سنوات السينما: أم العروسة

تحية كاريوكا في مشهد «أم العروسة»
تحية كاريوكا في مشهد «أم العروسة»
TT

سنوات السينما: أم العروسة

تحية كاريوكا في مشهد «أم العروسة»
تحية كاريوكا في مشهد «أم العروسة»

أم العروسة
‪‬1963‪)‬)
(جيد)
«أم العروسة» ما يزال أحد أبرز الأفلام التي حققها المخرج عاطف سالم (1921 - 2002) لجانب «قاهر الظلام» (1978) و«البؤساء» (1978) و«السلم الخلفي» (1973). الأبرز وليس بالضرورة الأفضل، خصوصاً إذا ما قورنت بالأفلام ذات الخط الاجتماعي أو الاقتباس الأدبي التي حققها صلاح أبوسيف وسعد عرفة وآخرون في تلك الآونة.
وهو اقتباس عن رواية لعبد الحميد جودة السحار قام به السيناريست عبد الحي أديب ووزع المخرج البطولة على عدد كبير من ممثلي وممثلات الصف الأول أمثال عماد حمدي وتحية كاريوكا ويوسف شعبان وحسن يوسف وعدلي كاسب وخيرية أحمد وسواهم.
حينها كان من المعتاد جمع الوجوه التي أثبتت حضورها الجماهيري بنجاح خلال العقود الماضية. سينما الستينات والسبعينات شهدت مثل هذه الأفلام التي كانت رأس حربة الإنتاج لجذب الجمهور الكبير و«أم العروسة» (على الأرجح) كان أكبر نجاحات عاطف سالم.
النوع الذي ينتمي إليه الفيلم هو النوع الاجتماعي. الحبكة يمكن تلخيصها إلى وضع الموظف المشهود له بالأمانة عندما يضطر لاختلاس بعض المال من الشركة التي يعمل فيها على أساس ردّه لاحقاً. السبب في ذلك أن ابنته ستزف قريباً وهناك مصاريف عليه تحملها في هذا المجال ولا يستطيع تأمين المبلغ من راتبه الشهري. هذا الوضع يشمل كذلك زوجته التي تدرك ما قام به زوجها وتنظر إلى الوضع الماثل بحكمة وحذر.
الفرصة متاحة هنا للحديث في عدة جوانب: الوضع المعيشي للموظف «الغلبان» والصداقة التي تدفع زميلاً له اكتشف الاختلاس فقام بسد بعضه وحفل الزواج الكبير الذي لم شمل عائلتين في جو من الحبور والفرح ثم الهم الكامن في الموظف ذاته لقاء ما قام بفعله ولو أن النهاية ستكون من النوع الذي يبتسم للمشاهد من بعد تكويم كل المنغصات والصعوبات الماثلة.
هذا يأتي تماشياً مع سياسة الدولة حينها التي شجعت الأعمال الأدبية والسينمائية المتفائلة، لكنها لم تقف بالمرصاد لأفلام لم تتبع هذ المنظور إلا في مرحلة لاحقة (السبعينات) ولعدد محدد من الإنتاجات التي تلت حرب 1967.
مما يؤكد ما نذهب إليه هنا هو أن لصلاح أبو سيف عدة أعمال اجتماعية ارتفعت فوق المستوى العادي (حتى وإن عولجت بقدر من السرد التقليدي) في تلك الفترة لم تكترث لكي تنتهي بتفاؤل أو ترسم ملامح نهاية سعيدة ومن بينها «بين السماء والأرض» و«الزوجة الثانية» والقاهرة 30».
طبعاً أفلام عاطف سالم لم تنزل إلى درك أفلام حسن الإمام التي - بالمقارنة - حملت الكثير من اللهو وعناصر الترفيه وأكثر من ذلك من نهايات سعيدة أو أخرى تراجيدية نظراً لهوى المخرج المذكور بالفواجع.
في المقابل، حافظ عاطف سالم على رقة المعالجة وجدية الطرح في أفلامه الدرامية أو الكوميدية على حد سواء. وكان لديه أسلوب عمل واقعي المنحى من حيث تفضيله عدم الشطط في عرض مواقف شخصياته بحيث يسكب عليها الهزل الشديد أو الوقع المغالي في تأثرها بما يقع لها.
«أم العروسة» بابتعاده كذلك عن الميلودراما واقترابه من الحس الاجتماعي المصري ضمن الحبكة الجادة في قضيتها، أعاد تقديم المخرج على مستوى مرتفع عن كثيرين سواه لم ينجزوا ما قام به من مزج الجدية بالترفيه.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

