اتفاق روسي - تركي على «خفض التوتر» في سوريا

سوريون ينتظرون لعبور أحد الطرق فيما يمر رتل عسكري تركي ببلدة كفر يحمول شمال إدلب (أ.ف.ب)
سوريون ينتظرون لعبور أحد الطرق فيما يمر رتل عسكري تركي ببلدة كفر يحمول شمال إدلب (أ.ف.ب)
TT

اتفاق روسي - تركي على «خفض التوتر» في سوريا

سوريون ينتظرون لعبور أحد الطرق فيما يمر رتل عسكري تركي ببلدة كفر يحمول شمال إدلب (أ.ف.ب)
سوريون ينتظرون لعبور أحد الطرق فيما يمر رتل عسكري تركي ببلدة كفر يحمول شمال إدلب (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم (السبت)، أن المحادثات التي عقدت في أنقرة مع تركيا بشأن سوريا انتهت بالاتفاق على خفض التوتر على الأرض، حسبما أفادت وكالة رويترز للأنباء.
وكان دبلوماسي روسي قال في وقت سابق اليوم إن موسكو وأنقرة تريدان خفض التصعيد في إدلب السورية، في وقت أعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أمام مجلس الأمن الدولي، أن روسيا «مستعدة للعمل على خفضٍ للتصعيد» في منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، «مع جميع الراغبين بذلك».
وغداة اعتباره أن مجلس الأمن يعقد كثيراً من الاجتماعات المتعلقة بسوريا، أقر نيبينزيا بأن «الوضع ساء وتوتر بشدة» في منطقة إدلب، حسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
ومتحدثاً في اجتماع طارئ لمجلس الأمن عُقد بناءً على طلب المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإستونيا وجمهورية الدومينيكان، قال الدبلوماسي الروسي إنه «يوجد حالياً وفد روسي في أنقرة من أجل تهدئة الوضع».
وخلال اجتماع المجلس، وهو السادس حول سوريا منذ بداية فبراير (شباط)، أكد نيبينزيا مجدداً أن موسكو «لم تُشارك في الهجمات» التي نُسِبَت إلى دمشق، أول من أمس (الخميس)، وقُتِل فيها، بحسب أنقرة، 34 جندياً تركياً.
وأشار السفير الروسي إلى أن «الأتراك يُعلِمون الروس بمواقعهم بشكل مستمر، ويتم نقل (هذه الإحداثيات) إلى الجيش السوري، من أجل ضمان أمن الجنود الأتراك». وأضاف أن «إحداثيات» المواقع التركية التي استهدفتها غارات الخميس «لم تُسَلّم» إلى الجانب الروسي.
ودعت الغالبية العظمى من أعضاء مجلس الأمن إلى وقف عاجل لإطلاق النار. وقال الأعضاء الأوروبيون إن «التصعيد العسكري في إدلب يجب أن يتوقف... يجب أن يتوقف الآن». واعتبروا أن «هذه الهجمات تظهر أن النظام السوري، بمساعدة ودعم سياسي من روسيا، يواصل استراتيجيته العسكرية بأي ثمن، متجاهلاً عواقب أفعاله ضد المدنيين».
وقالت السفيرة الأميركية كيلي كرافت: «نطالب روسيا بوقف إطلاق طائراتها الحربية فوراً، وندعو جميع القوات السورية ومؤيديها الروس للانسحاب إلى خطوط وقف إطلاق النار التي تم تحديدها عام 2018».
وخلال افتتاح الجلسة، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن «النزاع قد تغيرت طبيعته»، مشيراً إلى التصعيد الكبير الذي شهدته إدلب خلال الأيام الأخيرة.
ويتواصل القصف التركي المكثف على مواقع تابعة لقوات النظام السوري والمسلحين الموالين له في ريف مدينة سراقب ومناطق أخرى بالريف الإدلبي، رداً على هجمات (الخميس)، التي قُتِل فيها 34 جندياً تركياً.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن حصيلة الخسائر البشرية في صفوف قوات النظام وحلفائها جراء القصف الجوي والبري من قبل القوات التركية، خلال الـ24 ساعة الفائتة وصلت إلى 48 بينهم 11 ضابطاً، كما قُتِل 14 عنصراً وقياديّاً في «حزب الله» اللبناني باستهدافات جوية وبرية تركية على مواقع متفرقة ضمن ريفي حلب وإدلب.


مقالات ذات صلة

مجلس الأمن يرحب بعون رئيساً للبنان ويحض على تشكيل حكومة سلام «سريعاً»

المشرق العربي الرئيس المكلف نواف سلام (أ.ف.ب)

مجلس الأمن يرحب بعون رئيساً للبنان ويحض على تشكيل حكومة سلام «سريعاً»

حض مجلس الأمن كل الأطراف اللبنانية على «إظهار الوحدة»، مؤكداً أن تشكيل حكومة برئاسة نواف سلام يجب أن يحصل «بسرعة».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي موظف تابع لمنظمة «أونروا» في أثناء توزيع ملابس شتوية في خان يونس (أونروا)

غموض مصير «الأونروا» يشعل الجدل بين الأمم المتحدة وإسرائيل

تتجادل الأمم المتحدة وإسرائيل حول من سيملأ الفراغ إذا توقفت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عن العمل في الأراضي الفلسطينية.

المشرق العربي المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن يتحدث عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من جنيف لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك (الأمم المتحدة)

مسؤولان أمميان ينقلان المخاوف السورية إلى مجلس الأمن

نقل مسؤولان أمميان هواجس السوريين إلى مجلس الأمن بعد الإطاحة بالرئيس بشار الأسد وشدّدا على التمسك بمقتضيات القرار «2254» رغم تحفظات السلطات المؤقتة

علي بردى (واشنطن)
أوروبا مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا يرفع يده خلال إحدى جلسات مجلس الأمن (د.ب.أ)

موسكو تستبعد حصول ألمانيا على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي

قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إن موسكو رفضت بشكل قاطع تطلع ألمانيا إلى الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في مجلس الأمن (أ.ب)

بلينكن يؤدي مهمته الأخيرة مع مجلس الأمن... ويتركه «في غاية الانقسام»

من المقرر أن يقوم وزير الخارجية الأميركي بما يبدو أنه آخر زيارة له في منصبه إلى الأمم المتحدة، حيث يختتم مشاركاته مع الهيئة العالمية بعد 4 سنوات من الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.