ضغوط لتجنب «السجالات السياسية» والتركيز على حل الأزمة

نائب في «أمل» يرجع جزءاً من الأزمة اللبنانية إلى «حصار مالي خارجي»

TT

ضغوط لتجنب «السجالات السياسية» والتركيز على حل الأزمة

تصاعدت الدعوات والضغوط المطالبة بتجنب الخلافات السياسية بين الفرقاء، والتركيز على مقاربات لمواجهة الأزمة التي يعاني منها لبنان، ومقاربة الاستحقاقات والالتزامات الحكومية بهدف استعادة الثقة، وذلك بموازاة الدعوات الدولية لتنفيذ الإصلاحات التي يمكن أن تساعد في استجلاب مساعدات من شأنها أن تساهم في فرض الحلول، وتكثفت الدعوات المحلية، وكان آخرها من عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص الذي اعتبر أنه «بإمكان هذه الحكومة، من الآن وحتى 9 مارس (آذار) الحالي موعد استحقاق اليوروبوندز، أن تبادر إلى اتخاذ 3 خطوات لاستعادة ثقة العالم بلبنان، فتفاوض من موقع أقوى». وأشار إلى أن الخطوات تتمثل في «السماح بتشكيلات قضائية غير مسيسة، وأن تعين الهيئات الناظمة الثلاث، وأن تطرح مناقصة عالمية شفافة لمحطات الكهرباء».
ويتوسع السجال من التعاطي الحكومي مع الملفات الداهمة، إلى السجال السياسي، إذ أعاد نائب في «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، جزءاً من الأزمة إلى «الحصار الخارجي»، في إشارة إلى العقوبات المالية التي تفرضها واشنطن على لبنانيين مرتبطين بـ«حزب الله». كما انتقد عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش تصريحات رئيس الحكومة حسان دياب الأخيرة حول «تركة السنوات الثلاثين» الماضية، والتي قصد فيها الأداء السياسي في عهود شارك فيها بشكل أساسي «تيار المستقبل».
وقال حبيش «رغم الأوضاع الصعبة التي نمر بها، لا نجد المسؤولين يتعاطون بمسؤولية، بل ما زالت الذهنية نفسها سائدة، وهي رمي التهم يمنة ويسرة، وقد انضم مؤخرا رئيس الحكومة إلى من يتحدث عن التركة الثقيلة، والثلاثين سنة الماضية، ليتحول هو وحكومته من حكومة مواجهة الأزمة، إلى حكومة الندب والبكاء على الأطلال، وفي أحسن حالاتها حكومة إدارة أزمة».
ووسط السجالات والانتقادات، قال عضو المكتب السياسي في حركة «أمل» النائب هاني قبيسي، «إننا نعيش أزمة اقتصادية، إلا أن الأمر الأساسي هو الحصار الذي يتعرض له لبنان بمراقبة المؤسسات المالية وحصارها ومنع المغتربين من تحويل أموالهم إلى بلدهم». ونفى أن تكون الحكومة لمواجهة أحد في الداخل، قائلاً: «لبنان لا يمكنه أن يحتمل أي خلافات جديدة لتكون هذه الحكومة مع هذا الطرف أو ضد ذاك الطرف، بل إن هذه الحكومة هي حكومة كل لبنان، ولكي نخرج لبنان من أزماته الاقتصادية علينا أن نوحد الموقف، فالأزمة كبيرة وهناك أسباب داخلية وأسباب أكبر خارجية، لذا علينا السير في ركب الإصلاح الداخلي بمواجهة الفساد أو تنظيم الإدارة الداخلية، ولا يستطيع فريق واحد أن يواجه الفساد ولا أن يواجه القرارات الغربية والحصار الدولي، والمطلوب موقف موحد بين كل الأطراف السياسية».
وقال قبيسي: «من واجب كل القوى السياسية وكل الكتل البرلمانية وكل من هو ممثل بالحكومة وكل من يتعاطى بالسياسة على الساحة اللبنانية، أن يضعوا الخلاف جانبا ويتوحدوا ويضعوا أيديهم في أيدي بعض، لتكون الأزمة اللبنانية أزمة وطنية عامة يتصدى لها كل أطياف الواقع السياسي اللبناني وكل الشعب اللبناني».
وانسحبت الدعوة لتخفيف السجال على نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش الذي دعا كل القوى السياسية إلى «التعاون مع الحكومة ووقف السجالات والاتهامات وتقاذف المسؤوليات»، قائلاً: «الوقت ليس للمزايدات والمناكفات السياسية، بل للعمل كفريق وطني واحد لإنقاذ البلد ومنع الانهيار، خصوصاً أن هناك من لا يريد للبنان أن يخرج من أزماته إلا بعد أن يقدم أثماناً سياسية على حساب مصالحه الوطنية»، واعتبر أن «أي تأخير أو تباطؤ في تقديم المعالجات والحلول للأزمات المالية والمعيشية لن يكون في مصلحة البلد على الإطلاق».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.