شاشة الناقد: أفلام كوميدية ورعب

غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)
غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)
TT

شاشة الناقد: أفلام كوميدية ورعب

غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)
غلين باول وأدريا أريونا في «هِت مان» (أ جي سي ستديوز)

HIT MAN ★★★☆

• إخراج: ريتشارد لينكليتر

• الولايات المتحدة | كوميديا.

بعد أشهر قليلة على مشاهدة الفيلم لأول مرّة، أفادت المشاهدة الثانية ملاحظة طريفة، وهي أن بطل الفيلم غاري (غلين باول) ليس قاتلاً محترفاً كما يشي العنوان («هِت مان» هو منفذ عمليات اغتيال وقتل). هو في الواقع أستاذ في علم النفس في جامعة نيو أورليانز يُعير خبرته إلى البوليس المحلّي في المدينة. المهمّة المسندة إليه هي إيقاع الراغبين في التواصل معه لتنفيذ مهمّة قتل في يد البوليس حال توكيله بالمهمّة. مهنته الجديدة هي نصبُ فخاخ قبل أن يجد نفسه في فخ محكم بطلته امرأة وقع في حبّها (أدريا أريونا).

ليس فقط أن الفيلم لا يحتوي على قاتل فعلي، بل لا يحاول جعل بطله يتصرّف كقاتل أيضاً. هو شخص لا يشكل خطراً على أحد، لكنه يقوم بواجبه حيال القانون ولو أنه سيواجه تلك المعضلة بين الواجب والعاطفة فيما بعد. كل هذا يمر في نبرة تشبه موسيقى الجاز غير الكلاسيكية.

سلوك الفيلم مع مشاهديه هو أيضاً مغاير للمعتاد. هناك انسيابٌ رائع يختلف وربما يتجاوز فيلم ديفيد فينشر حول قاتل محترف خرج في الفترة نفسها تحت عنوان «القاتل» (The Killer). نقطة الاختلاف، سهولة التواصل مع فيلم لانكلاتر في مقابل الانعطافات الكثيرة للأحداث التي في فيلم فينشر. يلتقي الفيلمان في أنهما متساويان في السّخرية ولو أن السّخرية في «هِت مان» جادة وخفيفة معاً.

الشخصية الماثلة (وهي نسخة من شخصية حقيقية لعبت الدور نفسه في الحياة الحقيقية) لا خلفية لها. هذا جيد من ناحية أن الفيلم يبقى سهل التلقي والتعامل مع بطله، لكنه يخفّف كذلك من عمق الدّلالات ويجعله أخف مما كان يؤمل له أن يكون.

• عروض: حالياً في صالات السينما

موريكية حارّة ★☆

• إخراج: هشام العسري

• المغرب | دراما اجتماعية

حملت أفلام المخرج المغربي هشام العسري مهمّة واحدة هي نقد الأفراد والمجتمعات والنظم الرسمية التي توجّه حياة أشخاص مغلوبين على أنفسهم. شاهدنا له كل ذلك في «إنهم الكلاب»، و«البحر من ورائكم»، و«جوّع كلبك» إلخ... حملت هذه الأفلام كذلك رغبة موازية وهي توفير أسلوب عمل متحرّر من الالتزامات التقليدية ومتّصلة باختيارات المخرج من سينما حرّة الأسلوب والمعالجة.

