تقلبات السياسة تتحكم بمصير العمال الفلسطينيين في إسرائيل

عمال فلسطينيون على الحواجز الإسرائيلية (الشرق الأوسط)
عمال فلسطينيون على الحواجز الإسرائيلية (الشرق الأوسط)
TT

تقلبات السياسة تتحكم بمصير العمال الفلسطينيين في إسرائيل

عمال فلسطينيون على الحواجز الإسرائيلية (الشرق الأوسط)
عمال فلسطينيون على الحواجز الإسرائيلية (الشرق الأوسط)

منذ ساعات الصباح الباكر، يكون الغزّي إبراهيم زقوت (47 عاماُ)، جاهزاً للانتقال باتجاه حاجز «إيرز» الإسرائيلي، والذي يعبر من خلاله نحو عمله في الداخل المحتل، فهو ومنذ معرفته بالقرار الإسرائيلي الذي أعُلن فيه السماح لمئات التجار من غزة، بالدخول لأجل العمل بإسرائيل، بدأ فوراً في ترتيب الأوراق، التي مكّنته من خوض التجربة.
ويوضح زقوت لـ«الشرق الأوسط»، أنه عمل قبل عام 2006 لسنوات عدة داخل إسرائيل، بمجالي الخياطة والزراعة، وكان يحصل على أجر يومي يصل لـ90 دولاراً، وبعد انقطاع عمله بسبب الظروف السياسية والحصار، لم يعد يحصّل في القطاع الـ10 دولارات يومياً، مضيفاً أن «عودته للعمل بإسرائيل، شكّلت نقلة نوعية في معيشته هو وأسرته، وأعاد إليه شعور الشخص المنتج القادر على إعالة أبنائه». ويشير إلى أن خطوات الحصول على تصريح «تاجر» ليست هينة؛ إذ بدأ العمل عليها منذ الإعلان الإسرائيلي في منتصف العام الماضي، وبعدها اتجه لوزارة الاقتصاد الفلسطيني لاستخراج سجل تجاري دفع مقابله نحو 5 آلاف دولار، وتوجه بعدها لهيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، التي قدمت الأخيرة أوراقه للجانب الإسرائيلي الذي أجري عليه فحصاً أمنياً، وتحقق من عدم ارتباطه بأي منظمات يعتبرها الأخير «مخربة».
يجدر التنويه إلى أن التفاهمات التي ترعاها المخابرات المصرية منذ شهور طويلة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، التي على رأسها حركة «حماس»، كانت قد تطورت في الفترة الأخيرة لعدد من البنود تهدف بمجملها إلى تخفيف الحصار الإسرائيلي، مقابل وقف الفصائل لمسيرات العودة التي كان يشارك فيها الفلسطينيون بشكل أسبوعي على مدار عام ونصف العام على طول الحدود، ومن بين تلك البنود، جاء أمر السماح لأفراد من قطاع غزة بالدخول للعمل في داخل إسرائيل.
ولم تبدِ إسرائيل موافقتها على عودة العمالة الغزّية إلى إسرائيل بشكلٍ كامل، على الصورة ذاتها التي كانت بها قبل الإغلاق الذي فُرض على القطاع عام 2006، واعتمدت العمل بنظام التقسيم، حيث أصدرت في المرة الأولى التي كانت خلال الأشهر الأخيرة الماضية، مئات التصاريح للتجار، ورفضت في المقابل آلافاً أخرى بحجة وجود مشاكل أمنية، وفقاً لمعلومات حصلنا عليها.
وينص بند التفاهمات الخاص بالعمالة على أن عدد العمال الغزيين للداخل، كان سيزداد لنحو 15 ألف شخص، مع بداية عام 2020 الحالي، لكن المماطلة الإسرائيلية حالت دون ذلك، ولم يتطور الأمر إلا بعد منتصف فبراير (شباط) الماضي؛ إذ ذكرت إذاعة «كان» العبرية، أن هناك توجهاً لدى المستويين السياسي والأمني في تل أبيب، من أجل رفع عدد تصاريح التجار بغزة إلى 10 آلاف، في حال استمر الهدوء الحالي. ووصل عدد العمّال الغزيين الذين كانوا يؤدون أشغالاً داخل إسرائيل حتى نهاية عام 2006 الذي شهد فرض الحصار على كلّ المجالات الحياتية في القطاع، نحو 120 ألف عامل، وفقاً لبيانات وردت في تقارير صحافية.
