المغرب يفكك خلية إرهابية موالية لـ«داعش»

TT

المغرب يفكك خلية إرهابية موالية لـ«داعش»

أفادت وزارة الداخلية المغربية أمس، بأن المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (استخبارات داخلية) تمكَّن، أمس الاثنين، من تفكيك خلية إرهابية تنشط بمدينة سيدي سليمان (شمال شرقي العاصمة)، وتتكون من أربعة عناصر موالين لتنظيم «داعش»، تتراوح أعمارهم ما بين 23 و51 سنة.
وأوضحت الوزارة في بيان أن هذه العملية التي تأتي في إطار الجهود المستمرة لرصد العناصر المتشددة الحاملة لمشروعات إرهابية بالمملكة، أسفرت عن حجز أجهزة إلكترونية، وأسلحة بيضاء كبيرة الحجم، وبذلة عسكرية وقناع، بالإضافة إلى مجموعة من المخطوطات التي تؤكد تشبع المشتبه فيهم بفكر «داعش»، على غرار نص البيعة للخليفة المزعوم السابق، وصورة ترمز لراية هذا التنظيم الإرهابي، وكذا منشورات تحرض على العنف وتضفي المشروعية على القتال والعمليات الانتحارية.
وأكدت التحريات الأولية - يضيف المصدر ذاته - أن زعيم هذه الخلية الذي سبق وأن اعتقل سنة 2014 بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، على خلفية تفكيك خلية إرهابية كانت تنشط في تجنيد وإرسال مقاتلين للالتحاق بصفوف الفصائل الإرهابية بالساحة السورية - العراقية، قام باستقطاب عناصر خليته الذين يتبنون الفكر المتطرف نفسه؛ حيث خطط بمعيتهم لتنفيذ مشروعات إرهابية تستهدف المس الخطير بسلامة المواطنين وزعزعة الأمن العام.
وأبرز البيان أن هذه العملية الأمنية تأتي لتؤكد مرة أخرى استمرار التهديدات الإرهابية المحدقة بالمملكة، وإصرار المتشبعين بالفكر المتطرف؛ خصوصاً من بين أتباع «داعش» على تنفيذ عمليات إرهابية أسوة بفروع هذا التنظيم خارج معاقله بالساحة السورية – العراقية، وخدمة لأجندته التخريبية.
وخلص البيان إلى أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيهم تحت تدابير الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) من أجل تعميق البحث معهم تحت إشراف النيابة العامة المختصة، قبل تقديمهم أمام العدالة.
في السياق ذاته، قال نور الدين بوطيب، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية المغربي، إن التجربة المغربية في المجال الأمني تستند إلى رؤية عميقة للاستراتيجية المطبقة، سواء على المستوى المحلي أو في إطار التعاون وتبادل الخبرات، والتكيف مع نوعية وتطور التهديدات الإرهابية.
وأوضح بوطيب خلال أشغال الدورة الـ37 لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي عقد في تونس العاصمة، أن «السلطات الحكومية وضعت استراتيجية أمنية من أجل حماية وضمان سلامة المواطن في شخصه وممتلكاته، والحفاظ على الاستقرار، وتعزيز الشعور بالأمن وسط المواطنين».
وفيما يتعلق بنشاط الجماعات الإرهابية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من المنتديات التي تنشر خطابات تدعو إلى التشدد والتطرف، أبرز بوطيب أن هذه الاستراتيجية «اعتمدت على آليات وتقنيات حديثة لمواكبة تحركات الخلايا الإرهابية، ورصد الوسائل المستعملة لتسويق خطابها المتطرف بغية استقطاب الشباب».
وعلى مستوى تمويل الأعمال الإرهابية، أكد بوطيب أنه «تم إيلاء العناية الكافية لدور وحدة معالجة المعلومات المالية المحدثة سنة 2008، والتي تضطلع بمهمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكذا الشبكات المالية غير المشروعة».
وأكد بوطيب أن «المملكة المغربية ما فتئت تدعو إلى تعزيز سبل التعاون الدولي والإقليمي، من خلال إبرام عديد من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب.
، وكذا من خلال المشاركة الفعلية في أشغال عديد من المنتديات والمنظمات الدولية المهتمة بهذه الظاهرة».
وأشار - في هذا السياق - إلى «دور المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يتقاسم المغرب رئاسته مع كندا، في فهم مسارات هذه الآفة العالمية، ووضع سياسات فعالة وتدابير ملموسة لمعالجتها؛ خصوصاً ما يرتبط بقضايا مهمة، مثل ظاهرة المقاتلين الأجانب، وحماية الأهداف الحساسة، واستخدام الإنترنت من قبل الإرهابيين».
وبخصوص ظاهرة الهجرة، أبرز بوطيب أن «المملكة مستعدة لاقتسام تجربتها الرائدة في مجال تدبير الهجرة؛ حيث اكتسب المغرب خبرة متميزة جعلته نموذجاً يحتذى به على الصعيدين الدولي والجهوي، بفضل المبادرة الملكية السامية في سبتمبر (أيلول) 2013، المتمثلة في الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء ذات البعد الإنساني والحقوقي».
يذكر أنه من أبرز المواضيع التي درستها الدورة الـ37 لمجلس وزراء الداخلية العرب، إعادة النظر في معايير الإدراج والشطب على القائمة السوداء العربية لمنفذي ومدبري وممولي الأعمال الإرهابية، وإنشاء فريق عمل لرصد التهديدات الإرهابية والتحليل الفوري للأعمال الإرهابية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».