ما قُدّر في تلك الأفلام لا ينطبق كاملاً على فيلمه الأخير «موريكية حارة». هذا فيلم فالت لا من عقال التقليد فقط، بل كذلك من مواصفات أفلام العسري السابقة التي تميّزت بعناصر كتابة وإخراج أفضل ممّا هو متوفر لهذا الفيلم.

يدور حول امرأة شابة (فدوى طالب)، تبدأ حديثها للكاميرا بشتم كل شيء: الأفراد والمجتمع والمدينة والقيم المتوارثة. تمشي في المدينة حيناً. تلتقي بأشخاص آخرين حيناً وتلتفت للكاميرا حيناً آخر في نحو متتابع يفتقد، بعد قليل، من ضرورياته. هذا لأن الضروريات باتت روتينية التداول في فيلم قُصد به تفنيد كل وضع يعدّه الفيلم بشعاً. قد يكون بشعاً لكن التعبير عن بشاعته توازيه. هذا لجانب أن أسلوب الكاميرا المحمولة التي تهتز دائماً بيد مدير التصوير كما لو كانت الأرض تميد تحت قدميه، لا يسعف الطريقة المختارة لإخراج فيلم تصبح بطلته (التي تقوم بجهد طيّب ضمن المُتاح) مفتاح البانوراما المعروضة وشخصياتها المذنبة حسب وجهة نظر المخرج.

• عروض: منصّات.

EL CONDE ★★★

• إخراج: بابلو لاران

• تشيلي | سيرة

جسّدت شخصية دراكولا الشيطان منذ أن كتبها برام ستوكر قبل 127 سنة ونقلتها السينما (مئات المرّات) على هذه الصورة. في المقابل هناك المخلّص الذي يستعين بصليب (يجسّد الخير) والرصاصة الفضيّة، وهي الرصاصة الوحيدة التي تستطيع قتل دراكولا.

بولا لوشسينجر تطير في «الكونت» (موبي)

«الكونت» (بالأبيض والأسود) ليس سرداً إضافياً لحكاية دراكولا، لكنه يستعين بها لوصف شخصية الديكتاتور التشيلي أوغوستو بينوشي (مثّله خايمي ڤادل) ومن خلاله يصف الوضع السياسي والمجتمعي منذ كان ضابطاً في الجيش الفرنسي أيام ثورة 1789. الغاية الأولى، وصف أمثاله من الديكتاتوريين الذين ينتقلون من بلد لآخر وعبر أزمنة مختلفة ممارسين الحكم بالعنف والبطش وامتصاص دماء الناس والفساد والإثراء غير المشروع. بالنسبة للمخرج لاران، بينوشي هو نموذج، وما نراه هو رمز لأمثاله مُعالج هنا عبر حكاية رجل لا يستطيع أن يموت وزوجته لوسيا (غلوريا مونماير) التي تريد أن يحوّلها إلى مصاصة دماء لتعيش أبدياً، وأولاده الساعين لوراثته منتظرين موته. الأخت كارمن (بولا لوشسينجر) راهبة ومن أجلها يعدل بينوتشي عن الموت ويعود إلى عادته في مص الدماء. لكن كارمن تقرر أن تنقلب إلى دراكولا أنثى حباً في حياة أبدية أيضاً.

الدكانة جزء أساسي من الفيلم. التصوير بالأبيض والأسود (لإدوارد لاشمان) مناسب للغاية ليعكس المعنى المواكب لبيئة شخصياته. فيلم غريب التكوين من حيث الفكرة كما من حيث اختيارات المخرج من الأحداث ومزجها بالتاريخ. يسرد حكاية بينوشي جاعلاً منه نموذجاً لآخرين في الوقت الذي يتحدّث فيه عن أسطورة دراكولا. بعض التكرار في منتصفه، لكنه يبدأ وينتهي بما يشبه ناقوس الخطر. الديكتاتورية هي دراكولا ودراكولا هو الديكتاتورية بمفهوم سياسي مباشر.

• عروض منصّات

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز