«بجعة سوداء» تهدد اقتصاد العالم بالركود

مخاوف الوباء تفضي إلى سيل تخارج من الأسهم

تأثرت مراكز الثقل في مختلف قارات العالم على وجه الخصوص بضربات عنيفة من فيروس كورونا ما زاد من حدة النظرة التشاؤمية حول العالم (رويترز)
تأثرت مراكز الثقل في مختلف قارات العالم على وجه الخصوص بضربات عنيفة من فيروس كورونا ما زاد من حدة النظرة التشاؤمية حول العالم (رويترز)
TT

«بجعة سوداء» تهدد اقتصاد العالم بالركود

تأثرت مراكز الثقل في مختلف قارات العالم على وجه الخصوص بضربات عنيفة من فيروس كورونا ما زاد من حدة النظرة التشاؤمية حول العالم (رويترز)
تأثرت مراكز الثقل في مختلف قارات العالم على وجه الخصوص بضربات عنيفة من فيروس كورونا ما زاد من حدة النظرة التشاؤمية حول العالم (رويترز)

قالت وكالة موديز للتصنيف الائتماني إن حالة الوباء، التي تعني عادة انتشار المرض على نحو سريع في أماكن متفرقة، ستؤدي إلى ركود عالمي، يشمل الولايات المتحدة، في النصف الأول من العام الحالي.
وقالت شركة «موديز آناليتيكس» لتحليل البيانات والإحصائيات، التابعة لـ«موديز»، إن احتمالات تحول فيروس كورونا إلى وباء عالمي ارتفعت من 20 إلى 40 في المائة، في ظل تزايد الإصابات بالمرض الجديد خارج الصين.
وفي مذكرة كتبها الاقتصاديون في الشركة، قالوا: «لقد كان افتراضنا السابق بأنه سيتم احتواء الفيروس في الصين، متفائلاً للغاية، فيما تواصل احتمالات حدوث وباء عالمي التزايد»... لكن المذكرة أوضحت أيضاً أن هدوء وتيرة انتشار الفيروس في الصين قد تبشر بتحسن النمو في الصين مع عودة العمال إلى وظائفهم ومع بدء فتح المتاجر والمطاعم.
وفقاً للافتراض السابق للمؤسسة، فإن الفيروس سوف يتم احتواؤه في الصين، وسينتهي داخلها إلى حد كبير بحلول الربيع، وتوقع الاقتصاديون انكماشاً في الاقتصاد الصيني خلال الربع الأول، على أن تشهد الاقتصاديات الأميركية والعالمية تباطؤاً في النمو.
لكن الاقتصاديين يقولون الآن، إن الوباء سيؤدي إلى ركود عالمي خلال النصف الأول من هذا العام، ويضيفون: «لقد كان الاقتصاد هشاً بالفعل قبل ظهور المرض، وعرضة لأي خطر». واختتم التقرير بالقول إن «كوفيد 19» خرج من العدم، وقد يكون هذا ما يطلق عليه الاقتصاديون «بجعة سوداء»، وهو حدث نادر وغير متوقع بطبيعته، وله عواقب وخيمة.
من جانبه، قال بنك أوف أميركا، الجمعة، إن صناديق الأسهم العالمية سجلت عمليات تخارج ضخمة بقيمة ‭20‬ مليار دولار، إذ يبيع المستثمرون الأصول مرتفعة المخاطر، بفعل مخاوف من أن فيروس كورونا السريع الانتشار ربما يطلق ركوداً عالمياً. ‬وعززت قفزة مفاجئة في أعداد الحالات المصابة بفيروس كورونا خارج الصين هذا الأسبوع المخاوف من حدوث وباء، ما أدى إلى عمليات بيع مذعورة في أنحاء أسواق الأسهم العالمية.
وتتجه الأسهم العالمية، التي فقدت نحو 6 تريليونات دولار من قيمتها هذا الأسبوع فحسب، صوب تسجيل أسوأ خسارة أسبوعية منذ 2008. وأقبل المستثمرون على صناديق السندات، ذات التصنيف الجدير بالاستثمار في الأساس، والتي استقطبت 12.9 مليار دولار، حسبما أظهرت بيانات بنك أوف أميركا في الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء.
في غضون ذلك، شهدت السندات مرتفعة المخاطر ثالث أكبر نزوح للتدفقات على الإطلاق، بواقع 6.9 مليار دولار، في الوقت الذي يتوقع فيه بنك أوف أميركا «ارتفاعاً» في احتمالات التعثر في السداد.
وقال البنك إن مخاطر حدوث ركود عالمي ترتفع، وخفّض مساء الخميس توقعاته للنمو السنوي العالمي لأدنى مستوى منذ الأزمة المالية في عام 2008. وذلك في ظل تراجع الطلب في الصين وخارجها، بسبب انتشار فيروس كورونا. وقال البنك إن معدل نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي سيكون 2.8 في المائة، وليس 3.1 في المائة، وفقاً للتوقعات السابقة.
كما يتوقع محللو البنك، بقيادة إيثان هاريس، تراجع نمو الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي إلى 5.2 في المائة، وهو أقل معدل نمو لثاني أكبر اقتصاد في العالم منذ عام 1990.
ورغم أن معدل النمو المتوقع للاقتصاد العالمي لم يصل إلى 2 في المائة، والذي يعني عملياً دخول الاقتصاد العالمي دائرة الركود، فإن المحللين حذروا من أن التوقعات الجديدة بالنسبة للنمو العالمي ستتحقق على شكل حرف «U»، بما يعني أن يكون التراجع بطيئاً ومستمراً، وليس على شكل حرف «V» بما يعني أن التراجع يكون حاداً وقصير الأجل، كما كان المستثمرون يتوقعون في بداية ظهور فيروس كورونا.
وبحسب تقرير هاريس وزملائه، فما زالت المخاطر التي يتحدثون عنها جانبية؛ حيث يقولون: «توقعاتنا لا تشمل انتشار وباء عالمي يؤدي إلى توقف النشاط الاقتصادي بشكل أساسي في كثير من المدن الكبرى» في العالم.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