في السياق ذاته، أكّد عضو الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة طلال أبو ظريفة، أنه وحتى هذه اللحظة لم تصلهم أي معلومات رسمية بخصوص زيادة عدد التصاريح الممنوحة لأهل القطاع، لافتاً إلى أن إسرائيل تعمل على زيادة التوتر من خلال إجراءاتها، وتنصلها من معظم التفاهمات الخاصة بالتسهيلات الاقتصادية لسكان القطاع.
من جانبه، يوضح مسؤول العلاقات العامة في غرفة التجارة بغزة ماهر الطبّاع، أن الحديث عن السماح لمئات التجار والعمال من الدخول لإسرائيل لأجل العمل، لو تم تطبيقه بشكلٍ كامل، لن يحقق الأثر المطلوب على الوضع في القطاع؛ وذلك لأن هناك أكثر من 300 ألف شخص في حاجة عاجلة إلى العمل، منوهاً إلى أن العدد ممكن أن يكون مؤثراً في حال زاد على 20 أو 30 ألفاً. ويذكر، أنه في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أن الجيش الإسرائيلي يدعم خطوة إدخال آلاف العمال من غزة للعمل في منطقة غلاف غزة، منبهة إلى أن هناك عقبة أساسية تقف أمام تطبيق الخطوة بتفاصيلها الكاملة، وهي أن جهاز الشاباك يعارضها، بسبب مخاوف أمنية، أهمها استغلال حركة «حماس» عدداً من العمال، حال الموافقة على إدخالهم.
وليست هذه الطريقة الوحيدة التي يتخذها أهل غزة للتمكن من العمل داخل إسرائيل أو حتى في الضفة الغربية، فعدد من الأشخاص، استطاعوا خلال السنوات الماضية من الدخول عبر ذرائع مختلفة، منها العلاج، حيث إن بعض المرضى الذين يحصلون على تحويلات طبية أو مرافقيهم، يستثمرون الوقت الذي يُصرح لهم فيه بالتواجد داخل إسرائيل، لأجل العمل، وفي حال انتهاء المدة، يرفض عدد منهم الرجوع، ويفضّل أن يبقى هناك بشكلٍ غير رسمي.
ومن الطرق الأخرى التي يتبعها المواطنون، التصاريح التي يحصل عليها البعض لأجل المشاركة في الفعاليات الحكومية أو المعارض أو غيرها، والتي تقام في الضفة الغربية والقدس. ويروي الشاب محمد نافذ (29 عاماَ) لـ«الشرق الأوسط»، أنه خرج من القطاع عام 2017 عبر حاجز بيت حانون «إيرز» الإسرائيلي، للمشاركة في معرض للكتاب، وبعد انتهاء المعرض التقى أحد تجار القدس، وطلب منه أن يعمل لديه، وحصل ذلك، وبقي منذ ذلك الوقت يعمل، بلا أوراق قانونية، مبيناً أنه حذرٍ جداً في تحركاته.
وفي بيانٍ سابق أصدره الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، ورد أن إسرائيل تسمح لفلسطينيين من قطاع غزة يملكون تصريحاً تجارياً، بالعمل داخل المدن الإسرائيلية، وأشار البيان إلى أن الاحتلال لا يسمح للعمال بالعمل لديه إلا بوجود تصاريح تجارية، والتي بسببها يعفي نفسه من حقوق العامل من إصابات وتأمينات وأي حقوق أخرى. أمّا المزارع أبو لافي، الذي يمتلك أرضاً زراعية بمساحة 20 دونماً وسط القطاع، فيقول لنا، إنه يخرج للضفة الغربية منذ سنوات عدة، كونه يحمل تصريح «تاجر» تحصّل عليه بعد أن وافقت إسرائيل على تصدير محاصيله لأسواق الضفة، متابعاً أنه يستغل تواجده هناك الذي يمتد أحياناً لشهر، في العمل بمجالات أخرى غير التجارة الزراعية؛ وذلك لأن العائد الذي يحققه كعامل هناك، أكبر من ذلك الذي يحصّله كتاجر في «غزة»، وفقا لكلامه.
ويحتاج الفلسطينيون الراغبون في التنقل بين قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية إلى تصريح يمكّنهم من تجاوز حاجز بيت حانون «إيرز» المسيطَر عليه من قِبل إسرائيل، التي تمنح الفلسطينيين تصاريح تتيح التنقل بين المناطق المحتلة عبر نظام يختلف بين الضفة الغربية وقطاع غزة ويضم نحو 74 نوعاً، وتتعامل إسرائيل بهذه الآلية منذ احتلالها القطاع عام 1967، في حين زادت القيود التي تضعها على حركة المواطنين عبر الحاجز منذ انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.