات منفصلة مواجهة مستخدمين صعوبات في تصفحها وتعرضها لـ«حجب جزئي»، وتواكب ذلك مع تعيين وزير جديد للإعلام في البلاد، هو أسامة هيكل، والذي تلقى، بحسب بيان رئاسي، توجيهاً من السيسي بشأن «دور الإعلام في تشكيل وعي المواطن (...) وعرض الآراء والاتجاهات كافة، والاطلاع على الرأي والرأي الآخر».
وفي أواخر العام الماضي، تحدث رئيس البرلمان الدكتور علي عبد العال، خلال جلسة عامة لمجلس النواب عن «إصلاحات سياسية وحزبية وإعلامية». وجاءت تلك التعليقات في أعقاب مظاهرات نادرة ومحدودة شهدتها محافظات مصرية، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
كما عزز برلمانيون مصريون، منتصف الشهر الماضي، من توقعات تحقيق «انفتاح» المجالات السياسية والإعلامية في البلاد، عبر استبعادهم لنص قانوني مقترح كان يدرج القنوات التلفزيونية مع وسائل أخرى ضمن المؤسسات التي يمكن أن تخضع لإجراءات قانون «الكيانات الإرهابية».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».