تحسن نشاط الأعمال في منطقة اليورو

منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
TT

تحسن نشاط الأعمال في منطقة اليورو

منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)
منظر جوي لنهر السين وأفق منطقة لا ديفانس المالية والتجارية بالقرب من باريس (رويترز)

شهد نشاط الأعمال في منطقة اليورو تحسناً ملحوظاً هذا الشهر، فقد عاد قطاع الخدمات المهيمن إلى النمو، مما ساهم في تعويض الانكماش المستمر في قطاع التصنيع.

وارتفع «مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي» لمنطقة اليورو، الذي تُعِدّه «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 49.5 في ديسمبر (كانون الأول) الحالي من 48.3 في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رغم أنه بقي دون مستوى الـ50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد توقع انخفاضاً إلى 48.2.

وقال سايروس دي لا روبيا، كبير خبراء الاقتصاد في بنك «هامبورغ التجاري»: «نهاية العام جاءت أكثر تفاؤلاً مما كان متوقعاً بشكل عام. عاد نشاط قطاع الخدمات إلى منطقة النمو، مع تسارع ملحوظ في التوسع، مشابه للتوسع الذي شهدناه في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين».

وارتفع مؤشر قطاع الخدمات إلى 51.4 من 49.5، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى استقرار الوضع عند مستويات نوفمبر الماضي. ومع ذلك، فقد أظهرت البيانات أن الشركات لا تتوقع تحسناً سريعاً في النشاط؛ إذ حافظت على استقرار أعداد الموظفين بشكل عام، فقد تراجع مؤشر التوظيف في قطاع الخدمات إلى 50.1 من 51.0.

في المقابل، استقر مؤشر مديري المشتريات في قطاع التصنيع، الذي ظل دون 50 منذ منتصف عام 2022، عند 45.2 في نوفمبر، وهو أقل بقليل من توقعات الاستطلاع البالغة 45.3. كما تراجع مؤشر الناتج، الذي يغذي «مؤشر مديري المشتريات المركب»، إلى 44.5 من 45.1.

وأضاف دي لا روبيا: «لا يزال الوضع في قطاع التصنيع متدهوراً، فقد انخفض الناتج بوتيرة أسرع في ديسمبر الحالي مقارنة بأي وقت سابق من هذا العام، كما تراجعت الطلبات الواردة أيضاً».

وفي إشارة إلى استمرار تدهور الوضع، تواصل تراجع الطلب على السلع المصنعة في منطقة اليورو، فقد انخفض مؤشر الطلبات الجديدة إلى 43.0 من 43.4.

ومع ذلك، أظهرت البيانات تحسناً في التفاؤل العام، حيث ارتفع «مؤشر التوقعات المستقبلية المركب» إلى أعلى مستوى له في 4 أشهر، مسجلاً 57.8 مقارنة بـ56.1 في الشهر السابق.

وفي فرنسا، انكمش قطاع الخدمات بشكل أكبر في ديسمبر، رغم تباطؤ وتيرة الانكماش، وفقاً لمسح تجاري أجرته «ستاندرد آند بورز غلوبال». وارتفع «مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات» التابع لمؤسسة «إتش سي أو بي» إلى 48.2 في ديسمبر من 46.9 في نوفمبر الذي سبقه، متجاوزاً بذلك توقعات المحللين التي كانت تشير إلى 46.7.

كما شهد القطاع الخاص الفرنسي الأوسع تحسناً طفيفاً، حيث ارتفع «مؤشر الناتج المركب لقطاع إدارة المشتريات» إلى 46.7 من 45.9، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 45.9. ومع ذلك، تراجع نشاط التصنيع إلى أدنى مستوى له في 55 شهراً عند 39.6 مقارنة بـ41.1 في الشهر السابق.

وفي هذا السياق، قال طارق كمال شودري، الخبير الاقتصادي في بنك «هامبورغ التجاري»: «يظل قطاع الخدمات في حالة من الغموض، وباستثناء مدة قصيرة خلال دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس، فقد واجه مقدمو الخدمات صعوبة في تحقيق زخم للنمو».

وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن عدم الاستقرار السياسي، وضعف ظروف الطلب، كانا من أبرز التحديات التي ساهمت في انخفاض حاد بالتوظيف. وبيّن الاستطلاع أنه رغم التحسن الطفيف في ثقة الأعمال، فإن التوقعات لا تزال ضعيفة في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي.

أما في ألمانيا، فقد تراجع التباطؤ الاقتصادي بشكل طفيف في ديسمبر، لكن نشاط الأعمال ظل في حالة انكماش للشهر السادس على التوالي. وارتفع «مؤشر مديري المشتريات الألماني المركب»، الذي أعدته «ستاندرد آند بورز غلوبال»، إلى 47.8 من 47.2 في نوفمبر، رغم أنه ظل في منطقة الانكماش. وكان المحللون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا قراءة تبلغ 47.8.

كما ارتفع مؤشر نشاط الأعمال لقطاع الخدمات في ألمانيا إلى 51 خلال ديسمبر من 49.3 في نوفمبر، متجاوزاً التوقعات التي كانت تشير إلى 49.4. وفي هذا السياق، قال دي لا روبيا: «يمثل هذا التحسن في قطاع الخدمات توازناً جيداً مع تراجع الناتج الصناعي السريع، مما يبعث بعض الأمل في أن الناتج المحلي الإجمالي قد لا يكون قد انكمش في الربع الأخير من العام».

وكانت ألمانيا قد تفادت الركود الفني في الربع الثالث، لكن الحكومة تتوقع انكماش الناتج بنسبة 0.2 في المائة عام 2024 عموماً، مما يجعلها متخلفة عن بقية الاقتصادات العالمية الكبرى. وعانى الاقتصاد الألماني من تأثيرات ازدياد المنافسة من الخارج وضعف الطلب وتباطؤ الصناعة. بالإضافة إلى ذلك، أدى الخلاف حول الموازنة إلى إسقاط الائتلاف الثلاثي في البلاد، مما ترك أكبر اقتصاد في أوروبا في حالة من الغموض السياسي حتى الانتخابات المبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وقال دي لا روبيا: «لم يقدم قطاع التصنيع أي مفاجآت إيجابية في العطلات. هذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى الأخبار السلبية المستمرة حول الشركات التي تخطط لإعادة الهيكلة».

كما تدهور مؤشر التصنيع قليلاً، حيث انخفض إلى 42.5 من 43 في الشهر السابق، وظل بعيداً عن مستوى النمو. وكان المحللون يتوقعون زيادة طفيفة إلى 43.3.