ما أسباب الشعبية الطاغية للملاكم البريطاني تايسون فيوري؟

معاناته من الاكتئاب وآراؤه المثيرة للجدل لم تمنع الجماهير من الالتفاف حوله

تايسون فيوري انتزع بطولة العالم لوزن الثقيل عن جدارة (رويترز)
تايسون فيوري انتزع بطولة العالم لوزن الثقيل عن جدارة (رويترز)
TT

ما أسباب الشعبية الطاغية للملاكم البريطاني تايسون فيوري؟

تايسون فيوري انتزع بطولة العالم لوزن الثقيل عن جدارة (رويترز)
تايسون فيوري انتزع بطولة العالم لوزن الثقيل عن جدارة (رويترز)

من المخيب للآمال بشدة ألا نرى تايسون فيوري يقاتل مرة أخرى في نهاية هذا الأسبوع. أو بالأحرى، من المحبط ألا يخوض هذا الملاكم البريطاني الرائع لقاء في بداية ومنتصف كل أسبوع، لكي نستمتع بالقدرات الهائلة التي يمتلكها من آن لآخر.
إنه لشيء رائع أن ترى هذا الملاكم وهو يتحرك داخل الحلبة مثل الغول أو الإنسان البدائي الذي يحاول طرد معتد من كهفه، حيث قدم أداء قويا، وتوج بلقب المجلس العالمي للملاكمة للوزن الثقيل بعد الفوز على الأميركي ديونتاي وايلدر، في اللقاء الذي أقيم بينهما مؤخرا في مدينة لاس فيغاس الأميركية. وكان هذا اللقاء إعادة لمباراتهما التي انتهت بتعادل مثير للجدل عام 2018، بهذا الفوز يصبح فيوري بطلا للعالم للمرة الثانية، وكانت المرة الأولى عندما فاز على الأوكراني فلاديمير كليتشكو عام 2015.
ودائما ما كانت النزالات الكبرى في عالم الملاكمة تحظى بأهمية كبرى، لكن ما الأسباب التي جعلت شعبية فيوري تصل إلى هذه المستويات الاستثنائية؟ ربما لا تعود هذه الشعبية الطاغية إلى الأحزمة التي يحصل عليها الملاكم أو إلى الرياضة نفسها، لكنها تعود إلى أن الناس تعشق فيوري كشخص وكإنسان. فإذا كتبت شيئا يدعو للتعاطف مع فيوري فسوف تتلقى عددا هائلا من خطابات التأييد والدعم، وهذا الأمر لا يحدث مع أي رياضي آخر، لكنه دائما ما يحدث مع فيوري، فما السبب وراء ذلك؟ ربما لا تكون هذه الشعبية الطاغية منطقية من حيث التسويق الرياضي، نظرا لأن فيوري لا يملك المقومات التي تتناسب مع هذه الشعبية، فهو عبارة عن رجل شرس ومتوحش ويتسم بالغموض، بالإضافة إلى أن مهارته الأساسية تتمثل في بنيته الجسدية القوية ورأسه الصلعاء.
ولا يتعلق الأمر بمتعة المشاهدة أيضا، فلكي تشاهد فيوري في أحد النزالات يتعين عليك أن تدفع 25 جنيها إسترلينياً وتبقى مستيقظاً حتى الساعة الرابعة صباحاً. وعلاوة على ذلك، فقد أدلى فيوري بتصريحات مثيرة للجدل بشأن كل شيء تقريبا، بدءا من رأيه بشأن المرأة والمثليين، وكانت هذه الآراء قاسية لدرجة أنها لم ترق حتى للأشخاص الذين لديهم آراء سلبية عن النساء والشواذ!
لقد تعرض فيوري لصافرات الاستهجان على الملأ، وتقدم نحو 100 ألف شخص بالتماس يدعو الناس لعدم مشاهدة الحفل الذي نظمته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) لتكريمه. ورغم كل ذلك، يعد فيوري الآن هو الرياضي الأكثر شعبية في بريطانيا.
