السلطات المغربية تمنع دورة تكوينية تدعمها سفارة هولندا

تروم بحث آليات حماية نشطاء حقوق الإنسان

TT

السلطات المغربية تمنع دورة تكوينية تدعمها سفارة هولندا

يبدو أن العلاقات بين المغرب وهولندا تتجه نحو المزيد من التصعيد في المرحلة المقبلة، بعد أن منعت الرباط أمس دورة تكوينية حول «الآليات الوطنية والدولية لحماية نشطاء حقوق الإنسان»، كانت ستنظمها إحدى الجمعيات بمدينة مكناس (وسط)، بدعم من السفارة الهولندية في المغرب.
وقال لحسن بن الشيخ، رئيس الجمعية الوطنية للمحامين الشباب بالمغرب، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن «قرار منعنا من تنظيم الدورة التكوينية مرفوض، ويسيء لصورة المغرب في الخارج». مضيفاً: «لقد حجزنا فندقاً من أجل تنظيم الدورة التكوينية قبل أن نفاجأ بمدير الفندق وهو يخبرنا بأنه تلقى أوامر من جهات عليا لإلغاء استضافة الفندق للنشاط».
وزاد المحامي ذاته موضحاً: «نستغرب قرار السلطات المحلية بمدينة مكناس، في الوقت الذي نظمنا فيه أنشطة مماثلة في مدن مختلفة بنفس الشروط ولم يطلها المنع»، مؤكداً أن الجمعية نظمت قبل أسبوعين بمدينة الخميسات، القريبة من الرباط، دورة حضرها محامون من الجزائر وموريتانيا و180 محامياً مغربياً، بدعم من السفارة الهولندية، ولم تمنع.
وأشار بن الشيخ إلى أن هذا القرار «غير مفهوم»، مبرزاً أن الجمعية لديها برنامج عمل مشترك مع السفارة الهولندية لمدة سنة، وأن هناك جمعيات أخرى لها شراكات مع نفس السفارة ولا تمنع أنشطتها، قبل أن يختم: «لن نسكت عن هذا المنع، وسنتابع صاحب الفندق، وسنتخذ الإجراءات اللازمة لإعادة الاعتبار لجمعيتنا».
ويأتي قرار السلطات المغربية بعد أيام من إعلان الرباط رفضها الشديد للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للبلاد، حيث قال حسن عبيابة، وزير الثقافة والشباب والرياضة، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في لقاء صحافي سابق: «نرفض بشكل قاطع التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب من أي جهة كانت».
وأضاف عبيابة رداً على التقرير، الذي أعده وفد من البرلمان الهولندي حول معتقلي حراك الريف، بعد لقائهم بعائلات المعتقلين في يناير (كانون الثاني) الماضي: «نحن دولة ذات سيادة، ولا نقبل من أي جهة كانت أن تأتي للمغرب لتنجز تقارير حول قضايا داخلية بهدف الضغط علينا».
وشدد عبيابة على أن هذا العمل «مرفوض ولا يمكن لبرلمان، أو أي جهة كانت أن تأتي للمغرب وتنجز تقارير عن قضايانا الداخلية». في إشارة إلى الرفض القاطع للمملكة حول الجهات، التي تحاول التدخل في القضايا الاجتماعية التي تشهدها البلاد.
ويرى متابعون أن قرار السلطات المغربية منع تنظيم الدورة التكوينية يدخل في إطار الرد على التحركات، التي تقوم بها هولندا للضغط على المغرب من داخل الاتحاد الأوروبي في ملف حراك الريف، الذي تعتبره الرباط شأناً داخلياً لا يحق لأي جهة خارجية التدخل فيه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم