الحكومة اللبنانية تتعهد ألا تكون «جزءاً من سياسة المحاور»

جعجع يدعوها إلى خطة إصلاحية شاملة

TT

الحكومة اللبنانية تتعهد ألا تكون «جزءاً من سياسة المحاور»

أعلنت الحكومة اللبنانية أمس أنه «سيتم البحث في التعيينات العاجلة في الفئة الأولى، على أن يتم اعتماد آلية التعيينات التي أُقرت في عام 2010 مع بعض التعديلات والتحديث الذي ستتولاه لجنة سيتم تشكيلها لهذا الغرض، مع اعتماد الشفافية والموضوعية». وقالت الحكومة «إننا لن نكون جزءاً من سياسة المحاور، لأن لبنان نأى بنفسه عنها. لكننا نقف دائماً إلى جانب أشقائنا العرب كما يقفون دائماً إلى جانب لبنان». وشددت على أنها مستقلة بقولها «فنحن مصرون على عدم الدخول بالسجالات. ونعيد التأكيد بالفم الملآن أن عملنا ليس سياسيا، ولا نريد أن نكون جزءا من أي خلاف سياسي مع أي طرف، بل نطمح إلى العمل كفريق واحد، من دون إلغاء حق أي وزير في إبداء رأيه، أو الاعتراض على أي قرار على طاولة مجلس الوزراء».
وعقدت الحكومة جلسة بعد ظهر أمس في قصر بعبدا، برئاسة الرئيس ميشال عون، وحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب والوزراء الذين غاب منهم الوزير ناصيف حتي، وسبق الجلسة لقاء بين الرئيس عون والرئيس دياب، تم خلاله بحث المواضيع المدرجة على جدول الأعمال. وتلت وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد مقررات مجلس الوزراء، مشيرة إلى أن عون لفت «إلى أهمية البحث في إنشاء محطات الغاز الطبيعي المسال في لبنان، وذلك في إطار معالجة أزمة الكهرباء وفق الخطة الموضوعة». وقال رئيس الحكومة في الجلسة بأنه في حال كانت النتيجة كما نتمناها من التنقيب عن النفط والغاز، «فستكون المحطات جاهزة للتعامل مع هذا الأمر، وبالتالي يكون التغيير كبيرا على صعيد الاقتصاد اللبناني، وسينعكس على جميع النواحي التي تتأثر بالمشتقات النفطية، وفي مقدمتها قطاع الكهرباء».
وتطرق إلى موضوع استحقاق سندات اليوروبوند، قائلاً: «نحن نتابع دراسة الخيارات المتاحة أمامنا، ولم نتخذ أي قرار في هذا الخصوص، وكل الكلام الذي يتم تداوله غير دقيق. سيكون الأسبوع المقبل حاسما لجهة القرار قبل موعد استحقاق سندات مارس (آذار)، وسنعود إلى مجلس الوزراء». وعن التعيينات الإدارية قالت الحكومة، «بما أن هذه الحكومة هي حكومة تكنوقراط، فمن الضروري اعتماد آلية واضحة وشفافة للتعيينات الإدارية، لاختيار الأكثر كفاءة في المواقع الإدارية، بمعزل عن أي اعتبار سياسي»، ونقلت عن رئيس الحكومة قوله «إننا لا نريد استهداف أحد ولا مراعاة أحد، فالمعيار الوحيد هو الكفاءة».
وعن جولة عربية قريبة، قالت عبد الصمد: «في الوقت الحالي نحن نركز اهتمامنا على معالجة الملف المالي بكل تشعباته. لكن بالتأكيد أنه عند الانتهاء من هذا الملف، سنسعى للتعاون مع الدول العربية لمساعدة لبنان. ونحن نعرف أن العرب لم يتخلوا يوماً عن لبنان في الماضي، واليوم أيضا لن يتخلوا عنه». وأضافت: «سنطرق أبواب الدول العربية، وسندخل من الأبواب المفتوحة. وضعنا لا يحتمل الانتظار كثيرا، لأننا بحالة طوارئ قصوى، ونتمنى أن نقوم بأول زيارة في النصف الثاني من مارس (آذار) المقبل». وشددت على «أننا نحرص على فصل أي زيارة سنقوم بها عن أي حساب سياسي، ولن نكون جزءاً من سياسة المحاور، لأن لبنان نأى بنفسه عنها. لكننا نقف دائما إلى جانب أشقائنا العرب كما يقفون دائما إلى جانب لبنان».
من جهة أخرى، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «الحكومة إلى الذهاب نحو خطة إصلاحية شاملة لأن الناس والمجتمعين الدولي والعربي يجب أن يستعيدوا الحدّ الأدنى من الثقة». وسأل جعجع بعد اجتماع تكتل «الجمهورية القوية»: «ما الذي يمنع الحكومة إغلاق المعابر غير الشرعية وإيقاف عقود موظفين وتغيير كل قيادة الجمارك وهلمّ جرا؟» وقال: «للأسف إن ما يمكنان نعمل عليه من حلول لا نفكّر بها بل نفكّر بكيفية مساعدة الغير لنا»، وأضاف: «السؤال ليس عن سندات اليوروبوند إنما عن الخطة الإصلاحية التي ستؤكد جدية الحكومة».
وتابع جعجع: «علينا أن نشكر ربنا على النفط والغاز. أقصى تمنياتنا أن الذين يعزون إنجاز النفط لهم ألا يكونوا موجودين عند استخراج النفط والغاز لأن عندها سيكون مصيرها مصير الكهرباء». واعتبر أن «البعض يصر على الإكمال بالسياسة نفسها في ملف الكهرباء وعلى الحلول المؤقتة وإن لم تتطرق الحكومة الحالية إلى هذه النقطة فلا أعلم ما ستتطرق له». وأكد جعجع أن «هناك صناعات لبنانية تستطيع أن تنافس في الخارج ولكن على الحكومة أن تقدّم حلولاً جديّة لها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.