في الحقيقة، فإن الوصول لهذه الشعبية في عالم الملاكمة ليس بالأمر الهين، خاصة أن هذه اللعبة في تراجع مستمر في بريطانيا. نحن نحب الملاكمة، لكن لكي نكون صادقين دعونا نتفق على أن هذه اللعبة لم تكن لتصل إلى مستواها الحالي لو بدأناها من جديد تماما. ففي كرة القدم، على سبيل المثال، فإننا نقلق بشأن تسديد الكرة بالرأس على اللاعب من الناحية الطبية، لكن في عالم الملاكمة فإن الأمر بالكامل يعتمد على تعرض اللاعب للضربات في الرأس بأكبر قدر ممكن من القوة.
ربما لا يكون هذا منطقيا في حد ذاته، لأن البشر يحبون العنف بطبيعتهم، ولكي ندرك ذلك يتعين علينا أن ننظر حولنا لنرى ما يحدث في العالم. لكن الشيء المختلف في هذا الأمر يتمثل في أن الناس يحبون فيوري كرجل وكشخص أكثر منه كملاكم، وربما هذا هو الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن سبب حدوث ذلك.
وربما يكون أبرز سؤال يجب أن نطرحه لكي نعرف السبب وراء الشعبية الطاغية لفيوري هو: هل هذا الأمر جيد حقاً؟ في الحقيقة، عندما ننظر إلى الشعبية الطاغية لفيوري فإن شيئا يدفعنا للتساؤل عما إذا كان الملاكم البريطاني يحاول أن يتصرف بنفس الطريقة التي كان يتصرف بها الملاكم الأميركي الراحل محمد علي.
من المؤكد أنه ليس من السهل على الإطلاق الإشارة إلى شيء كهذا، نظرا لتاريخ وشعبية ملاكم مثل محمد علي، الذي كان ملهما للجميع من حوله ومصدرا للراحة والقوة لأولئك الذين كانوا يعانون من مشاكل في حياتهم.
لكن فيوري عاد من مكان لم يعد الناس منه، ونحن نعرف جميعا ما يعانيه أي شخص يتعرض للألم والتشهير، وهي الأمور التي جعلت فيوري يفكر في الانتحار. لقد بدأ الملاكم البريطاني وكأنه قد توقف لسنوات عند لحظة بعينها، وهي اللحظة التي فاز فيها على فلاديمير كليتشكو، وهي المعركة التي كان يخطط لها منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره! وما زال فيوري يعاني، لكنه يقول للناس من حوله إنه لا بأس في أن تعاني، وإن هذا أمر طبيعي.
لقد قال فيوري إنه سيشنق أخته لو كانت غير ملتزمة أخلاقيا، كما يعادل بين الشذوذ الجنسي والاستغلال الجنسي للأطفال، وقال في أحد تصريحاته: «أفضل مكان للمرأة هو المطبخ»، وهو الأمر الذي يعكس آراءه المثيرة للجدل بشأن الكثير من الأمور.
ويمكنك أن تكون متأكداً تماماً من أن فيوري لم يغير رأيه بشأن أي من هذه الأشياء. ورغم كل ذلك، فإنه محبوب للغاية من الناس وبات الآن بمثابة رمز في عالم الرياضة في بريطانيا. لكن على أي حال يتعين علينا أن نتفهم موقفه ونحترم آراءه، خاصة أن معظمنا في الوقت الحالي يقضي معظم الوقت في الدخول في نزاعات ومناوشات بلا معنى مع أولئك الذين نختلف معهم، أو الذين نرى أن آراءهم تمثل لنا تهديدا. لكن يتعين علينا أن نطرح هذه الأسئلة: ماذا نريد منهم أن يفعلوا حقا؟ وأين نريد أن يذهب الناس الغاضبون المزعجون؟ هل يجب أن يموتوا أو يختفوا، أو يتعين علينا أن نعيد تعليمهم مرة أخرى بالقوة لأنهم يختلفون معنا؟ وكيف يمكننا التصالح مع ذلك ويمكننا تقبل آراء الآخرين؟
وكما الحال مع عالم الملاكمة نفسها، يأتي فيوري من مكان يقول فيه الناس آراء ومعتقدات ربما لا نحبها ونختلف معها. لقد عانى فيوري كثيرا، وكان يفكر في الانتحار، لكنه واصل القتال وأصبح بطلا للعالم ويحظى بشعبية طاغية، وهو ما يعني أنه لم ينته بعد، وأنه يستحق كل الإشادة والتقدير.



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».